السؤال
السلام عليكم ورحمة الله
أولا: لقد كتبت استشارة وتم الرد عليها، أشكركم من الأعماق لحل ماعجزت عنه.
ثانيا: لدي رهاب من القطط، في بادئ الأمر كان خوفا طبيعيا من الحيوانات لصغر سني، ولكن الآن تفاقمت المشكلة حتى أصبحت أراها في منامي وأستيقظ مذعورة.
الآن أصبحت أشعر بقلق عند خروجي للشارع، وأخاف من أبسط الأصوات والحركات، ظنا بأنها قطط، ليس هذا فقط بل في بعض الأحيان أتخيل وجودها، وأصبح مذعورة ولم تعد لدي القدرة على التحمل، ظللت أصطنع القوة أمام أسرتي وأني لم أعد أهابها حتى لا يخيفنني بها، ولكنهم لايقدرون مشاعري ظنا منهم أني فتاة مدللة تبكي عند رؤيتها للقطط! وكثيرا ما تعيرني أختي بأني مدللة وأريد لفت الانتباه، ما الحل؟ للتغلب على هذه المشكلة.
علما أنني أتقزز من الحيوانات بطبيعة حالي، فآخر شيء أفكر فيه هو لمسها، فهل يوجد حل آخر؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نورة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فشكرا لك على التواصل معنا، والكتابة إلينا مجددا، وسررنا باستفادتك من الأجوبة السابقة، فهذا ما نعتز به في خدمة المستشيرين.
يكثر الخوف بأشكاله المختلفة عند الناس، وإن كانوا قليلا ما يتحدثون عنه بسبب الخجل أمام الناس، ونسمي عادة هذا الخوف بالخوف أو الرهاب (phobia)، وقد يكون الخوف من شيء محدد كما هو الحال معك من الخوف من القطط، أو الخوف من حيوان آخر كالكلب أو غيره، أو الخوف من الأماكن العامة أو المزدحمة، أو الخوف من المرض.
وهناك الخوف من أمور غير محددة كالشعورالغريب وكأن أمرا ما قد يحدث، أو الخوف من المستقبل وما يمكن أن تأتي به الأيام.
والعادة أن يبدأ الشخص الذي يعاني من الخوف بتجنب الأشياء أو الأماكن التي يخافها، ظنا منه أن تجنب ما يخيف سيحسن من مشاعره، إلا أنه يكتشف أن خوفه هذا قد ازداد؛ لأن هذا التجنب لا يحل المشكلة وإنما يزيدها قوة وعنادا على العلاج.
ويقوم العلاج الفعال للرهاب وبشكل أساسي على مبادئ العلاج المعرفي السلوكي وهو أفضله، وبالرغم من فوائد العلاج الدوائي في كثير من الحالات إلا أنه يبقى العلاج الأكثر فعالية للخوف أو الرهاب هو العلاج المعرفي السلوكي، وهو محاولة تغيير السلوك وعدم الاستسلام للأفكار الرهابية، وقد تحتاج لتطبيق هذه المعالجة مراجعة إما طبيب نفسي أو أخصائي نفسي حيث تعيش، وهو يمكن أن يشرف على العلاج المعرفي السلوكي بالإضافة للعلاج الدوائي.
حاولي أن تقتحمي المجالات والأماكن التي تخافينها لاعتقادك وجود القطط فيها، أو غيرها من المواقف، وستلاحظين ــ وبعد قليل من الوقت ــ أنك بدأت تتكيفين مع هذه القطط، وأن خوفك إما اختفى بالكلية، أو على الأقل أصبح أخف مما كان عليه.
وأنا أنصح عادة أن يقرأ المصاب وأسرته وخاصة التي قد لا تقدر طبيعة مشاعر المصاب وعواطفه عن طبيعة الخوف أو الرهاب؛ بحيث يتعرفون على طبيعة هذا الرهاب، وكما يقال إذا عرف السبب بطل العجب.
فأمامك الآن خياران:
الأول: أن تقومي من نفسك بالبدء بمواجهة القطط، وربما تبدئين بالنظر لصور القطط، ولاشك أن هذا سيكون مزعجا في البداية، إلا أن الأمر سيتحسن تدريجيا.
والثاني: أن تأخذي موعدا مع طبيب نفسي أو أخصائي نفسي، ممن يمكن أن يؤكد التشخيص ويستبعد أمورا أخرى، ومن ثم يرسم لك الخطة العلاجية.
ومما يفيد أن تقومي بتمارين الاسترخاء أو التنفس الهادئ عندما تجدين نفسك في موقف مزعج، كأن يكون أمام القطط أو صرف انتباهك لأمر آخر غير هذه الأعراض، وهذه المشاعر كالرياضة أو غيرها من الهوايات والأنشطة المفيدة.
وأدعوه تعالى أن ييسر لك الخير، ويعينك على تجاوز هذه المرحلة التي أنت فيها.