السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أتمنى نصيحتكم، فقد لاحظت على نفسي بأني أصبحت حساسة ولا أثق في الناس، لأني كلما تعرفت على صديقة اكتشفت بأنها إنسانة كاذبة، وتعاملني كأني إنسانة عادية ولست صديقة تخاف عليها وتثق بها، وتحاول أن تقهرني في مواقف شتى.
أتمنى نصيحة من خلالها أتعامل مع الغير بدون حساسية، أو خوف على مشاعرهم، أتمنى أني أكون شيئا كبيرا في المستقبل ولكن لا أعرف كيف؟
أصبحت أهتم لكلام الناس وأراقب أفكارهم وحركاتهم وأحاديثهم، وأجلس طول وقتي وأنا أفكر وبالي مشغول، وحتى في وقت الدراسة لا أستطيع أن أدرس، فبالي مشغول بهم، وأصبحت من شدة التفكير لا أستطيع التركيز في المحاضرات ولا في الكلام الذي حولي، وأصبحت آخذ رأي الناس في كل شيء، وأقول أي كلام يخطر في بالي بدون أي تفكير.
أتمنى الرد علي في أسرع وقت.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك -ابنتنا الفاضلة- ونشكر لك التواصل مع الموقع، ونؤكد لك أن وجود الإنسان مع الجماعة والناس له ضريبة وله ثمن، ورضا الناس غاية لا تدرك، والعاقلة تسعى في إرضاء الله -تبارك وتعالى-، وتتزن في تعاملها مع الناس، ولا بد أن ندرك أن الناس أصناف وألوان، والمطلوب هو مداراة الناس ومعاملتهم بحسب ما يقتضيه حالهم، فإذا صادقت بخيلة فلا تسأليها من مالها، وإذا صادقت من عندها عصبية فتجنبي ما يثير عصبيتها، وإذا صادقت من لا تحب المزاح فلا تمزحي معها، هكذا الناس كالمعادن يختلفون فيما بينهم في الصفات وفي المؤهلات، والمطلوب هو المداراة، وجود الإنسان في جماعة له ثمن، والإنسان عليه أن يؤدي ما عليه ولا يبالي بالناس وتصرفاتهم، فإن من راقب الناس مات هما.
نؤكد لك أنك -ولله الحمد- عندك مشاعر نبيلة، ولكن لا تحملي نفسك فوق طاقتها، فحياة الناس لا تخلوا من الأخطاء، والتعامل معهم ينبغي أن يكون على الفطرة، ولا تسارعي في الدخول في الصداقة مع إحداهن دون أن تتعمقي في معرفة صفاتها حتى لا تصدمي بعد ذلك من مواقفها، واعلمي أنك لن تجدي صديقة بلا عيوب، كما أنك لست خالية من العيوب، ولذلك كانت المؤمنة التي تخالط الناس وتصبر على أذاهم خير من التي لا تصبر ولا تخالط.
اتقي الله في نفسك ولا تحملي نفسك فوق طاقتها، واعلمي أنه لا يوجد إنسان إلا وفيه إيجابيات وله سلبيات، والنجاح هو أن نستثمر الإيجابيات، وأن نغض الطرف ونتماشى ونتأقلم ونتعامل مع ما عند الإنسان من نقص من أجل أن نساعده في الخروج من نقصه إن استطعنا، وإلا فعلينا أن نداريه ونحاول أن نتعامل معه بما يرضي الله -تبارك وتعالى-.
المسألة بسيطة، وينبغي أن لا تفكري بهذه الطريقة، فإن هذا يرهقك، ورضا الناس غاية لا تدرك -كما قلنا-، والعاقلة تسعى في إرضاء الله، فإذا رضي الله عن الإنسان أرضى عنه خلقه وألقى له القبول في أرضه سبحانه وتعالى، قال العظيم في كتابه: "إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا".
نسأل الله لك التوفيق والسداد والهداية، ونشكر لك التواصل مع الموقع، ونؤكد أن الاستشارة المكتوبة تدل على نضج ووعي، ولكن نتمنى أن تأخذي الأمور بالتساهيل، وأن تأخذي الأمور بالعفوية، أن تأتي للناس بما تحبي أن يأتوك به، ولا تكلفي نفسك فوق طاقتها.
نسأل الله لك التوفيق والسداد والهدايا.