السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
استخدمت الكبتاجون والحشيش ثلاث سنوات، من عام 2003م إلى 2005م، وأقلعت عنها إثر صدمة حصلت لي، وهي أنني عدت إلى المنزل قبل المغرب لكي أخلد إلى النوم، وشعرت بشيء ضايقني، وشد جسمي، وصرخت صرخة قوية، وكنت أشعر بنار تشتعل في ظهري، وشيء يدخل مع إصبعي السبابة في اليد اليسرى، وتوقفت نهائيا عن التعاطي.
والآن -بفضل الله- لي ثمان سنوات متوقف عن التعاطي، ولكن لدي أعراض كثيرة، ولا أعلم هل هي من المخدرات أم مس من الجن، علما بأنني ذهبت إلى رقاة.
أشعر باكتئاب، وألم في الدماغ، وكأن دماغي جاف جدا، أحيانا أشعر بأنني أريد أن أصرخ بدون سبب، وأرغب في العزلة، ولا أحب أن يراني أحد ممن يعرفونني، لأنني أشعر بأنني إنسان آخر، ولدي تخيلات وصور ذهنية، وأضرب لكم مثالا عن التخيلات والصور:
أرى أشخاصا أسلم عليهم أو أتحدث معهم، ومناسبات أحضرها، وأقول في نفسي: كيف أنني معهم؟ الصور والأشخاص لا أراهم بالعين المجردة، إنما خيال فقط، وأفكر كثيرا، وأعاني من زغللة في العيون، وليس لدي ثقة في نفسي، لا أتكلم لأن كلامي قد يكون خطئا، وأحيانا أضحك لأتفه الأسباب، في بداية مرضي كنت أقول: أنا لست أنا، أشعر بأنني شخص آخر، كنت أعرف أين أذهب، وماذا أفعل، وما هو الوقت المناسب لكل شيء، الآن كأنني لا أعرف ما هو الصحيح بالضبط، أذهب إلى العمل وأعود إلى المنزل فقط، وأفكر في جميع الأشخاص الذين كنت أعرفهم قبل مرضي وبعده، لا أبالي بشيء، أشعر بأنني لست أنا.
أصابتني الصدمة بحالة هلع شديد، وكنت عندما أرى إنسانا قد أثرت عليه المخدرات، أخاف خوفا شديدا، وعندما يتحدث أحد عن المخدرات وتأثيرها، أخاف أيضا.
أرجو تشخيص حالتي وتوجيهي، وهل من المعقول أن تبقى آثارها بعد ثمان سنوات؟
أسأل الله أن يجعله في موازين حسناتكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سالم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
أخي الكريم: كما تعرف أن هذه المخدرات تؤثر على الناس بصورة مختلفة تماما، هنالك ما يعرف بالعوامل البنيوية والعوامل البيئية، وهي التي تحدد كيفية تأثير هذه المخدرات على الإنسان، وهذه العوامل يقصد بها استعداد الإنسان للتأثر كيمائيا، والناس يختلفون في جيناتهم، في شخصياتهم، وبعد ذلك يأتي التأثير البيئي، وهنا تتضافر العوامل البنيوية والبيئية والعوامل المرسبة والمهيئة، لتؤدي إلى الأثر الذي ينتج من المخدرات، أنت -الحمد لله تعالى- أقلعت عن المخدر لفترة طويلة، وعلى ضوء ذلك حالتك تفسر كالآتي:
ربما يكون الذي يحدث لك الآن سببه المخدرات بالرغم من إقلاعك عنها منذ مدة طويلة، لأنه توجد ظاهرة نشاهدها في 5% من متعاطي المخدرات، أو الذين كانوا يتعاطون المخدرات، وهي بما تعرف بالارتدادات اللاحقة، أي أن الإنسان توقف عن المخدر منذ سنوات لكن يحصل نوع من الارتداد، وتتحرك كيمياء الدماغ، خاصة مادة تعرف باسم الدواجمين، تتحرك تحركا خاطئا، ويحدث اضطراب في إفرازاها، مما يؤدي إلى ظواهر تتسم باضطراب الأفكار والمشاعر وظهور هلاوس وخلافه، هذا قد يكون هو الذي جعلك تشعر بما أنت عليه الآن.
السبب الثاني: ربما يكون أثر المخدرات قد انقطع تماما، لكنك أصلا لديك القابلية والاستعداد لهذه الحالة النفسية، لذا ظهرت في هذا الوقت من الزمن.
أخي الكريم: هذان التفسيران العلميان لحالتك، وفي كليهما -إن شاء الله تعالى-، يوجد حل، وهو العلاج الدوائي، اذهب وقابل الطبيب النفسي، فأنت تحتاج لدواء مثل عقار سوليان، والذي يعرف باسم ايميسلبرايد، دواء ممتاز، دواء مفيد جدا، وذهابك للطبيب النفسي أيضا سوف يتيح لك التحدث معه والتحاور معه، ونقاشه والوصول لآليات تكيفية جديدة، تستطيع من خلالها أن تدير حياتك بصورة أفضل.
وفي ذات الوقت أيضا سوف يجري لك الطبيب بعض الفحوصات الضرورية والمهمة، فإذا العلاج متوفر، والطريقة التي نصحتك بها هي الأفضل، لا أرى أن للجن أو العين أو السحر علاقة بالموضوع، فلا تقحم نفسك في هذا المجال، وما دمت -أخي الكريم- حريصا على صلاتك وأذكارك وتلاوتك للقرآن وسعيك نحو الخير، لن يصيبك مكروه أبدا -بإذن الله تعالى-.
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا.