أخاف عندما أرى حادثا أو أسمع عن حالة وفاة، ما نصيحتكم؟

1 449

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب أعمل مهندسا، وأعيش مع أبي وأمي وأخي، وكنت ناجحا في عملي، وأهلي يقولون: إنني متواكل، وأحب نفسي، وإنني قليل الصبر وحساس!

علما أني من الناس الذين يحبون المكوث في المنزل كثيرا، ولا أحب الخروج للشارع، ونمطي، وصعب التأقلم مع الأوضاع الجديدة.

مرضت والدتي منذ فترة، ومن حينها أصبحت أخاف على أهلي من الموت، ومن المرض، وأخاف أن أصبح وحيدا، وكيف سيكون مستقبل حياتي بدونهم، وأفكر فيهم كثيرا، وأنا في العمل، وأشعر أنني أنتظر خبر وفاتهم؛ مما أثر كثيرا على تركيزي في العمل، علما أنني قبل مرضها كنت غير ملتزم دينيا.

أصبحت أخاف عندما أرى حادثا أو أسمع عن حالة وفاة أو أن شخصا تعرض لحادث، وأصبحت لدي مخاوف من أن أكون مجرما، وأصبحت أخاف عندما أرى السكين أن أستخدمها في إيذاء شخص، وأصبحت لا أقرأ صفحة الحوادث في الصحف، وأصبحت تنتابني حالة خوف شديدة، وأنا أستقل سيارة العمل، حيث أني أجلس في المقعد الأمامي، وأشعر أنني سأفتح باب السيارة.

أصبحت أتصل بإخوتي كثيرا، وأنا في العمل، حيث أشعر بالأمان، وأحيانا أزور إخوتي في منزلهم كثيرا، حيث أشعر بالأمان عند الجلوس في بيتهم كأنني طفل، حتى إنهم قالوا: إنك تبحث عن بديل عن الأم والأب لكي تشعر بالأمان.

أصبحت أواظب الحمد لله، على الصلوات في المسجد، وأحيانا أجلس في المسجد كثيرا بعد الصلاة، وأشعر بالأمان عندما أجلس في المسجد، وأشعر أنه هروب من مواجهة الحياة، ومن المشاكل، وأشعر بالاطمئنان والأمان عندما أجلس في البيت بجانب والدي ووالدتي.

ذهبت لدكتور وأعطاني (زيروكسات) وأخذته فترة ثم توقفت، وأصبحت أهتم بالعلاج السلوكي، وهو أن أكثر من مكوثي بالشارع لإزالة الخوف.

نصحني الطبيب بخطبة فتاة لكي تتحسن حالتي، وبالفعل تقدمت لخطبة فتاة وتحسنت حالتي نسبا، والحمد لله، لكن ما زالت لدي العديد من المخاوف، منها هل أستطيع أن أتحمل مسؤولية الزواج؟ وهل أستطيع الانتقال للمسكن الجديد وترك أهلي والمسجد الذي أصلي فيه والناس الذين أعرفهم؟ وهل سأستطيع التعرف على أناس جدد؟ وماذا أفعل إذا مرضت أو ماتت زوجتي؟ وهل سأستطيع تربية الأولاد؟ وإذا حدث خلاف مع زوجتي هل ستتركني؟ علما أنه لم تكن لدي تجارب سابقة مع الفتيات والحمد لله، الفتاة سعيدة جدا.

علما أنها قالت: إنها تعاني أيضا من مخاوف وقلق من المستقبل، حيث أن والدها متوفى، وتشعر أنني سأساعدها، فأصبحت أشعر بالمسؤولية أكثر.

أرجو مساعدتي في إعطائي برنامجا عمليا كيف أتخلص تماما من هذه المخاوف والتفكير فيها؟ حيث إنني تحت ضغط نفسي مستمر، فكيف أتخلص من عيوبي الشخصية؟ وهل حالتي النفسية مؤهلة للزواج؟ حيث أن الزواج سيكون بعد أربعة أشهر إن شاء الله، حيث إنني أشعر بأنه لا يوجد هدف لدي للحياة، وهل هذا يرجع لضعف إيماني وتوكلي على الله؟ علما أنني مؤخرا أصبحت أشتري طلبات المنزل لمحاولة تغيير شخصيتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بالفعل أنت تعاني من وساوس افتراضية مستحوذة، ولديك بالطبع جانب المخاوف واضح جدا.

أيها الفاضل الكريم: الخطوات العملية هي كالآتي:
أولا: التفكير الإيجابي، أنت محتاج أن تفتت هذا الفكر السلبي الذي يسيطر عليك، وأن تنظر لوضعك الآن، دع ما مضى، وحتى المستقبل لا تشغل نفسك به كثيرا، أنت الحمد لله تعالى لديك طاقات نفسية، لديك طاقات جسدية، لديك إلمام معرفي، ناجح في الحياة – كما قيل لك - ... هذا كله يجب أن تستشعره وتعيشه بقوة.

ثانيا - وهذه خطوة عملية مهمة جدا –: هو أن تكون لك برامج يومية تدير من خلالها وقتك، حسن إدارة الوقت تبعث في الإنسان الكثير من التفاؤل، وتشعره بمردود إيجابي، وهي مكافأة ذاتية عظيمة، ومن يدير وقته بصورة صحيحة سوف يدير حياته، وحسن إدارة الوقت لا تعطي مجالا أبدا للفراغ الذهني أو المعرفي أو الفراغ الزمني، مما يضيق الخناق على الوسواس، هذه هي الخطوة العملية الأساسية التي أنصحك بها.

النقطة الثالثة: الرياضة وتمارين الاسترخاء يجب أن تكون جزءا من حياتك.

رابعا: موضوع الزواج يجب أن تقدم عليه، والزواج فيه خير كثير وخير عظيم، ولا تلجأ إلى التحليل الوسواسي حول الزواج، هذا خطأ كبير جدا، ارجع إلى النص القرآني في سورة النور: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإيمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله} فالتدبر والتأمل في هذا النص القرآني يعطيك حقيقة ثقة عظيمة في أن الإقدام على الزواج هو مفتاح لأبواب الخير، وليس هنالك أبدا أي سبب لأن يتردد الإنسان خاصة ممن هم أمثالك، لديك كل المؤهلات التي تجعلك إن شاء الله تعالى، زوجا صالحا، وأسأل الله تعالى أن يرزقك الزوجة الصالحة.

الخطوة الأخرى: أنت محتاج لعلاج دوائي، وأصحاب الوسواس والمخاوف كثيرا ما يترددون في قضية الأدوية، وأنت لديك تجربة معقولة فيما مضى مع الزيروكسات، هو دواء لا شك أنه ممتاز، لكن أرى أن الدواء الأنسب بالنسبة لك هو الفافرين (فلوفكسمين).

أيها الفاضل الكريم: ربما إذا زرت الطبيب النفسي سوف تزداد قناعتك جدا بتناول الدواء، لأن المكونات العلاجية الأساسية في حالتك هي المكون البيولوجي، المكون النفسي، والمكون الاجتماعي. تكلمنا عن المكون النفسي والمكون الاجتماعي، وبقي المكون الدوائي، أعتقد أن الثلاثة مكملة لبعض.

تشاور مع طبيبك حول الدواء، ويجب أن تكون الخطة العلاجية الدوائية قائمة على المراحل العلمية المعروفة، حيث إن الدواء يبدأ الإنسان بالجرعة التمهيدية ثم ينتقل إلى الجرعة العلاجية، ثم الجرعة الوقائية، ثم بعد ذلك جرعة التوقف التدريجي عن الدواء، والحمد لله تعالى الأدوية التي بين أيدينا الآن سليمة جدا وفاعلة جدا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وكل عام وأنتم بخير.

مواد ذات صلة

الاستشارات