شعور القلق والحيرة يداهمني باستمرار، فكيف أتخلص منه؟

0 369

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

مشكلتي باختصار بدأت بعد أدائي لفريضة الحج، حيث تعرضت لازدحام شديد وتدافع داخل منطقة الرمي، وأحسست بالموت أمامي، ولا نجاة لي منه، ولكن -بفضل الله تعالى- تم إنقاذنا، بعد النجاة مباشرة وفي داخل الموقع أحسست بخوف رهيب وضربات في القلب سريعة جدا، وإحساس بالإغماء، وألم شديد في المعدة، ورعشة في باقي الجسم.

تمت تأدية الفريضة بأكملها وعدنا الى بلدنا، وبعد قرابة أسبوعين من وصولنا سمعت بخبر وفاة والد أعز صديقاتي، مع العلم أنه لم يكن كبيرا في السن، ولم أعلم مدى خطورة مرضه، فصعقت من خبر وفاته بشكل كبير جدا، وأصبحت شديدة التفكير بصديقتي وما تشعر به، حيث إنها كانت مغتربة تدرس بأمريكا، بعد ذلك بفترة حادثتني إحدى أخواتي التي كانت تسكن بمنطقة غير منطقتنا، وأصبحت تشكو من أعراض جسمية ونفسية تشعر بها، وأنها راجعت طبيبا نفسيا وشخص حالتها بأنها قلق نفسي، بعدها ببضعة أيام أتت أختي المصابة إلى المنزل وكنت أحادثها وأطمئنها وأحاول انتشالها مما هي فيه، وبعد قرابة يومين أحسست بنفس الأعراض التي تشكو منها أختي، وبدأ الخوف والقلق يجتاحني، كيف أصبحت مريضة نفسيا؟ وكيف أتخلص من هذا المرض؟ وكيف سأخبر والداي به؟ مع العلم أنهم لم يقصروا في حقي أبدا.

بعدها انهارت قواي، واضطررت إخبار والدتي وأخواتي بما أشعر به، وأنني في حال اجتماع العائلة لا أستمتع نهائيا بوجودهم ولا بضحكهم، بل أشعر أنني في دوامة مع نفسي، والألم الشديد في معدتي، وقلة الشهية تكاد تصل إلى الصفر.

قاومت نفسي حوالي 10 شهور، بعدها أحسست تدريجيا أن الحالة بدأت تخف 50%، ولكن أشعر بها في حال أي تغير يطرأ علي، مثلا عندما يقررون الذهاب إلى رحلة للبر أو البحر أو الذهاب للسياحة في أحد بلدان الخليج القريبة، مع العلم أن رحلة البر لا تتجاوز بضع ساعات، وكذلك الذهاب إلى إحدى المدن لا يتجاوز 24 ساعة، ومع ذلك أشعر بالخوف والقلق وعدم الارتياح، ولكن لا أرفض الذهاب، بل أضغط على نفسي وأذهب.

بعد مرور شهرين، بدأت أشعر أنني شفيت تماما، وأنني لا أعاني من أي شيء، بعد ذلك صدمنا بحالة وفاة طفل غريبة من جماعتنا، وكانت أختي المصابة بالقلق بجانبي، وتأثرت من هذا الخبر، وبعدها أخبرتني بأن حالة القلق قد عادت إليها، وقمت بنصحها وأنني مررت بنفس تجربتها، وأنها قادرة على التغلب عليها، بعد أسبوع أتت إلينا أختي وهي منهارة من حالة القلق وتعبة للغاية، حيث إن زوجها معظم وقته في العمل، ولديها طفلان ونحن لسنا بالقرب منها.

منذ اللحظة التي رأيتها وأحسست بشعورها عاودتني حالة القلق والخوف والشعور بالغثيان والاضطراب الشديد، ولم أستطع التحدث مع أي كائن، مراعاة لهم وخصوصا والدتي، لا أريد أن أشكل عليها ثقلا وحملا آخرا، بعدها أصبحت أشعر بعدم مصداقية الكون حولي، وكيفية وجودي في الحياة، وكأنني جديدة عليها، وأسئلة: كيف سأتحمل العيش في هذه الحياة؟ ماذا أفعل لو فقدت أحد أحبابي؟ كيف خلقنا الله؟ كيف أن نهايتنا هي الموت؟ كيف أن الله موجود؟ ماذا لو أصبت بمرض لا أستطيع تحمل ألمه؟ وأسئلة على هذه الشاكلة.

الآن مرت قرابة الشهرين -والحمد لله- خفت هذه الحالة، ولكن لا تزال موجودة، تأتي بين الحين والآخر، متفاوتة في المدة والشدة، وفي بعض الأيام أستيقظ من النوم وأنا في هذه الحالة، مع العلم أنني أكون تعبة جدا، وغير متوقع أن أستيقظ قبل الثلاث ساعات الأولى من نومي على الأقل، ولا أعود إلى النوم إلا بعد مضي ساعتين من جلوسي، وهذه المرحلة ترهقني جدا.

أنا الآن مخطوبة حديثا، وخائفة من هذه الحالة مع تغيرات الحياة، مثل السفر، أو الجلوس لوحدي أثناء فترة عمل زوجي، أو في الحمل ومشاكله إلى آخره، أي أنني لا أستطيع السيطرة على نفسي، ومع ذلك عدم قدرتي على البوح بما أشعر به، وفي نفس الوقت خائفة أنني لو شرعت في استخدام العلاج النفسي أنه لا ينفع مع الحمل، أو أن يكون ذا تأثير سلبي على حياتي الزوجية، أو أنه يهدئني فترة ما، ومجرد ما أقطعه بشهر أو شهرين تعاودني الحالة بشكل أقوى.

أنا الآن محتارة في أمري، تعبت جدا ولكن لا أعلم ماهو الصح من الخطأ، أفيدوني جعلني الله وإياكم في الفردوس الأعلى، وفرج الله همي وهمكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Sara حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لا شك أن الإنسان هو أفكار وكيان، ومشاعر ووجدان، والناس تتفاوت في مشاعرها وفي تحملها لما يمكن أن نسميه بالصدمات العصبية والنفسية، ومن الواضح أنك من النوع الذي تحمله قليل بعض الشيء، ولديك الجانب الوجداني التخوفي واضح وقوي، وهذا ليس مرضا بالطبع، هذه ظاهرة، وتفاعلك للأحداث الحياتية بهذه السلبية أصبح يأخذ الطابع الوسواسي، لدرجة أن التساؤلات عن نفسك وعن الكون وعن الوجود أصبحت تشغلك، وهذه قطعا من صميم الوساوس.

خلاصة الأمر أنني أرى أن شخصيتك لديها القابلية للقلق والمخاوف والوساوس، وهذا الخوف الافتراضي الذي يهدد كيانك يمكن التغلب عليه من خلال تحقير فكرة الخوف، وأن تكوني أكثر قوة، وأن تكوني أكثر ثباتا، وأن تقاومي، وأن تقتحمي الفكر السلبي.

ليس من المفترض أن يقبل الإنسان كل فكرة تأتيه، هذا خطأ كبير، وحين تأتيك فكرة سلبية انظري إلى الفكرة الإيجابية المقابلة لها، وركزي على الفكرة الإيجابية، بل كرريها عدة مرات حتى ترسخ في ذهنك وفي كيانك، واعتقد أن هذا سوف يساعدك على التغلب على الكثير من مخاوفك ووساوسك التي تتحدثين عنها.

أنا أرى أنه لا بأس أبدا من أن تتناولي دواء بسيطا مضادا، على قدر الوساوس والمخاوف لفترة قصيرة، وليس هناك ما يجعلك تقلقين حول الزواج، فتناولي الدواء، فالأدوية الآن سليمة وفاعلة، وانت لا تحتاجين للدواء لفترة طويلة.

أريدك أن تذهبي وتقابلي الطبيب النفسي أو حتى الطبيب العمومي يمكن أن يساعدك في اختيار أحد هذه الأدوية، وأعتقد أن عقار زولفت والذي يعرف علميا باسم (سيرترالين) لمدة ثلاثة أشهر فقط، سيكون دواء جيدا فعالا وينفعك كثيرا، ولديه قاعدة علاجية ممتازة، وأقصد بذلك أن تناول الدواء سوف يؤدي إلى إزالة القلق والخوف والوسواس، هذا سوف يشكل دافعا نفسيا إيجابيا جدا يجعلك في المستقبل تحقرين فكرة الخوف والقلق دون أن تتناولي الدواء.

هذا هو الذي أنصحك به، وأسأل الله -تعالى- لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات