أصبت برهاب متنوع من علامات الساعة والأحوال الجوية والأمراض.

0 242

السؤال

السلام عليكم..

الأطباء الأفاضل، أشكركم على هذا الموقع وعلى المعلومات والمساعدات التي تقدمونها، وأحب أن أطرح حالتي واعذروني إن أطلت بالشرح لأني لم أجد لها حلا ولا تشخيصا.

عمر ي 21 سنة، طولي 151 سم، وزني 40 كلغ، بدأت حالتي منذ شهر رمضان 2012 وكانت في البداية خوفا من يوم القيامة وعلامات الساعة، والخوف من المطر والرعد والبرق، والخوف من ظواهر الكسوف والخسوف لدرجة أني لا أنام لعدة ليالي خوفا من هذا اليوم، ثم أقنعتني أختي بأن هناك علامات تسبق هذا اليوم ولم تظهر جميعها، ثم انتقل الوضع إلى الخوف من الموت وربط بعض العادات اليومية العادية بأنها علامه تسبق الموت، مثلا سمعت أمي تقول أنه قبل وفاة جدتي تناولت وجبة العشاء بشكل ممتاز، فبدأ عندي ربط أني كلما تناولت العشاء بالقدر الكافي إذن سوف أتوفى تلك الليلة. وفعلا توقفت عن تناول وجبة العشاء وانخفض وزني بشكل ملحوظ جدا، ثم استمرت هذه الحالة إلى أن أقنعت نفسي أن هذا لا يمكن وغير منطقي، فتحسنت حالتي قليلا وتخطيت موضوع الربط بالوفاة.

ثم انتقلت هذه الحالة إلى ما يسمى بالخوف المرضي، فبدأ عندي شك بأني أعاني من مرض معين، مرة أشعر بالآلام في معدتي، أو في يدي أو في رأسي، وأذهب إلى الطبيب فتكون الفحوصات سليمة فأقتنع وأنتهي من المشكلة، ثم أتوهم أعراضا أخرى أحيانا تصيب مثل معاناتي من مشاكل في المعدة وأظهر التشخيص وجود ديدان جارديا، وتعالجت منها وانتهت المشكلة. ثم سمعت محاضرة للدكتور عمر عبد الكافي أن العبد إذا قربت وفاته أرسلت له ملائكة تعينه على عمل الأشياء الحسنة التي تكسب الأجر وتهديه إلى الصالحات، فتوقفت عن حفظ القرآن بعد أن قطعت النصف، وتوقفت عن قراءه الأذكار والورد اليومي، حيث أني باعتقادي إذا عدت إلى فعل الخيرات والصالحات سأتوفى بالرغم أني أعرف أن هذا وهم واعتقاد خاطئ، لكن الخوف كثيرا ما يمنعني، وأعني بالخوف لدرجة عالية جدا والأرق الذي يستمر ليومين تقريبا.

حاليا أعاني من مشكلة الشعور بالجوع بسرعة، وكنت قد استشرت أخصائية تغذية حيث أني آكل بشكل كبير نسبيا، ولا ألاحظ أي زيادة ولا نقصان في وزني، مع العلم أن وزني ثابت على 40 كلغ بدون أي تحركات إلا أوقات الدورة الشهرية، حيث يزداد كيلو واحد، وأعاني من آلام شديدة في أعلى المعدة قبل الدورة بأسبوعين، تختفي تماما عندما أتناول الطعام لكني سرعان ما أشعر بالجوع بعد 4 ساعات، وقد أشارت أخصائية التغذية أن بعض الأشخاص يجب أن يأكلوا بشكل مستمر طوال اليوم، ولا يعتمدوا على الثلاث الوجبات نظرا لارتفاع تركيز الحمض في المعدة.

خلاصة الأمر أني أريد أن أعود إلى ما كنت عليه سابقا قبل 2012م بجميع الشعائر والعبادات، والشخصية والمستوى الدراسي، إلا أني لا أستطيع فالخوف يمنعني كثيرا ويسيطر على تفكيري بشكل كبير، حيث أني لم أعد أستطيع التركيز ولا المذاكرة ولا الحفظ، وضعف مستواي الدراسي بشكل كبير بعد أن كنت أتصدر قائمة الأوائل في الجامعة في السنة الأولى، أما الآن وأنا بآخر سنة دراسية أصبحت ألازم المقبول وأنجح بصعوبة، وأنسى سريعا وفقدت مقدرتي على الكتابة للروايات والقصص بعد أن كنت أكتب بشكل محترف، وفقدت حس الفكاهة واندماجي مع الناس.

أتمنى أني أوضحت المشكلة بشكل جيد، واعذروني على الإطالة، لكن أملي فيكم بعد الله كبير، وجزيتم خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رحاب حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الكتابة إلينا بهذا السؤال، وعلى إعجابك بالموقع.

من الواضح أنك تعانين من حالة نفسية معروفة نسميها "الرهاب" وسواء أخذت شكل رهاب المرض أو رهاب الموت، عندما ينشغل ذهن المريض على صحته، معتقدا بأن لديه مرضا ما كالسرطان أو غيره، وأن الأطباء إما أنهم يعلمون بهذا إلا أنهم لم يخبروه بهذا صراحة، أو أنهم لم يعرفوه لأنهم لم يكتشفوه بعد، ويعتقد أنه في حاجة للمزيد من الوقت، وللمزيد من الاختبارات والفحوص، والمزيد من آراء الأطباء المختلفين، حتى يصل للتشخيص الذي كان يخافه كل هذا الوقت.

وفي كثير من الأحيان تترافق هذه الحالة بما وصفت من أعراض، والتي تصل بعد حين للخوف من مغادرة المنزل خشية حدوث شيء ما. وقد يبدأ الشخص يخاف من كل ما له علاقة بالمرض، وحتى الأمور التي يمكن أن تذكر بالموت كالصلاة وحتى تلاوة القرآن، وفي كثير من الحالات مهما قمنا بالمزيد من الفحوصات والاختبارات، ومهما تعددت آراء الأطباء بالتخصصات المختلفة، فكل هذا قد لا يذهب عن ذهن هذا الشخص فكرة المرض، فإذا به، ومن جديد، يبدأ سلسلة جديدة من الأطباء ومن الاختبارات، سواء في ذات البلد، أو حتى السفر لبلاد أخرى من أجل الوصول إلى "جذور المرض، ومعرفة هذا التشخيص!" وقد يأخذ هذا الرهاب شكل التفكير بالموت ويوم القيامة وعلامات الساعة، وكل الأمور التي حصلت معك.

أنصحك بمراجعة طبيب نفسي في المدينة التي تعيشين فيها، وسيقوم هذا الطبيب بأخذ القصة كاملة، ومعرفة الأمور الكثيرة والتي ربما لم تخبرينا عنها كنمط الحياة، وعلاقاتك الأسرية والاجتماعية، وتاريخ طفولتك، وطبيعة حياتك اليومية، ومن ثم يمكن لهذا الطبيب النفسي أن يقوم بعد التشخيص بالعلاج المطلوب. هل عندك بالإضافة لانشغال البال بالأمراض، هل عندك شيء من الأعراض النفسية الأخرى كالاكتئاب وغيره؟ لا بد للطبيب النفسي من تحري هذا والقيام بتقديم العلاج المطلوب.

لا أنصحك بالمزيد من الفحوص والاختبارات التحليلية، فهذه ومهما كانت النتائج طبيعية أو غير طبيعية، لن تزيدك إلا شكا وتفكيرا وانشغالا بالأعراض والأمراض، وإنما أنصحك بمراجعة اختصاصي في الطب النفسي في أقرب فرصة ممكنة، لتنهي هذا العذاب الذي أنت فيه. وحاولي أن لا تتجنبي ما يمكن أن يخيفك كالشعائر وتلاوة القرآن والدعاء، لأن هذا التجنب لا يفيد وإنما يزيد المشكلة، وإنما أقدمي على هذه الأعمال، وستخف الأعراض بالتدريج. وليس عندي شك من أنك ستتمكنين من تجاوز هذه المرحلة، وخاصة أنك تمكنت من تجاوز بعضها، وستستعيدين حماسك للكتابة والتأليف، وكل الأشياء التي كنت تستمتعين بها من قبل.

وإن شاء الله نقرأ لك بعضا من تأليفك سواء قصة أو رواية.

عافاك الله، وكتب لك الشفاء.

مواد ذات صلة

الاستشارات