السؤال
السلام عليكم
بارك الله في القائمين على هذا الموقع المبارك.
عندي وسواس قهري في الوضوء والصلاة والطهارة والعقيدة، أحيانا يزيد وأحيانا يخف، وقد وصف لي الطبيب (الفافرين) أخذته فترة ثم توقفت عنه، فعادت حالتي مرة أخرى لما كانت عليه، وأنا محرجة جدا من الطبيب، فلن أستطيع الذهاب إليه مرة أخرى, فأنا لا أستطيع أن أبوح له بكل شيء عن حالتي, وبالذات أمام أهلي؛ لأنهم لن يتفهموا طبيعة المرض، ولن يتفهموا وسواسي في العقيدة بالذات.
أنا لدي وساوس إلحادية في العقيدة، ولكن قرأت في موقعكم بأن هذا خلل، فأصبحت أحاول التجاهل قدر جهدي، فهل سيؤاخذني الله على ما في نفسي إن شككت؟ فمهما حاولت أن أتعلم كيف أدفع تلك الوسواس أجد نفسي تقول: وما أدراك أن هذه الكتب صحيحة، وما أدراك أن الإسلام دين صحيح؟ وأخشى أن أموت على هذه الحال.
وأما النوع الآخر من الوسواس فهو في النية، فهذا الوسواس أجهدني؛ لأني لا أستطيع الجزم أبدا بأني أريد الصلاة أو الوضوء، ولا أستطيع استحضار النية، فبمجرد أن أفكر بأني سأصلي أجد نفسي تقول: لا، لن أصلي الآن، وأتردد جدا، حتى إني أدفع نفسي دفعا لبدء الوضوء أو الصلاة، وأجد صعوبة شديدة في رفع يدي للتكبير، وأنا في تلك الحال، فلا أستطيع التكبير بسهولة، أو الاغتسال.
هل أقاوم وأنا في تلك الحال، وأبدأ مباشرة مهما ترددت؟ ومهما أحسست بأني لن أتوضأ، ولا أردد في نفسي أني أريد الوضوء أو الصلاة، وهل النية يجب أن تكون في بداية الوضوء والصلاة؟
بالله عليكم، أرشدوني ولا تتجاهلوا سؤالي، ولا تحيلوني لاستشارات أخرى؛ لأني حاولت قراءة أغلب الفتاوى في موقعكم المبارك، ولكن أريد إرشادي إلى ما أفعله سلوكيا؛ لأني كثيرا ما أحاول الوضوء والصلاة، وأفشل وأتراجع، ووصل بي الحال إلى أن أجمع صلوات يوم كامل أحيانا، ويكون بصعوبة أيضا، ولكن أقول في نفسي حتى لو كانت الصلاة باطلة فإن ربي رحمن رحيم، ولا يكلف نفسا إلا وسعها، وأيضا في الطهارة والاغتسال أحاول توصيل الماء لكل جزء، ولا أعلم ما هو التصرف الصحيح.
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أتفق معك، أنت محاصرة بالوسواس القهري، شيء من هنا وشيء من هناك، وأصبحت مكبلة في دائرته بالدرجة التي اضطررت فيها إلى جمع الصلوات، وأنا أود أن أحمل لك بشارة، وهي أن الوساوس يمكن أن تعالج، هذا هو المبدأ الذي يجب أن يرسخ في كيانك ووجدانك، والعلاج جله بيدك، هنالك العلاج الدوائي، وهنالك العلاج السلوكي.
هذا النوع من الوساوس نحن ننصح أصحابه بأن يبدؤوا بالعلاج الدوائي، ولا يكون هنالك تركيز كبير على العلاج السلوكي في بداية الأمر؛ لأن الذين يعانون من الوسواس بهذه الحدة -خاصة الوسواس الديني- تصعب على أنفسهم جدا المقاومة لهذا النوع من الوسواس، وهذا يؤدي إلى الإحباط الشديد، لذا نقول: دعونا نبدأ بالدواء.
فيا -أيتها الفاضلة الكريمة-: إن تمكنت أن تذهبي للطبيب النفسي، فهذا أمر جيد، وإن لم تتمكني فليست هنالك مشكلة، فالأدوية التي تستعمل أدوية بسيطة وسليمة، وأنا أعتقد أن عقار فافرين ممتاز، وكذلك عقار بروزاك، والذي يعرف باسم فلوزاك في مصر، كلاهما جيد، وكلاهما فاعل، وكلاهما ممتاز.
هذه المرة يمكنك أن تبدئي بالفلوزاك وهو الفلوكستين، ابدئي بكبسولة واحدة 20 مليجراما في اليوم، تناوليها بعد الأكل لمدة 10 أيام، بعد ذلك اجعليها كبسولتين في اليوم، استمري عليها لمدة شهر، هذه يمكن أن تتناوليها كجرعة واحدة، بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى ثلاث كبسولات في اليوم، أي 60 مليجراما في اليوم، وهذه الجرعة العلاجية لمثل هذا النوع من الوسواس، تناولي الدواء كبسولة في الصباح، وكبسولتين ليلا.
استمري على هذه الجرعة لمدة 4 أشهر، ثم خفضيها إلى كبسولتين يوميا لمدة 6 أشهر، ثم كبسولة واحدة يوميا لمدة 6 أخرى، ثم توقفي عن تناول الدواء.
هذا هو العلاج المثالي، والوضع المثالي، والجرعة المثالية لهذا النوع من الوسواس، من المتوقع -بإذن الله تعالى- في بدايات الشهر الثاني من تناول العلاج أن تحسين بشيء من الهدوء النفسي، سوف تحسين أن القلق ووطأة الوساوس بدأت في التفكك الجزئي البسيط، وهذه فرصة عظيمة لتندفعي نحو العلاج السلوكي، والذي يقوم على مبدأ عدم محاورة الوسواس، وعدم البحث عن دلائل لإثبات عكس الوسواس.
عليك بتحقير فكرة الوسواس, وعمل ما هو ضده, وعدم اتباعه, وبالنسبة للوضوء والطهارة, يجب تحدد كمية الماء, وتحديد الزمن, وتبني على اليقين, وكذلك بالنسبة للصلاة, سوف تجدي أن العثرات التي تعانين منها فيما يخص تكبيرة الإحرام قد انتهت تماما, هذه تعالج من خلال الدواء بعد أن ينتهي إن شاء الله القلق والتوتر, تصبح الأمور أفضل بكثيرة.
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
__________________________________
انتهت إجابة الدكتور محمد عبد العليم استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان، وتليها إجابة الشيخ أحمد الفودعي مستشار الشؤون الأسرية والتربوية:
مرحبا بك -اختنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية والشفاء.
الوساوس لا دواء لها أمثل وأحسن من الإعراض عنها، فاتركيها بالكلية، ولا تلتفتي إليها، ولا تسترسلي معها، ولا تبني أحكاما عليها، فإذا ثبت وصبرت على هذا الطريق؛ فإن الله -عز وجل- سوف يذهبها عنك، وهذا الدواء قد جربه أناس كثيرون من قبلك فانتفعوا به غاية الانتفاع، والعلماء سطروا لنا هذه التجارب، ومن ثم نصحوا بهذه النصيحة.
فإذا أردت أن تخففي على نفسك وتريحيها من عناء الانجرار وراء هذه الوسوسة؛ فأعرضي عنها بالكلية، والوساوس في العقيدة لن تضرك ولن تؤثر في إيمانك، فأنت على دينك وإسلامك، فاصرفي ذهنك عن التفكر فيها، والاسترسال معها، وكراهتك لهذه الوساوس وخوفك منها دليل على وجود الإيمان في قلبك.
المطلوب منك فقط -أيتها البنت العزيزة- أن تثبتي على هذا الطريق الذي وضحناه لك، وهو الإعراض عن الوسوسة، فكلما أتاك وسواس اشغلي نفسك بغيره، واستعيذي بالله تعالى، فإذا ثبت على هذا ظفرت وفزت، وقد شكى بعض الناس إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وسواسا يجدونه في صدورهم، فكان الدواء النبوي أن قال -عليه الصلاة والسلام-: فليستعذ بالله ولينته.
فهذان هما الدواءان النبويان، الأول الاستعاذة بالله تعالى، والثاني الانتهاء والانصراف عن هذا الوسواس بالاشتغال بغيره.
وأما وسواس النية فأمره أسهل وأيسر؛ فإنه لا يتصور أبدا من إنسان عاقل أن يفعل شيئا، إلا وهو يقصده، وهذا القصد هو النية، فكلما جاءك الشيطان، وقال أنت لم تنوي الصلاة، أو لم تنوي الوضوء؛ فادفعي في صدرهن وقولي بلى قد نويت؛ لأنه لا يمكن أن تتوضئي إلا وأنت تقصدين ذلك، ولا تصلين إلا وأنت تقصدين ذلك، فإذا حصل هذا فهذه هي النية، فدعي عنك الوساوس كلها قليلها وكثيرها.
إذا ثبتي وصبرتي على هذا الطريق؛ فإن الله تعالى سيثبتك ويعينك، وييأس الشيطان منك، ويتحول إلى غيرك.
نسأل الله بأسمائه وصفاته أن يمن عليك بعاجل الشفاء.