السؤال
السلام عليكم..
أنا فتاة، أبلغ من العمر 19 سنة، أعاني منذ شهر تقريبا من أعراض غريبة، ابتدأت بشعوري بألم في بعض مناطق جلدي شبيهة بالآلام الناتجة عن الحروق، فلما ذهبت إلى الطبيب، أخبرني أن الأمر يتعلق بالحساسية، ووصف لي دواء اسمه ايزال على ما أعتقد، وبعدها بدأت تظهر على جسدي بقع حمراء تختفي بسرعة لتعاود الظهور في مكان آخر، هذا بالإضافة إلى شعوري بحرارة داخلية لا تطاق بين الحين والآخر.
ومع ازدياد حالتي سوءا، أصبح القلق يحاصرني، فزرت طبيبة أخرى، وطلبت مني إجراء تحاليل للغدة الدرقية، وقد كانت سليمة، فاكتفت بإعطائي بعض الفيتامينات وأقراص الماغنيسيوم.
لم يتغير أي شيء رغم أخذي الدواء، بل إنني أصبحت أشعر بتنميل خفيف في أنحاء جسمي، وألم في المفاصل، إضافة للأعراض الأخرى.
بحثت في المواقع الالكترونية عن تفسير لحالتي، لكنني لم أجد أي خيط يربط بين الأعراض التي أشكو منها، وإن وجدت شيئا؛ فإنه يكون عبارة عن مرض مخيف يبعث الرعب في أوصالي.
لقد أصبت جراء هذه الأعراض بقلق مرضي وضغط شديد -وحده الله يعلمه-، وأصبح لدي إحساس غريب يقول لي: بأنها نهايتي، أعلم أن الأمر ليس منطقي، ولكنني لا أستطيع التحكم في هذه الأفكار، لقد أصبحت أربط كل إشارة أراها وكل كلمة أسمعها بأنها تنبيه من الله على دنو أجلي، لقد أصبح الأمر يطاردني حتى في أحلامي، ففي الليلة المنصرمة، حلمت أنني زرت طبيبا، وقد أخبرني بأنني مصابة بتشمع الكبد، وأن أمامي عدة أشهر فقط على الموت.
آسفة على الإطالة، ولكن رجائي فيكم بعد الله أن أجد حلا للمصيبة التي نزلت علي من حيث لا أدري.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سلمى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أنت لديك مخاوف مرضية، وحين أتتك هذه الأعراض الجلدية؛ لم تجدي لها التفسير التام، وظلت حالتك تتأرجح ما بين التحسن وظهور هذه الأعراض، وهذا أدخلك في نوع من القلق والخوف والوساوس، وهذا أدى إلى هذا التفكير التشاؤمي الوسواسي فيما يتعلق أنك قد دنا أجلك، وكذلك ما شاهدته في الحلم قد دعم ذلك.
أيتها الفاضلة الكريمة: أنت تعانين من قلق المخاوف الوسواسي، كوني أكثر يقينا وتوكلا على الله تعالى، وسل الله تعالى أن يحفظك، وقناعتك يجب أن تكون راسخة بأن الأعمار بيد الله، وأن الخوف من الموت لا يزيد في عمر الإنسان ولا ينقصه لحظة واحدة، انصرفي للحياة، عيشيها بكل قوة، ركزي على دراستك، تواصلي اجتماعيا، كوني صاحبة مشاركات إيجابية في داخل بيت الأسرة، اذهبي إلى مراكز تحفيظ القرآن، مارسي الرياضة التي تناسب الفتاة المسلمة... هذا هو الذي سيفيدك، وهذا هو الذي سيصرف انتباهك تماما عن هذه المخاوف.
الأشخاص الذين يعانون من المخاوف المرضية الوسواسية ننصحهم أيضا بأن يراجعوا طبيبهم –طبيب الأسرة– مرة واحدة كل ستة أشهر، من أجل إجراء الفحوصات العامة، هذا وجد أنه مفيد ويمنع التردد والتنقل بين الأطباء، وإن شاء الله تعالى حين تعيشين حياة صحية سوف يطمئن قلبك، والحياة الصحية نعني بها: النوم المبكر، الغذاء المتوازن، الحرص على العبادة، التطور الفكري والمعرفي والاجتماعي، وأن يكون للإنسان خطط وأهداف موضوعية، أهداف على المدى القصير وأهداف على المدى البعيد، ويضع السبل التي توصله إلى ذلك.
بر الوالدين له فوائد عظيمة وجمة في تطوير الذات وبعث الطمأنينة في النفس.
أيتها الفاضلة الكريمة: أنا أفضل أن تذهبي وتزوري الطبيب –الطبيب النفسي أو طبيب الأسرة–، وذلك ليصف لك أحد الأدوية المضادة للقلق والمخاوف الوسواسية، من أفضل هذه الأدوية عقار يعرف تجاريا باسم (سبرالكس) واسمه العلمي (إستالوبرام) وأنت تحتاجين لتناوله لفترة لا تتجاوز ستة أشهر.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.
_____________________________________________
انتهت إجابة الدكتور/ محمد عبد العليم -استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان-.
وتليها إجابة الدكتور/ محمد علام -استشاري الأمراض الجلدية والتناسلية-.
______________________________________________
أتصور أن ما تعاني منه –أختنا الكريمة- من خلال الوصف المذكور في بداية الاستشارة من ظهور بقع حمراء تختفي ثم تعاود في الظهور مرة أخرى في أماكن مختلفة، ومصحوبة ببعض الأعراض هو ما يعرف بمرض الأرتيكاريا أو الشرى، وهو في العادة يظهر في صورة طفح جلدي مرتفع عن الجلد، وانتفاخات، واحمرار، وحكة، أو وخز، وببعض الأشكال الإكلينيكية المختلفة الأخرى، وفي الحالات الشديدة يكون الطفح الجلدي مصحوبا بانتفاخ في الأنسجة المبطنة للحنجرة والأمعاء، ويشتكي المريض من ضيق بالتنفس، واضطرابات وألم بالبطن، ويوجد نوعان رئيسان من الأرتيكاريا التقليدية:
النوع الحاد: والذي يلازم المريض لفترة قصيرة أقل من ستة أسابيع، وفي الغالب يكون سببه حدوث عدوى ميكروبية، أو تناول بعض المأكولات، أو الأغذية المحفوظة، مثل: (السمك، والبيض، والمكسرات، والكيوي، و ...)، أو تناول بعض العلاجات، ومن أهمها المضادات الحيوية، والتطعيمات، أو بسبب لدغ الحشرات، وبالأخص النحل والدبابير.
النوع المزمن: يلازم المريض فترات طويلة، ولا يوجد سبب واضح لحدوثه، وفي الغالب يكون هناك خلل مناعي يؤدي إلى زيادة إفراز المادة الكيميائية الهستامين في الجلد، وربما الأنسجة الأخرى، والتي تسبب الأعراض المذكورة سابقا.
في بعض الحالات تكون الأرتيكاريا عرضا أو جزءا من أعراض بعض الأمراض المناعية، مثل: الذئبة الحمراء، أو نتيجة للإصابة ببعض الأمراض العضوية المناعية، مثل: أمراض الغدة الدرقية.
وتوجد بعض أنواع الارتيكاريا أو الشرى غير التقليدية، أو ما يعرف بالارتيكاريا المادية أو الفيزيائية، مثل تلك المرتبطة بالتعرض للماء، أو الضغط على الجلد، أو بداية التعرق، وتغير درجة حرارة الجسم.
وعلاج الشرى أو الأرتيكاريا:
يكون بوصف بعض مضادات الهستامين من الجيل الحديث، مثل: (fexofenadine 180 mg, Deslorstidine 5mg, Levocetrizine 5mg)، ويكون ذلك كاف في أحوال كثيرة، ويمكن إضافة أحد مضادات الهستامين التقليدية مثل: الـ (Hydroxyzine 10 mg) مرة واحدة مساء إذا كانت الحالة لم تستجب بشكل كامل، أو مرض رغم استخدام الأنواع الحديثة بمفردها.
وأنصح أن يكون ذلك تحت إشراف طبيب أمراض جلدية متخصص، وأيضا للتأكد من التشخيص، وسبب حدوثه، وذلك بأخذ التاريخ المرضي للمشكلة بدقة، وفحص الجلد، وطلب بعض الفحوصات المعملية، أو الإجراءات الأخرى اللازمة، وتوجد بعض العلاجات الأخرى على حسب استجابة المريض.
وفقكم الله، وحفظكم من كل سوء.