السؤال
السلام عليكم
أعاني من لوني الأسود، وأريد تفتيح بشرتي، كل يوم معاناة، ومعاملة عنصرية، كل من رآني ضحك على شكلي، مع العلم أني لست قبيحا، لكن مشكلتي هي سوادي الزائد، كلما أخرج، أو أذهب للمدرسة يناديني أحدهم بالعبد، أو المحروق، أو الأسود، فأضربه وتحدث المشاكل، لم أعد أحب الذهاب للمدرسة، ولا القراءة، حتى أن بعض الأساتذة يلقبوننا ألقابا عنصرية، لم أعد أحب أن أرى وجهي في المرآة، فكلما رأيت وجهي، أقول لماذا يا ربي لماذا؟ حتى أنني لا أصلي، وأقول لنفسي لماذا هم هكذا، وأنا أسود؟ ولي ثلاث سنوات عندي أرق، أفكر في قدري ولا أنام، وهذا الشيء مؤثر في نفسي جدا، فهل أقوم بتبييض بشرتي أم أن تغيير الخلقة محرم؟
وشكرا جزيلا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مبارك حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
من المعروف -أخانا الكريم- أن لكل شخص عددا ثابتا من الخلايا الصبغية التي تفرز مادة الميلانين الصبغية، والتي تعطي اللون للجلد، ويختلف نشاط هذه الخلايا من شخص إلى آخر، ومن عرق إلى آخر، وفي نفس الشخص قد تختلف درجة اللون من مكان لآخر، ويعتبر ذلك شيئا فسيولوجيا وطبيعيا، ولا يمكن تغيير لون الشخص؛ لأنه مرتبط بتكوينه الجيني، ولن تفيد العلاجات المتاحة في علاج مشكلتك بالشكل الذى تتوقعه، وأنصحك بتقبل ما حباك الله به، ولا تجعل تلك الأشياء تؤثر على تواصلك مع المجتمع وإقبالك على الحياة.
أتمنى لك التوفيق والسعادة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهت إجابة د. محمد علام استشاري الأمراض الجلدية/ وتليها إجابة الشيخ موافي عزب مستشار الشؤون الأسرية والتربوية:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكما يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، وبخصوص ما ورد برسالتك ابننا الكريم الفاضل مبارك، فإنه مما لا شك فيه أن المجتمع الذي لا يلتزم بضوابط الشرع يكون منزعجا للإنسان الذي يختلف عنه نوعا ما، وأحيانا قد يصل الحال بالمجتمع إلى أن يسلك سلوكا يسبب إزعاجا شديدا لأحد أعضائه الذين لا ذنب له فيما أتاه الله إياه، ولذلك اعتبر النبي صلى الله عليه وسلم مثل هذا النوع من التصرف نوعا من أنواع الجاهلية، فقد ورد أن أحد الصحابة رضي الله تعالى عنه عير خادمه بقوله: "يا ابن السوداء"، فقال النبي صلى الله عليه وسلم له: (أعيرته بأمه إنك امرؤ فيك جاهلية).
وهذا التصرف تصرف غير محمود شرعا، ومما لا شك فيه أنه نوع من الجهالة؛ لأننا نعلم جميعا أن الإنسان لا يملك شيئا في نفسه، وقد يملك سيارة، وقد يملك عقارا، وقد يملك مالا، وقد يملك أشياء كثيرة، أما نفسه فهو لا يملكها؛ لأنها مملوكة لله تبارك وتعالى، والله تبارك وتعالى أخبرنا بقوله: {هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء}، فهذه إرادة الله تبارك وتعالى جل وعلا، ولم يختر أي واحد من بني آدم هيئته التي هو عليها، وإنما الذي خلقه الله، وخلقه بطريقة قائمة على حكمة، وعلم، وإرادة، وهذا اللون الذي أنت فيه إنما هو نوع من ابتلاء الله تبارك وتعالى لك ولغيرك؛ ابتلاك الله تبارك وتعالى ليعلم صدق إيمانك، وهل ستصبر على قدر الله تبارك وتعالى، أم ستتسخط عليه، وابتلى المجتمع بك ليعلم أيضا هل هؤلاء الناس يعظمون خلق الله تبارك وتعالى، أم أن بهم سفاهة وجهالة يعتبرون ذلك نوعا من العيوب التي يتدخل الإنسان فيها؛ رغم أن الكل يعلم يقينا أنك لا دخل لك في اختيار لونك، كما أنه لا دخل له في اختيار لونه، كما أننا لا دخل لنا في اختيار أسمائنا وآبائنا وأمهاتنا، كذلك لا دخل لنا في اختيار ألواننا.
فيجب عليك أن تعلم أن هذا نوع من الابتلاء من الله تبارك وتعالى لك، والابتلاء كما تعلم أنه إن صبر الإنسان عليه، واحتسب أجره عند الله تعالى كان من أهم عوامل دخول الجنة؛ لأنك تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أحب الله عبدا ابتلاه، فإن رضي فله الرضا، وإن سخط فعليه السخط)؛ لذا أنصح بارك الله فيك بالرضا بما قدره الله لك وقضاه، وأنت مما لا شك فيه أهون من غيرك من أصحاب الإعاقات الكاملة، أو الناقصة التي لا يستطيعون أن يحركوا أجسادهم، أو أن يتحركوا لإعاقتهم لقضاء حاجاتهم، فكم من إنسان قد شلت إحدى يديه فأصبح عاجزا، بل قد شلت يده أو يداه جميعا، وقدماه معا، وأصبح قطعة من اللحمة تشكل عبئا على المجتمع من حوله، ويتمنى الموت، فلا يجده إذا لم يكن مؤمنا، أما أنت -فلله الحمد والمنة- فتذهب وتجيء، وكل الذي يحدث لك إنما هو نوع من الاستخفاف من الجهلة.
أما العقلاء فيستحيون أن يقعوا في هذا المنعطف، أو هذا الكلام الساقط الذي لا يمت إلى الإسلام بصلة.
واعلم أخي مبارك: أن العلماء نصوا على تحريم تغيير اللون؛ لأن هذا من خلق الله تبارك وتعالى الذي أراده الله لك، وتغييره تغيير لخلق الله تعالى، وأنت تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الواشمة والمستوشمة لعن المغيرات لخلق الله، فتغييرك للون البشرة بصفة دائمة هو نوع من اعتراضك على قضاء الله وقدره وتغيير لخلق الله تبارك وتعالى، وهذا لا يجوز شرعا، بل إنما هو عمل من أعمال الشيطان، كما قال الله تعالى: {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله}.
فأنا أرى أن ترضى بما قسمه الله تبارك وتعالى لك، وألا تلتفت كثيرا إلى هذه العبارات الساقطة التي قد تستمع إليها من جاهل أو سفيه، إنما عليك أن تقول: "اللهم ارزقني الرضا بما قدرته لي، وقضيت، وأعني على أن أتحمل أذى الناس"، ومن الممكن بارك الله فيك، وإذا كنت متذمرا بوجودك في بيئة يتجرئون فلا بأس أن تنتقل إلى مكان آخر جديد إذا كانت لديك فرصة في ذلك؛ لعلك أن تجد فيه من لا يقع في هذه السخرية والتجرؤ المحرم.
وبالله التوفيق.