السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب في سن الثالثة والعشرين، أعاني من مشكلة شائعة عند البعض، ألا وهي التأتأة منذ الصغر، حيث يكون مصاحبا برجفة في الوجه، وتشنج، وصعوبة في نطق بعض الحروف والكلمات.
من الناحية النفسية: أعاني من قلق، وخوف مستمر من التعرض للسخرية من الآخرين، وأتردد عند محادثة الآخرين، والأعراض تزيد وتخف على حسب الحالة النفسية والمزاجية، وتركت الدراسة لعدم قدرتي على المشاركة مما أثر في مستواي، وطبعا لا أنسى الخوف من إجراء المقابلات الشخصية مما أثر على مستقبلي الدراسي والمهني.
بحثت في موقعكم المليء بالمحتوى المفيد، فوجدت أنكم وصفتم في حالات مشابهة لحالتي دواء يسمى بالـ ( Haloperidol )، وتمارين الاسترخاء، والتنفس، والقراءة وغيرها.
المشكلة في الدواء أنه لا يباع بدون وصفة طبية في الصيدليات السعودية، فأرجو منكم أن تصفوا لي دواء بديلا يمكن شراؤه بدون اللجوء إلى الوصفة الطبية، وكمية المقدار اليومي، وأريد بعض النصائح التي تفيد حالتي؛ لأني عازم أن أكمل دراستي.
ثانيا: للأسف كنت في الماضي أترك بعض الصلوات متعمدا، وكنت أفطر في نهار رمضان متعمدا والعياذ بالله، -الحمد لله- أني قد تبت، وقد قمت باستشارة في موقع آخر حول: ماذا يجب علي من أجل التوبة؟ وهل يجب قضاء الصلوات التي تركتها وقضاء الأيام التي فطرت بها؟ مع العلم أني لا أعرف عدد الصلوات، وعدد الأيام التي فطرت بها متعمدا؟
كان ردهم: ( يكفي أن تتوب إلى الله توبة نصوحا، وأن تكثر من النوافل وكثرة الاستغفار، ولا يجب عليك قضاء الصلوات، ولا الأيام التي فطرت بها).
ما هو ردكم، ورأيكم أنتم حول هذا الموضوع، هل يكفي التوبة والإكثار من النوافل والاستغفار؟ أم هناك أشياء أخرى يجب علي أن أفعلها؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فيصل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
التأتأة في مثل حالتك من الواضح أنها - حتى وإن كانت منذ الصغر – مرتبطة بالمواقف الاجتماعية، وأصبح لديك ما يعرف بقلق الأداء، أي أنك عند المواجهات تراقب نفسك كثيرا مما يزيد من توترك، وقلقك، ويؤدي إلى التأتأة.
إذا خط العلاج الأول يكون في المواجهة، أي المواجهة التامة، وعدم الاكتراث للطريقة التي تتحدث بها، وعليك بالدعاء، أسأل الله تعالى أن يحلل عقدة لسانك، ويجب أن تتدرب على تمارين الاسترخاء بصورة صحيحة – خاصة تمارين التنفس – تربط ما بين النفس (الزفير والشهيق) وإخراج الكلمات، وهنا أنصحك بأن تذهب وتجالس أحد المشايخ، وتتعلم منه مخارج الحروف، والتلاوة الصحيحة للقرآن، هذا يساعدك كثيرا للتخلص من التأتأة، ولو قابلت أيضا أخصائي التخاطب هذا فيه فائدة كبيرة.
العلاج الدوائي: يجب ألا يتم الاعتماد عليه بالكلية، ما ذكرته أهم من العلاج الدوائي، وإن كنا لا ننكر فائدة الدواء.
عقار (هلوبريادول Haloperidol) أيها الفاضل الكريم يجب ألا يتناوله الإنسان دون وصفة طبية أصلا؛ لأن هذا الدواء – وإن كان من الأدوية القديمة، وإن كان نافعا لعلاج التأتأة – قد يسبب بعض الآثار الجانبية الخطيرة نسبيا، قد يسبب ما يعرف بالتململ الحركي، قد يسبب ما يعرف بحالة التخشب العضلي، فهو ليس دواء يعطى هكذا دون رقابة طبية، نعم تناوله بجرعة نصف مليجرام يوميا (مثلا) قد لا يسبب إشكالية، لكن يجب أن يتم تناوله تحت الإشراف الطبي.
من الأدوية الأخرى البسيطة التي قد تفيد هي مضادات القلق، مثلا عقار (جنبريد)، والذي يعرف علميا باسم (سلبرايد) لا يحتاج لوصفة طبية، متوفر في المملكة، يمكن أن تجربه بجرعة خمسين مليجراما يوميا لمدة أسبوعين، ثم خمسين مليجراما صباحا ومساء لمدة شهرين، ثم خمسين مليجراما يوميا لمدة شهر، ثم يتم التوقف عن تناوله.
خط العلاج الدوائي الثاني هو تناول مضادات المخاوف والقلق، خاصة الخوف الاجتماعي مثل عقار يعرف تجاريا باسم (زولفت)، واسمه الآخر (لسترال)، ويسمى علميا باسم (سيرترالين)، أو عقار يعرف تجاريا باسم (زيروكسات)، ويسمى علميا باسم (باروكستين)، هذه أيضا أدوية جيدة وممتازة، تناولها بجرعة صغيرة، وهذا قد يفيدك كثيرا.
مثلا الزيروكسات CR بجرعة 12.5 مليجرام يوميا لمدة ستة أشهر، ثم 12.5 مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم 12.5 مليجرام كل ثلاثة أيام لمدة شهر أيضا، هذا أيضا من الوصفات الدوائية السهلة والجيدة والمفيدة.
هنالك دراسات تشير الآن إلى أن عقار (أولانزبين)، والذي يعرف باسم (زبركسا)، والذي يستعمل أصلا في علاج الاضطرابات الذهانية، حين يتم استعماله بجرعات صغيرة قد يفيد كثيرا في التأتأة.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
++++++++
انتهت إجابة د. محمد عبد العليم استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان
وتليها إجابة الشيخ أحمد الفودعي مستشار الشؤون الأسرية والتربوية
+++++++
مرحبا بك أيها الأخ الحبيب في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يتوب عليك، وأن يعجل لك بالعافية.
أما ما ذكرته في شأن الصلوات والصيام، فما أجبت به من قبل من أن من ترك الصلاة عامدا، أو ترك الصيام عامدا يكفيه في التوبة أن يندم على فعله، ويكثر بعد ذلك من النوافل وكثرة الاستغفار، فهذا القول يقول به جماعة من العلماء، منهم شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – وبه يفتي بعض العلماء المعاصرين المعتبرين كالعلامة ابن عثيمين – رحمه الله تعالى - .
من ثم فلا حرج على من استفتى عالما فأفتاه أن يعمل بقوله، فقد أدى ما فرض الله تعالى عليه، إذ قال الله جل شأنه: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}.
كثير من العلماء يرون بأن من ترك الصلاة والصوم وجب عليه أن يقضيها، ولا حرج عليك في أن تعمل بأي القولين، وإن كان قول القائلين بالقضاء هو الأحوط، والأبرأ للذمة.
نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته أن يتولى عونك، وأن يأخذ بيدك إلى كل خير.