السؤال
السلام عليكم..
أنا فتاة في العشرينات، أشعر بالندم الشديد لاستسلامي للخطرات الشهوانية، فأنا ابتليت منذ فترة بمشاهدة بعض الصور الجنسية، مع أني كنت نقية جدا قبلها، ولكني ضعفت.
لقد ندمت وتبت، وأحاول أن أتزكى وأعود لما كنت، ولكني أشعر بأني فقدت كثيرا من عفتي وحيائي ونقائي، فهل يمكن لفطرتي أن تعود عفيفة سليمة كما كانت بعد التوبة، ويعود قلبي لصلاحه؟ أم أن ما حدث في القلب من آثار لا يمكن محوها؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ alaa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يطهر قلبك، وأن يزكي نفسك، وأن يصرف عنك شياطين الإنس والجن، وأن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين، وأن يجعلك من الصالحات القانتات، إنه جواد كريم.
بخصوص ما ورد برسالتك -ابنتي الكريمة الفاضلة-:
فإنه مما لا شك فيه أن المعاصي لها آثارها في ظلمة القلب، ولذلك ذكر ابن القيم -عليه رحمة الله تعالى ورضوانه- أن للمعاصي أكثر من مائة أثر، ومعظم هذه الآثار تقع على القلب، ومن كلامه الرائع يقول: اعلم -رحمك الله- أن المعاصي للقلب كالسموم للبدن، فكما أن الإنسان إذا أكل طعاما ساما فسد عليه بدنه؛ فكذلك إذا وقع على المعاصي أفسد على نفسه قلبه، وهذا الذي حدث فيما يبدو، أن هذه المعاصي التي وقعت فيها قد أثرت فعلا في قلبك وأدت إلى ظلمته وأدت إلى قسوته وأدت إلى تغير حالك، ولكن هل هذا الأمر لا عودة فيه ولا رجعة؟ الجواب لا، فإن الله تبارك وتعالى فتح أمامنا أبواب التوبة على مصراعيها، ويحب التوابين ويحب المتطهرين، والله تعالى يفرح بتوبة عبده إذا تاب إليه، وأنت ينبغي ألا تقنطي من رحمة الله وتقولي بأن الأمر ميؤوس منه، فإن الذنوب حتى إن كانت من الكبائر فإن الكبائر لها توبة، بل إن الكفر بالله -والعياذ بالله تعالى- أيضا لصاحبه فرصة في أن يتوب، إذا شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
لا يوجد ذنب -ابنتي الكريمة آلاء- إلا وله توبة، والله تبارك وتعالى لا يتعاظمه ذنب أن يغفره، ولذلك عليك بمواصلة الجهد، وهذا الأمر يستلزم عدة أمور:
الأمر الأول: التوقف فعلا عن هذه المعاصي، وأنا يبدو قد فهمت أنك قد توقفت نهائيا.
الأمر الثاني: الندم فعلا على هذه المرحلة التي مرت من عمرك وضيعتها في غير طاعة، وكان الممكن أن تموتي على معصية الله تعالى فيكون موقفك في قمة الحرج في الدنيا والآخرة.
الأمر الثالث: عقد العزم على ألا تعودي لهذا الأمر مطلقا تحت أي ظرف من الظروف، وتحت أي سبب من الأسباب.
الأمر الرابع: أن يكون ذلك في مرضاة الله تعالى وحده، وليس طمعا حتى في اللذة والحلاوة الإيمانية، وإنما أنا أترك الذنب حياء من الله حتى وإن لم أجد لذة وحلاوة العبادة التي كنت أجدها سابقا، المهم أننا تركنا الذنب من أجل الله تعالى وحياء من الله وخوفا منه جل وعلا، وهو سبحانه وتعالى إذا أكرمك بعودة حلاوة الإيمان فهذا فضل منه سبحانه، وإلا فيكفيك أنك لست عاصية له وأنك مجدة في الطاعة.
الأمر الخامس: الإكثار من الاستغفار، لأن من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق فرجا ومن كل هم مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب -كما ورد في بعض الأحاديث-.
الأمر السادس: أوصيك بالإكثار من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- لأن الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام تؤدي إلى رفع الهموم وإلى إزالة وتفريج الكروب وقضاء الحاجات ومغفرة الذنوب.
الأمر السابع: أوصيك بالإكثار من الذكر، لأن الذكر حصن حصين، وهو يجلي القلب، والاستغفار كذلك. أيضا عليك بالدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يتقبل الله توبتك، وأن يغفر الله ذنبك، وأن يستر الله عيبك، وأن يرد إليك ما فقدته من حلاوة الإيمان ومن الأنس به جل جلاله سبحانه.
اعلمي -ابنتي آلاء- أن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين، كما أخبرنا سبحانه وتعالى، واعلمي أنه يفرح بتوبتك فرحا عظيما، فلا يضحك عليك الشيطان، لأن هذا الذي تقولينه من: هل من الممكن أن الباب قد أغلق؟ أقول: هذا من كيد الشيطان، لأن الشيطان ما صدق أن وجد فرصة لينقض بها على قلبك، فإنك تعلمين أن الشيطان يشن حربا على الإنسان المؤمن ويغار منه ويحسده ويحقد عليه كما حقد على أبيك آدم -عليه السلام- وحسده، ولذلك ما أن بدأت تنظري لهذه الصور حتى اعتبر الشيطان هذه فرصة ذهبية، ولذلك ضغط عليك بكل قوة حتى لا تشعري بما كنت عليه من حلاوة وتزكية.
لذلك عليك بمواصلة هذه الأعمال، ولا تيأسي من روح الله، وأبشري بفرج من الله قريب.
هذا وبالله التوفيق.