أعاني من إحساس بفقدان الواقع وتغير الحياة .

0 700

السؤال

السلام عليكم.


أشكركم على جهودكم المتواصلة في الخير، وجعله في ميزان حسناتكم.

كنت طالبا في الثانوية في السنة الثالثة، كنت أعمل وأدرس في نفس الوقت، وفي أحد الأيام وأنا راجع من عملي إلى البيت وكنت متعبا شعرت بشيء غريب.

استغربت الدنيا، استغربت منظر الشارع، كأني أعيش في حلم أو هذا كله من نسج الخيال! رجعت إلى البيت وقلت: لعله إرهاق وضغط عمل، جلست ونمت وذهبت الحالة، وبعد فترة يسيرة رجعت نفس الحالة وكأني أعيش في حلم، أو حياتي كلها مجرد فيلم، وأنا أحد ممثليه.

صرت أتمنى الموت، وأحيانا تأتيني حالة ثانية، كنت أحس أني أراقب نفسي من الخارج، كأني أنظر لنفسي بمرآة.

هذه الحالة لم تطل لكن الأولى استمرت، ومع الوقت راجعت طبيبا نفسيا، وعمل لي تحاليل وفحوصات على المخ والإشارات الكهربائية، وكانت كلها سليمة، وكتب لي علاجات نسيت اسمها، لكن كانت تسبب لي النعاس وأنام لمدة 14 ساعة، وأحيانا أكثر!

بعدها جاءت فترة اختبارات وكانت كلها قلق وتوتر؛ بسبب قرب تخرجي، وكنت لا أدري نحو أي جامعة وأي تخصص أتجه، وقطعت العلاج؛ لأني لا أقدر أن أنام فوق 14 ساعة، ولابد أن أدرس.

فقطعت العلاج لمدة شهرين، ورجعت للطبيب، وحكيت له الذي صار معي، وكتب لي علاجا ثان ولكن بلا نتيجة، وقطعته لمدة 5-7 شهور، بعدها تغير شعوري بشكل يختلف قليلا، وطعم الحياة اختلف، وأحس أن الدنيا صارت باهتة، صرت أهرب من هذا الشعور إلى الحرام، للأفلام الإباحية؛ لإحساسي بأنها تخفض توتري.

وجاءتني فترة لا أحس بها بحبي للبنت التي أحبها، مع أنها كانت تعطيني دافعا للحياة، وتفاؤلا وإيجابية، وحبا لحياتي ودنياي، لكني فقدت إحساسي تجاهها.

حتى والدتي أصيبت بمرض ولم تأثرت أبدا، لا يوجد عندي شعور ولا حب ولا حزن على أحد.

هذه الحالة لم تطل -الحمد لله- فرجع إحساسي بشعوري للحب وغيره، لكن الحالة الأولى مستمرة، فراجعت طبيبا، وكتب لي علاجا، استخدمته لمدة شهر ونصف ثم قطعته.

الآن أحس بنفس الشعور، حياة بدون طعم، ودنيا باهتة، وشعوري كأن الحياة مجرد حلم، حتى مع فرحتي يكون إحساسي بفقدان شيء لا أدري ما هو؟ أكون مع أصدقائي فرحانا، لكن هناك شيء متغير داخلي أفتقده.

رؤيتي للناس وللدنيا كأنها رؤية ناقصة مختلفة مختلة، فيها خلل، وأحيانا أحس أني في حلم، مع اختلاف بسيط.

أمارس رياضة رفع الأثقال، منذ 4 شهور، ومستمر إلى الآن، أميل بشكل بسيط للعزلة، ودائما أتوتر وأقلق لأتفه الأسباب، مثل وقت ممارستي لرفع الأثقال أخاف أن أكون قد حملتها بشكل خاطئ، وأخاف أن لا أستفيد، وخائف من مستقبلي ودائما أتوتر، وأخاف أن لا أتزوج التي أحبها، أو لا أكون بالوظيفة المناسبة، أو أن هذه الأعراض تستمر طوال حياتي.

دائما تزيد حالتي وشعوري بالسوء، إذا كانت عندي مشكلة أفكر فيها بالأسابيع، ويزداد التوتر.

أحيانا يكون لدي كسل غير طبيعي، أذهب إلى النادي وأرغم نفسي، لكن أول ما أصل هناك وأبدأ يكون الأمر طبيعيا.

الحالة هذه بدأت معي منذ سنة منذ ثالث ثانوي، وتخرجت -الحمد لله- بنسبة 91، وقدرات 80، وحاليا متدرب في أرامكو ITC، وأنا معقد؛ لأني توظفت بشهادة ثانوية، ومحتار، وأريد أن أكمل دراستي، وفي نفس الوقت لا أحب أن أترك أرامكو.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحالات التي مررت بها، وهي: كأنك تعيش في حلم، أو كأنك تنظر في المرآة، هذا وصف جميل جدا لحالة تعرف بـ (اضطراب الأنية) أي أن الإنسان يرى نفسه بعيدا عن ذاته، ويأتيه شعور بالتغرب، وتكون أحاسيسه بالواقع ليست هي الأحاسيس المعروفة.

هذا (اضطراب الأنية) يدرجه الكثير من أهل العلم والاختصاص تحت دائرة القلق النفسي، وهو بالفعل قلق من نوع خاص.

بعد ذلك تراكمت عليك الأمور، وقطعا هنالك روابط ومثيرات مهمة في حياتك، وأسوأها وأقبحها هي مشاهدة المواقع الإباحية والخلاعية.

أعتقد أن ذلك جعلك تعيش في تناقض كبير مع نفسك، الخير والشر بدءا يتصارعان، وهذا التناقض في المشاعر قطعا أدخلك في دائرة الاكتئاب، فما عبرت عنه في النصف الأخير من رسالتك كله يشير إلى الكدر والإحباط والضجر.

الذي أراه – أيها الفاضل الكريم – هو أن تجلس مع نفسك، وتجرد حياتك وتصل إلى قناعات بأنه من الأفضل لك أن تعيش حياة طيبة وهانئة وسوية، تنظم فيها وقتك، وترتب أمورك الدراسية، وتنظر للحياة بتفاؤل أفضل، وتكون ملتزما بصلاتك وعباداتك، وتنقي وتطهر نفسك، وتسموا وترتفع بها، وتسأل الله تعالى أن يهب لك الزوجة الصالحة.

أخي: هذه البوتقة من التفكير هي المطلوبة في حالتك، ولا أراها صعبة المنال، وأرى أن مقدراتك جيدة، وقابليتك للتغير كبيرة جدا، لكن هذا لا يتأتى إلا إذا كانت قناعاتك أنت نحو التغير موجودة.

الإنسان -أيها الابن الكريم- حين يشعر بقيمة التعافي - بقيمة التغيير الإيجابي - يسعى نحوه بجدية وجدية شديدة، فكن أنت على هذا النسق.

تنظيم الوقت بصورة صحيحة مهم جدا، ولا تدع مجالا للفراغ الذهني أو الزمني، هذا يقلل كثيرا من القلق ومن التوتر، ويشعرك بقيمتك الذاتية.

بر الوالدين أمر طيب وجميل، وأنا أراه من الناحية السلوكية من أعظم الأشياء التي تهذب النفس وتجعلها دائما في دائرة الطمأنينة، فكن على هذا النسق، وممارستك للرياضة لا شك أنها جيدة.

إذا هذا هو الذي أود أن أنصحك به، وقطعا تواصلك مع الطبيب أيضا مهم، الطبيب النفسي قطعا سيوجه لك مزيدا من الإرشاد، ويجعلك أكثر استبصارا بالجوانب الإيجابية في ذاتك، وقد يصف لك بعض الأدوية التي تساعد على زوال القلق والتوتر وتحسن المزاج، ليست أدوية في الحقيقة، إنما دواء واحد سوف يكفي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.

مواد ذات صلة

الاستشارات