السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
جزاكم الله كل خير على مجهودكم الرائع، لدي مشكلة وأطلب منكم النصيحة.
أنا فتاة تخرجت عام 2012 بنسبة عالية -ولله الحمد- وكان حلم حياتي أن أدخل كلية الطب، ولكن لم تقبلني الجامعة؛ لأني لم أحصل على درجة عالية في امتحان القبول، لذلك تم قبولي في كلية الهندسة.. في البداية لم أكن مرتاحة ولكني درست فيها لمدة شهر، وبعد ذلك قررت أن أسحب أوراقي من الجامعة، وأن أسافر لإحدى الدول القريبة لكي أقدم في كلية الطب؛ وبالفعل تم قبولي وشعرت بسعادة كبيرة، ولكني لم أكمل الدراسة هناك، لا أعلم ماذا حدث! شعرت فجأة بأني أريد العودة ولا أريد الدراسة، وفعلا عدت مرة أخرى، وقررت بأن أعيد تقديم الامتحان، وحصلت فيه على نسبة عالية -ولله الحمد-، وتم قبولي في كلية الطب عام 2013، ولكن في كلية الطب لدينا خطة منافسة، بمعنى أنهم يقبلون 200 طالب ولكن بعد السنة الأولى يتم اختيار 100 طالب، والذين حصلوا على أعلى النسب، وعلى الرغم من أنني حصلت على نسبة جيدة؛ ولكن للأسف لم أكن من هؤلاء الطلبة الذين تم قبولهم!!
والآن أنا لا أعرف كيف أتصرف، وماذا أفعل؟ هل يجب أن أعود للتقديم في الخارج، وأكمل الدراسة هناك؟ أم أصرف نظري عن الطب؟ أنا مترددة جدا ولا أعرف ماذا أختار! أنا أحب مجال الطب منذ الصغر، ولا أستطيع أن أفكر بمجال غيره، ومشكلتي أنني أرى السعادة فيه ولا أريد غيره؛ لذلك أحيانا أقول لنفسي بأنه يجب علي المحاولة مرة أخرى لكي لا أشعر بالندم، وأحيانا أقول بأني ضيعت بالفعل سنتين من عمري ولا مجال للمحاولات.
أنا على يقين بأن ليس كل ما يتمناه الإنسان يحصل عليه، ولكن لا أعلم لماذا أنا متمسكة بالطب؟!
أرجوكم ساعدوني في مشكلتي، وأعتذر جدا عن الإطالة.
شكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ نورة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بابنتنا صاحبة الطموح، وندعوها للاستمرار في هذا الطريق والإصرار واللجوء إلى -الله تبارك وتعالى-، ونؤكد لها أنه لا بد لمكثر القرع للأبواب أن يلجا، وأنك ستستفيدين من هذه التجارب، ونرى أن الفتاة خير لها أن تدرس في بلدها -ولو تعيد الاختبار-، ولكن إذا كان المكان في الخارج آمنا، وهناك من يستطيع أن يؤمنك على نفسك وعرضك؛ فلا مانع من إكمال الدراسة في مثل هذا المشوار، لكننا نتكلم عن الطب كتخصص فهو الأنسب للمرأة، وهو الأفيد للأمة، ونحن بحاجة إلى طبيبات من هذا النوع، بهذا الطموح، بهذا الإصرار، بهذا الحب للمهنة؛ حتى يقمن بعلاج بناتنا وأخواتنا وأمهاتنا؛ حتى لا يتعرضن لما يسبب لهن الإحراج والضيق عندما يتعاملن مع أطباء من الرجال.
والطب مهنة رسالية ومهنة إنسانية، ورفيدة الصحابية الجليلة نستطيع أن نقول هي صاحبة أول مستشفى عسكري طبي -رضي الله عنها وأرضاها-، فهي التي كانت تشرف على معالجة وتمريض سعد بن معاذ -رضي الله عنه وأرضاه-، في أرض المعركة. نحن بحاجة فعلا لطبيبات ملتزمات حريصات لهن طموح؛ حتى نستغني عن الرجال، ونستغني عن غير المسلمات.
ونؤيد فكرة الاستمرار والإصرار على التخصص؛ أنت لن تندمي -بإذن الله تبارك وتعالى- وكل هذه المحاولات، وهكذا ينبغي أن يكون طالب العلم، ما ينبغي أن يتوقف عند أول عقبة ولو فعل الناس كذلك، لما وصل الناس إلى القمم والنجاح.
فالمسألة تحتاج إلى مجاهدة وإصرار واستمرار، ونؤيد فكرة إعادة المحاولات والإصرار على دراسة هذا التخصص دون غيره.
ونشكر لك التواصل مع الموقع، ونتمنى أن نسمع عنك خيرا، والسنوات ما ضاعت؛ لأن الإنسان يستفيد من إخفاقاته كما يستفيد من نجاحاته، ولا أظن أن هذا إخفاقا، بل هي معايير عالية تتخذها الجامعات، فكوني صاحبة همة، وواصلي مشوار الطلب للعلم، واحتسبي الأجر والثواب عند الله -تبارك وتعالى-، واطلبي دعاء الوالدين، وكوني في حاجة الضعفاء ليكون العظيم في حاجتك، واستقيمي على شرع الله ودينه، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.