السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة تعرفت على فتاة ذات أخلاق رفيعة وكريمة جدا وأحببتها، وزادت المحبة بيننا، فأنا أرتاح لها كثيرا، وهي تساعدني في حل مشاكلي وتساندي، وكانت لي خير صديقة، ونتواصى على الطاعات، وإن رأتني على خطأ تنصحني، وأحزن إذا مر يوم ولم أرها أو أتكلم معها، وأفرح كثيرا إن رأيتها وكلمتها، وقد قرأت كثيرا عن موضوع الإعجاب المحرم، ولكني لم أستطع معرفة ما إذا كان الحب الذي بيننا محرما أو مباحا؟
سؤالي هو: أريد شيئا فاصلا وواضحا أستطيع من خلاله معرفة ما إذا كان الحب الذي بيننا إعجاب محرم أو مباح؟ وأيضا ما هو الحل والعلاج لهذا إن كنا قد وقعنا في الإعجاب المحرم دون أن أخسر صداقتها، فنادرا ما تحصل على صديق وفي بتلك الأخلاق في هذا الزمان؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك -ابنتنا الفاضلة-، ونشكر لك هذا السؤال الرائع، ونؤكد لك أن الحب الصادق هو ما كان في الله وبالله ولله وعلى مراد الله، وأن الأخوة التي تقوم على الإيمان والتقوى والصلاح، والتناصح والتواصي بالحق والصبر هي المطلوبة، وكل صداقة تقوم على المظاهر وجمال الشكل وحسن الهندام وظرف الكلام -إلى غير ذلك من المعاني الدنيوية الدنيئة- فإنها تنقلب في الآخرة إلى عداوة، قال العظيم عز وجل: {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين}.
ولا شك أن الصداقة التي قامت على الأخلاق الرفيعة والدين، وفيها التناصح –إن شاء الله– على خير كثير، ولكنا نريد أن نسأل: إذا كانت هناك متدينات أخريات فهل تجدين الميل تجاههن؟ أم هذه وحدها؟ وهذه الصديقة هل يعجبك شكلها؟ أو تعجبك ابتسامتها؟ أو تطيلي النظر إلى جمال عينيها؟ هذا هو الممنوع، وحاشاكم أن تكونوا هكذا.
نحن نريد أن نقول: إن الصداقة التي تقوم على الدين، وتقوم على الحب في الله تعالى، تصل إلى درجات عالية من الانسجام، وأصحابها على منابر من نور، يغبطهم الأنبياء والمرسلون، بأن تشتاق الأخت إلى أختها -والأخ إلى أخيه- في الله تبارك وتعالى، ولكن دائرة الأخوة لا تضيق بالمؤمن؛ لأنه يؤاخي على الإيمان، فيكون لك عددا من الصديقات، ولكن لا مانع من أن تصطفي واحدة أو اثنتين هما الأقرب لوجود تشاكل بين النفس، والتلاقي بين الأرواح، وهي جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف.
نتمنى أن تكون العلاقة أيضا في حدود، فإن الانجذاب الزائد أيضا له ما بعده، وأيضا يكون على خصم محبة أخرى وهي محبة الوالدين أو محبة الزوج مستقبلا، فكل شيء لا بد أن يكون بمقدار، ولكن لا نستطيع أن نقول: بأن هذا إعجاب محرم إلا إذا كانت تصحبه شهوة، ويصحبه ميل، وتصحبه وسائل أخرى تنم عن نفوس خبيثة، تفكر في المظاهر، وتتجاوز هذه الحدود إلى لمسات وقبلات، وغير ذلك من الأمور التي لم تظهر لنا، وأنتم -إن شاء الله- بعيدات عن هذه المعاني السالبة، فعمقي معاني الأخوة، ولتكن في الله -تبارك وتعالى-، وتقوم على النصح والإيمان بالله -تبارك وتعالى-، والتواصي بالحق والصبر.
وأعجبني أنك تقبلين نصحها، وهي تنصحك إذا أخطأت أو تجاوزت الحدود، فإن هذا معيار أيضا من الأهمية بمكان.
إذا هذه الصداقة -إن شاء الله تعالى– ليست عليها غبار، وأيضا هي محتاجة إلى مزيد من التحسين، بالتذكير بالله، بأن تضبط بمقدار مناسب لا يؤثر على أشياء أخرى، فالمؤمنة تحب ربها، وتحب رسولها، وتنطلق في محابها للأشياء من حبها لله -تبارك وتعالى-، فتحب ما يحبه الله وما يحبه الرسول -عليه صلاة الله وسلامه-.
وطالما كانت هذه المحبة مفتوحة، فالإعجاب الممنوع ترفض فيه المعجبة أن تشاركها أخرى في حب صديقتها، أو تتضايق إذا ضحكت مع أخريات، أو نحو ذلك من المعاني التي أرجو أن تنتبهن لها، وأظن أنها غير موجودة، لكنها مؤشرات هامة في الاتجاه الذي لا نريده.
نسأل الله لنا ولكن التوفيق والسداد.