السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد -صلي الله عليه وسلم
أما بعد: أرجو أن تساعدوني في حل مشكلتي، وسأدعو لمن يساعدني بأن ينال أعظم منازل الجنة، وما سأرويه لكم الآن هي عدة مشكلات تواجه فتيات في مثل سني، لذلك من يساعدني قد يساعد غيري.
أنا فتاة مراهقة متفوقة والحمد لله، متوسطة الجمال، مما يقلل من ثقتي بنفسي، مشكلتي الأولى هي: أنني أعاني من غيرة شديدة من فتاة في مثل الصف، والتي -ما شاء الله- تتمتع بجمال رائع يشهد به الناس، وهي أيضا محبوبة، ولديها شعبية بين صديقاتها، وهذا ما يبعث في نفسي الغيرة، خاصة عندما أراها وأتأملها، بالرغم من أن لديها بعض الصفات السيئة، مثل الكذب، لذلك أريد ممن يشاهد مشكلتي هذه أن يضع لي بعض الحلول، لأن هذه المشكلة قد تسيء لحياتي، لأنني أحيانا أفكر بها. أتمنى أن تساعدوني، وتضعوا حلولا لغيرتي هذه.
أما مشكلتي الثانية هي: أنني لدي صديقة متفوقة، ستسجل في صفي، وأخاف أن تأخذ مكاني وأن تتفوق علي، مع أنني قد أفوقها تفوقا، لذا أريد حلا لذلك، وأنا أيضا فتاة متوسطة التدين، لذلك أريد بعض الطرق لأصبح متدينة.
وشكرا لكم، وأرجوكم ضعوا لي حلولا صادقة ومفيدة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على التواصل معنا والكتابة لموقعنا.
الغيرة عاطفة من عواطف الإنسان، وإحدى المشاعر التي نحس بها بين الحين والآخر، كالغضب والحب والكره والسرور، وطبعا نحن لا نستطيع التخلص من هذه العواطف، ولكن يمكن أن نتعلم كيف نتعايش معها، بحيث تصبح قوة إيجابية دافعة في حياتنا وليست قوة سلبية محبطة.
وعاطفة الغيرة ليست كلها سلبيات، فمن فوائدها أنها قد تدفعنا للمزيد من العمل، وللمزيد من الإخلاص، وحب هذا الذي نغار عليه أو نغار منه، ولكن وككل شيء يزداد فإنه ينقلب إلى شيء سلبي.
حاولي أن لا تنظري إلى الأمر على أنه كله شر محض، فلولا الغيرة لما حرص الإنسان على رعاية نفسه أو حتى رعاية من يغار منه، وبالتالي لا تتوقعي أن تختفي الغيرة كلية من حياتك، والموضوع هو: أن نتكيف مع هذه الغيرة، وأن لا تخرجك عن نطاقها المناسب.
ومن علامات زيادة الغيرة وخروجها عن نطاقها المعقول هو أن تدفعك لظلم أحد، أو الإساءة إليه، فطالما هي عبارة عن مشاعر داخلية، وضمن الحدود المعقولة والمقبولة، فيمكنك تحويلها إلى طاقة إيجابية وغير سلبية، من باب تقوية علاقتك بالتي تغارين منها في حياتك، ولكن بشرط: أن لا تظلمي، أو تعتدي، أو تأخذي حقوق من تغارين منها.
بدل تجنب من تغارين منها اقتربي منها وتعرفي عليها، وحولي العلاقة لأمر إيجابي يقوم على التعاون والنصح بدل الغيرة والتنافس.
قد لا نستطيع التخلص من الغيرة بشكل كامل، إلا أنه يمكن أن نتعلم العيش معها، وأقول هذا كي لا نركض وراء سراب، ومن ثم نشعر بالإحباط والسلبية.
طبعا نحن نفرق بين الغيرة، وهي تمني النعمة التي عند الآخر، مع تمني ذهابها عنه أيضا، والغبطة، والتي هي تمني ما عند الآخر ولكن من دون زوال النعمة عنه، بل على العكس نتمنى له النجاح والتوفيق، وأن يعطينا الله ما أعطاه، فهي تمني الخير والنجاح للآخرين، فنجاحهم ليس على حساب نجاحك، والأرض واسعة وتتسع لك وللبنات الأخريات.
اطمئني؛ فأنت ستكبرين سنة بعد سنة، وستتعلمين كيفية الاعتدال في هذه العواطف والمشاعر، فأنت مازلت في 14 من العمر، أي في مرحلة المراهقة، وستتعلمين من خلال السنين هذا الاعتدال المطلوب، فصبرا على مر السنين.
وفقك الله وجعلك من المتفوقات.