السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحب أن أبارك لكم بقدوم شهر رمضان المبارك تقبل الله صالح أعمالكم.
عمري 17 سنة، بداية مرضي منذ تسعة أشهر تقريبا كنت جالسا في غرفتي، وأحسست بكهرباء خلف الرقبة، وتنميل في يدي، وسرعة في دقات القلب، وجفاف في الفم، ذهبت مسرعا للمستشفى، وعملت جميع فحوصات الدم والقلب، وكلها سليمة، وأخبرني الطبيب أني متوتر وقلق فقط، وبعدها ذهبت للنوم، وأتتني كوابيس استيقظت من النوم، وأنا أشعر بكهرباء خلف الرقبة، وألم في المعدة، وخوف شديد، وأصبحت كثير الذهاب إلى المستشفى، وعملت الفحوصات، وكلها سليمة.
استمريت على هذا الحال لمدة أسبوع، وبعدها أحسست براحة، لكن سرعان ما عاد المرض، وكان أشد، خوف شديد، وصداع، وضغط على منطقة الجبهة، وشعور أني في حلم، أستغرب من الدنيا، ومن أشكال أهلي، وكل شيء أحسه غريبا عني، والرؤية غريبة لا أستطيع وصفها، وغثيان، ودوخة، وتعب في كامل جسمي، وخوف من الجلوس وحيدا في المنزل، وبسبب هذا الخوف تركت النوم في غرفتي، وأنام في غرفة أخي الكبير، وهذا الشيء أزعج والدي.
بعد مرور خمسة أشهر كنت أتصفح النت، وقرأت عن الهلاوس والشكوك، والأمراض النفسية شعرت بخوف شديد، ودوخة، وغثيان، وكتمة في صدري، ورؤية نقط سوداء تختفي بسرعة، وهذا الشيء أرعبني؛ لأني أظن أنها هلاوس، وأصبحت أراقب كلامي وتصرفاتي، وأشعر أن شخصيتي تغيرت، وأي صوت أسمعه أذهب للتأكد من مصدر الصوت، وأصبت بنسيان وسرحان، وعندما كنت أتمشى في البحر أتتني أفكار أني سوف أسقط في حفره، هل هذا طبيعي؟ وبسبب هذه الحالة شعرت بخيبة أمل وحزن ورغبة شديدة بالموت لدرجة أني أفكر في الانتحار، ونصحني أحد الأطباء باستخدام عقار الدوجماتيل؛ لكني لم أستفد منه أرجوك -يا دكتور- ساعدني، حاولت التغلب على هذه الأفكار، لكني لا أستطيع، وأشعر أن حالتي هذه مقدمات للجنون.
أنا خائف جدا، أخاف من فقدان بصيرتي في يوم من الأيام، ساعدني يا دكتور لا يوجد أي طبيب نفسي في مدينتي، وما سبب خوفي من الجلوس وحيدا في المنزل؟ كنت في السابق لا أخاف، أما الآن فأنا مثل الطفل أريد التخلص من الخوف من الهلوسة والنسيان والشعور أني في حلم -يا دكتور- أنا في هم لا يعلمه إلا الله حياتي تدمرت لا أعلم ما علتي؟ جنون أو خلل في عقلي؟ وما سبب الألم والحرارة في الرأس؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فالآن أنت تعيش في هذا الوضع النفسي السلبي؛ لأن الخوف قد استحوذ عليك تماما، وفي ذات الوقت التجربة النفسية التي تمر بها قطعا هي تجربة غريبة بالنسبة لك، وأعطتك شعورا يمكن أن نسميه نوعا من اضطراب الأنية، أو التغرب أو البعد عن الذات، وهذا نوع من القلق النفسي الشديد.
بالنسبة لموضوع الهلاوس: أنا لا أرى أنك تعاني من هلاوس حقيقية، التجارب التي تحدثت عنها هي نوع من الهلاوس الكاذبة أو ما يشبه الهلاوس، وهذه نشاهدها أيضا في حالات القلق والتوترات وافتقاد الطمأنينة الداخلية.
أيها الفاضل الكريم: كنت أتمنى أن تحاول وأن تذهب وتقابل الطبيب، أنت ذكرت المنطقة التي تعيش فيها ليس فيها أطباء نفسيون، لكن المملكة العربية السعودية -ما شاء الله- بها خدمات طبية نفسية متميزة، فإن لم تكن هناك خدمة في مدينتك، فاسأل عن أقرب خدمة طبية نفسية واذهب وقابل الطبيب.
وإذا صعب عليك ذلك فأعتقد أن الـ (دوجماتيل) جيد، ويمكنك أن تستمر عليه، يضاف إليه دواء آخر يسمى (زولفت)، أو يسمى تجاريا (لسترال)، أو كما يسمى علميا (سيرترالين).
أنت قطعا لديك مخاوف، ومخاوف عدم الجلوس وحدك في المنزل، هذه تشبه ما يعرف برهاب الساحة، والخوف أن يكون الإنسان وحيدا، أو أن يخرج وحده، أو يكون في الأماكن الضيقة، أو المتسعة، هنا عقار (زولفت) يعتبر متميزا جدا لعلاج مثل هذه الحالة، والجرعة هي حبة واحدة، يتم تناولها ليلا، وقوة الحبة خمسون مليجراما، تستمر عليها لمدة شهر، بعد ذلك تجعلها حبتين ليلا – أي مائة مليجرام – وهذه هي الجرعة العلاجية التي تستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، بعد ذلك اجعلها حبة واحدة ليلا لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها حبة يوما بعد يوم لمدة شهرين، ثم حبة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.
أما بالنسبة للدوجماتيل – والذي يسمى أيضا جنبريد في السعودية – فأعتقد أن جرعة خمسين مليجراما صباحا ومساء لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسين مليجراما صباحا لمدة شهرين، سوف تكون كافية جدا.
أخي عبد الله: أنا أيضا أرى أنك سوف تستفيد كثيرا من ممارسة الرياضة، الرياضة تعتبر من الوسائل الممتازة جدا لإراحة النفس واستقرارها، وبعث الطمأنينة فيها، فاحرص على البرامج الرياضية، واحرص على صلواتك في المسجد بانتظام، جالس إمام مسجدك، تواصل مع أصدقائك، حاول أن تكثر من اطلاعاتك الثقافية، وأن تجعل لحياتك هدفا ومعنى.
كل الأعراض الجسدية التي تعاني منها – أيها الفاضل الكريم – هي مرتبطة بحالة القلق والمخاوف التي تعاني منها، وأعتقد من خلال تناول الأدوية واتباع ما ذكرته لك من إرشاد أو الذهاب ومقابلة الطبيب أعتقد أن الأحوال سوف تتغير إلى الأحسن.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.