كيف أغير نفسي وأترك الذنوب والمعاصي؟

0 618

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

لنا ولكم الفخر بهذا الموقع العظيم الذي صال وجال في مساعدة الناس كلهم وأسأل الله أن يجزيكم كل خير.

أريد أن أتحدث عن مشكلتي: منذ الصغر كنت محبا للمساجد مرتادا لها طوال الخمس صلوات، وأسبق المؤذن قبل أن يؤذن، وقبل والدي وأشقائي أجمعين، وذلك لما كنت في بلاد الغربة لست في موطني الأصلي، فعندما كبرت في سني أصبح كل من حولي من أصدقاء من ذوي الصحبة السيئة، فصاحبوني وصاحبتهم، ومنذ أن وصلت فترة المراهقة أصبح مساري ينحرف عن المساجد، ويكثر نومي عن الصلوات بالرغم من أني كنت أدرس في حلقة لتحفيظ القرآن، ولكني ازددت سوءا بعد أن تركت حلقات التحفيظ، فأصبحت أشاهد المحرمات.

أصبحت لا أهتم بأمور الدين كليا، مما سبب تدن في مستواي وفي تفكيري، وفي تعاملي، وفي طبعي، وأصبحت أكثر عصبية في أبسط الأشياء، أعصب وأضرب أي شخص يغضبني، ولبثت على هذا الحال حتى رجعت إلى بلادي، وهي موطني الأصلي، فأصبحت أدرس الثانوية فيها، وتركت بلاد الغربة، فوجدت فيها الاختلاط، فأصبحت أكثر من الاختلاط، وأرى أنه شيء جميل وفخر، وكيد الشيطان كان قويا، وظللت على هذه الحال حتى دخلت الجامعة.

في السنة الثالثة في الثامن والعشرين من شهر رمضان من عام 2013، حلمت في منامي أني ذهبت إلى شيخ وأريد التوبة، وذكر لي شروط التوبة، فقررت أن أتوب، فتبت -والحمد لله- بعدها، ولكن يكمن شيء في نفسي، وهي العادة السرية، فبعد توبتي من الذنوب أصبحت أرجع إليها قليلا، وتارة أبتعد عنها وأتوب مرة أخرى، ثم أرجع.

مع العلم أن الفتن والمغريات كثيرة من حولي، وأنا أدرس في جامعة مختلطة، وأنا الطالب الوحيد في الدفعة، وباقي الطلبة عددهن سبع طالبات، فبالرغم ذلك أشعر بضيق في الصدر من هذه الحال، وإحباط وانتكاسات، أريد أن أوجه إليكم أسئلة لعلها ترشدني من الضلال:

هل أستطيع أن غير من نفسي من النفس الأمارة بالسوء إلى النفس الداعمة للخير، والتاركة للشر، بالرغم من أنهما يجتمعان في شخصية الفرد؟

كيف أغير طبعي وعاداتي وتصرفاتي، وكيف أتعلم العادات الحميدة؟

كيف أزيد من ثباتي على طاعة الله، مع أني أعلم حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام من أرضى الناس بسخط الله سخط الله عليه، ومن أرضى الله بسخط الناس رضي الله عنه، وأرضى عليه الناس.

كيف أترك الذنوب والمعاصي والعادة السرية؟ وكيف أغير نفسي داخليا؛ لأني أحس بضعف ثقتي بنفسي وبشخصيتي وبتفكيري بسبب الذنوب؟

وآخر سؤال: ما هي الوسائل التي تقوي صلة الفرد بالله وتنال رضاه؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ معاذ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أيها الولد الحبيب- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى لك الهداية والتوفيق، وأن يتوب علينا وعليك، وأن يثبتك على طاعته.

لا شك أيها الولد الحبيب أن هذه الأسئلة التي أثرتها هي دليل على وجود الخير في داخلك، وأنك لا تزال تحمل رصيدا كبيرا من الحرص على الطاعة والتقرب من الله سبحانه وتعالى، ونرجو أن يكون ذلك دليلا على حبك لله تعالى والعمل بطاعته.

والإنسان أيها الولد الحبيب في هذه الحياة مفتن كما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أي معرض للفتن مختبرا بها، ومطلوب منه أن يجاهد في الله تعالى بقدر استطاعته وأول من يجاهدهم نفسه التي بين جنبيه، وإذا هو استعان بالله تعالى، وصدق في هذه المجاهدة، فإن الله تعالى سيتولى عونه، كما قال في كتابه الكريم: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين}.

أسئلتك متداخلة نجيب عنها جوابا عاما، فنقول: إن التغيير في النفس ممكن بإذن الله تعالى، وهو يسير إذا يسره الله، فاصدق في اللجوء إلى الله تعالى والرجوع إليه تجده تجاهك يوفقك، ويسهل لك الأمور، وهذا التغيير له أسباب تعين على البقاء عليه، ودوامه، من ذلك الصحبة الصالحة، فإنهم خير عون للإنسان على طاعة الله تعالى، فاحرص على مجالسة الصالحين، وشاركهم في برامجهم النافعة، ومن البواعث على هذا التغيير أن يتذكر الإنسان الثواب والعقاب، فإن هذه الحياة تزول سريعا وتذهب لذاتها كما تذهب مشاقها أيضا.

والعاقل لا يرضى أبدا بأن يتنعم قليلا ليعذب كثيرا، فتذكر عقاب الله تعالى، والوقوف بين يديه، ونصب الموازين والمرور على النار، وحاول أن تستمع إلى كثير من المواعظ التي تذكرك بالدار الآخرة، فإن هذا يبعث في قلبك الخوف من الله تعالى، والحذر من الوقوع في معاصيه.

والعادات تتغير أيها الحبيب فإن الأخلاق مكتسبة، ولكن تحتاج إلى قليل من الصبر والمجاهدة، واستبدال السيئ بالحسن، فإن الله تعالى يمحو السيئ بالحسن، والطريق الموصل إلى محبة الله تعالى هي الإكثار من النوافل، والصلاة، والصوم، والذكر، وأنواع الصدقات، إلى غير ذلك من نوافل الأعمال بعد أداء الفرائض، وقد قال الله في الحديث القدسي: (ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه..).

وحين تتغير بإذن الله تعالى إلى الأحسن، وتشعر بأنك قريب من الله ساع في مرضاته فإنك ستستعيد الثقة بنفسك، وحسن الظن بربك، نسأل الله بأسمائه وصفاته أن يوفقك إلى الخير.

وأما العادة السرية فينبغي لك أن تجاهد نفسك في تركها والابتعاد عن الأسباب الداعية إليها، ومن ذلك أنواع المثيرات سواء المرئية، أو المسموعة، أو غير ذلك، وحاول أن تشغل نفسك بالبرامج النافعة، فإذا شغلت نفسك بالنافع انتفعت.

نسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يوفقك إلى كل خير.

مواد ذات صلة

الاستشارات