السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أشكر لكم جهودكم الجبارة في هذا الموقع، والذي يعتبر متنفسا مضمونا لمن لديه استشارات.
أما عن استشارتي: فأنا فتاة مخطوبة منذ 7 أشهر، مرتاحة مع خطيبي ولله الحمد.
لكن ما يؤلمني هو اعتراف خطيبي لي -بعد ثاني مكالمة بيننا- بإصابته بمرض السكري، أنا لم أكن أعرف قبل أن تتم الخطبة، وأحيانا أشعر بالقهر؛ لأني أشعر أنه خدعني!!
خطيبي توجد فيه صفات من الصعب جدا أن ترفضه أي فتاة، وحتى عندما صارحني لم ألق بالا للموضوع حتى لا أحرجه.
سؤالي:
- هل تعتقدون أن خطيبي خدعني؟
- هل مرض السكري يمكن أن ينتقل إلى أبنائي، مع العلم أنه مصاب به وعمره 15 سنة؟
- ما هي تأثيرات مرض السكري عليه؟ وكيف يمكنني التعامل معه؟
- ما مدى تأثيره على المدى البعيد؟
علما بأنه يتعالج بالأنسولين، عمره الآن 26 سنة.
أكرر الشكر لجهودكم مرة أخرى.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أسماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك ابنتنا الفاضلة، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على كل أمر يرضيه، ونشكر لك أيضا الثقة وداوم التواصل مع الموقع، ونتمنى دائما أن يستمر هذا التواصل، ونسأل الله أن يسعدك مع هذا الخاطب الذي ذكرت أنه قل أن ترفضه فتاة لما فيه، أو قل أن تجتمع فيه مثل هذه الصفات في إنسان آخر، فهنيئا لك بهذا الرجل.
ونحب أن نؤكد لك أن مرض السكري أصبح مرضا معروف في هذا العصر، ومشهور ومنتشر، وأن أعدادا كبيرة جدا من البشر مصابه به، وأنه مرض يمكن التعايش معه، ولكننا سنترك في النهاية الرأي الطبي لأهل الاختصاص، والدكتور الفاضل سيعطيك الإجابة في هذا المجال.
أما من الناحية الشرعية: فنحب أن نقول: كونه أخبرك بعد ثاني مكالمة أو ثالث مكالمة أو لم يخبرك؛ فإن هذا من الأمور التي لا تتعلق مباشرة بالعيوب التي يمكن على أساسها الرفض، وأنت بالخيار، والخطبة ما هي إلا وعد بالزواج لا يبيح للخاطب الخلوة بمخطوبته والخروج بها، والهدف من الخطبة هو تحقيق التعارف والتعرف على مثل هذه الأمور، والتعرف على الصفات الأخرى والتعرف على الطرفين، ومن حق كل طرف أن يسأل ويبحث وبعد ذلك إن أراد أن يكمل فبها ونعمت، وإن أراد الأخرى فالأمر بالخيار؛ لأن الحياة الزوجية تقوم على الوفاق والاتفاق والرضا والقبول.
وأنت عندنا في مقام البنت، ولا نرى هذا سببا للرفض، وكما قلنا الرأي الحاسم لك بعد سماعك لرأي الطبيب المختص بهذه المسألة، ولا نرى في الأمر خدعة؛ أي طالما هو أخبرك بعد الخطبة، وأخبرك في هذا الوقت دون أن ترتبطي به، ودون أن تتم وتكتمل مراسيم الزواج، هكذا فهمنا من السؤال.
وعلى كل حال: لا ينبغي أن يأخذ الأمر أكبر من حجمه، وأسعدنا أنك كنت صاحبة ذوق ورائعة فلم تحرجيه، واستمعتي للأمر بهدوء، وها أنت تستشيري الموقع، ونحن من الناحية الشرعية نرى أن الشاب المتدين الذي فيه صفات عالية عملة نادرة ولا ينبغي للفتاة أن تفرط فيه.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك وله الخير حيث كان ثم يرضيك به.
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
انتهت إجابة د. أحمد الفرجابي (مستشار الشؤون الأسرية والتربوية)، وتليه إجابة د. وليد البدوي (استشاري الأمراض الباطنية والهضمية وأمراض الكبد).
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
بعد الشكر الجزيل لثقتك بموقعنا في أمر هام ومستقبلي في حياتك؛ فإني أسأل الله أن يمن عليك بالخير والصواب فيما تختارين.
بالنسبة لمرض السكري، والذي يعاني منه ملايين من البشر، وحظي بكثير من الدراسات والبحث في أسبابه وعلاقة الوراثة به، وكذلك التطور اليومي في معالجاته، وبات الكثير من الشخصيات المهمة والمؤثرة في مجالات الحياة كافة وعلى مساحة عالمنا ممن يعانون من الداء السكري.
أما حالة خطيبك الذي أصيب بالسكري بعمر 15 سنة: فهو وحسب تصنيف الداء السكري من النوع الأول من مرض السكر IDDM: وهو السكري المعتمد على الأنسولين.
وحول موضوع وراثة الداء السكري: فهي تشكل جزءا من الأسباب، ولابد دائما من توفر عوامل بيئية لتعاضد نسبة الإصابة به.
وللنوع الأول من مرض السكر IDDM: هناك دلالات كثيرة عن وجود عوامل وراثية في هذا النوع؛ ولذلك في بعض الأحيان نشاهد بعض الأسر لديهم أكثر من طفل مصاب بهذا النوع من السكر، ولكن العوامل الوراثية ليست قوية؛ ولذلك فإن حدوث إصابة لطفل في العائلة أو في أحد الأقارب لا يعني بأي حال أن هذا المرض سوف يصيب الآخرين.
وإليك أختي الفاضلة بعض النسب الحسابية التي تتحدث عن احتمال الإصابة بهذا النوع من مرض السكر:
• إذا كانت الوالدة مصابة بالنوع الأول من مرض السكر: فإن احتمال إصابتك بنفس المرض هي 3%.
• إذا كان الوالد مصاب بالنوع الأول من مرض السكر فإن احتمال إصابتك بنفس المرض هي 9%.
• إذا كان الأبوين مصابين بالنوع الأول من مرض السكر: فإن احتمال إصابتك بنفس المرض هي 30%.
• إذا كان الأخ أو الأخت مصاب أو مصابة بالنوع الأول من مرض السكر: فإن احتمال إصابة الإخوة الآخرين بنفس المرض هي 10%.
• إذا كان الأخ التوأم (غير المتطابق) مصاب بالنوع الأول من مرض السكر: فإن احتمال إصابة الآخر بنفس المرض هي 20%.
• إذا كان الأخ التوأم (المتطابق) مصاب بالنوع الأول من مرض السكر: فإن احتمال إصابة الآخر بنفس المرض هي 35%.
هذه النسب توحي أن هناك عوامل وراثية وغير وراثية تلعب دورا في الإصابة بهذا المرض (النوع الأول من مرض السكر IDDM)؛ ولذلك فإن مرض السكر يصنف وراثيا على أنه من الأمراض التي تنتقل بما يسمى بالوراثة المتعددة الأسباب.
ومن علامات هذا النوع من الأمراض: أن احتمال الإصابة تزيد كلما زاد عدد المصابين في الأسرة، وتقل كلما قل عدد المصابين، ويجري العلماء جهودا حثيثة في اكتشاف العوامل الوراثية المسببة لهذا المرض.
ولا شك أنه أيضا يوجد عوامل وراثية تحمي من المرض، وفي نفس الوقت فإن هناك عوامل بيئية في المحيط الذي حولنا تلعب دورا مهم في الإصابة بهذا المرض (النوع الأول من مرض السكر IDDM) أو الوقاية منه.
بل هناك دلائل عديدة تدل على أن بعض الفيروسات قد تكون هي التي حفزت جهاز المناعة في الجسم بالهجوم الذاتي على خلايا البنكرياس، وأدت إلى تدميره عن طريق الأجسام المضادة التي تصنعها خلايا الدم البيضاء، والتي تسمى بالخلايا اللمفاوية.
إن المعالجة الجيدة، وتنظيم المريض لطعامه، ونشاطه الرياضي، ولكل التدابير الهامة في حياة مرضى السكري؛ يجعل من الاختلاطات وآثار الداء السكري قليلة، وسريعة الاستجابة للمعالجة.
ورغم ذلك فهناك العديد من الآثار والاختلاطات سيصاب بها نسبة من مرضى (النوع الأول من مرض السكر IDDM)، ويبقى الأثر البعيد والمستقبل لديهم جيدا كلما كانت المعالجة والإجراءات والتدابير الخاصة بهم مثالية.
مع تمنياتي لك بالتوفيق فيما تختارين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.