أشعر بأنني لم أنجز الكثير في حياتي الدنيوية مما أصابني بالإحباط، فما العمل؟

0 377

السؤال

أنا شاب أعمل صيدلانيا، عمري 28 عاما، عندما تخرجت منذ 6 سنوات كان أمامي العمل في مجال الدعاية ولكني رفضته لوجود شبهة به، رغم دخله المرتفع، أو فتح صيدلية خاصة، وهذا يحتاج مبلغا ضخما لم يكن متوفرا معي عندها، أو السفر، وهذا لم يكن متاحا لظروف صحية، أو العمل في صيدلية خاصة، وهذا يدر أقل راتب، ولكن دون شبهة حرام.

كنت فرحا بهذا الأمر، وكنت أقول في نفسي: (أنني تركت شيئا لله فلا بد أن يعوضني الله خيرا منه). بدأت أثناء عملي منذ 4 سنوات في تحضير دراسة ماجستير لتحسين وضعي وإيجاد فرصة عمل أفضل؛ إيمانا مني بأن العلم أساس كل تقدم و نجاح. كنت فرحا جدا ومليئا بالحيوية، وكنت أعمل لأكثر من 15 ساعة بين ساعات الدراسة والعمل. ترقيت في عملي و صرت مديرا وحدث تعديل بسيط في راتبي و كنت فرحا به جدا، وكنت أصغر مدير عرفته الشركة. بدأت في دراسة اللغة الألمانية رغبة مني في الدراسة وإكمال الدكتوراه والعمل في ألمانيا.

لكن بعد ذلك -وعند كتابة الرسالة- أصبت بإحباط شديد، بدأت أشعر بملل غير عادي؛ حيث إن مشرف الرسالة الخاص بي صار بطيئا جدا، وبالتالي أثر هذا علي معدل التقدم. زادت المشاكل في عملي، وبدأت إدارة المكان تمارس ضغوطا علينا؛ مما يتسبب في جعلي أظلم من هم تحتي في العمل.

أصبت بيأس وإحباط شديدين وصرت لا أري لنفسي أي مستقبل. صرت كثير الشرود وسريع الغضب، أثور لأتفه الأسباب. صارت تهاجمني هواجس من نوعية: (أين هو الأفضل الذي توقعت أن يمنحك الله إياه؟)،
صرت أوبخ نفسي كثيرا وأقول: (أنت من فعل هذا بنفسه، أنت الآن كبير السن ولن يقبلك أي مكان للعمل). صرت أفكر بشكل (نفسي نفسي) بعد أن كنت أميل إلى أن أنفع الناس والمسلمين بعلمي. أصبت بفتور شديد في كل حياتي علي كل الأصعدة.

ساءت حالتي الصحية وازداد معدل النوبات أكثر مما كان. وصار الهاجس الوحيد الذي يخيم علي أنني فاشل، ولا أصلح لشيء، وأن حياتي ستكون بلا فائدة لأنني إنسان عديم الفائدة، كما أنني صرت أقارن نفسي بمن هم في سني واختاروا الطرق الاخري، والآن هم أفضل حالا مني. أنا لا أنكر فضل الله علي في أشياء كثيرة؛ فبفضل الله عندي نعم كثيرة، والحمد لله، ولكن معظم الأشياء عندي أملكها بمساعدة من والدي، وأشعر أنني عندما أكبر لن أستطيع أن أؤمن مستقبل أولادي، كما أمن والدي مستقبلنا أنا وإخوتي.

أشعر أيضا بنوع من الندم أنني فكرت واخترت أن أتميز مع العلم أن هناك من فعل هذا قبلي، وهذا نتاج تفكيري أني صرت بلا هوية، وأن سبب كل هذا هو أنني لم آخذ بالأسباب الكافية.

برجاء إفادتي ماذا أفعل، وكيف أتصرف؟ نصحني الكثيرون أن أقبل علي الله بصدق، ولكن لا أعرف كيف؟! رجاء ساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Khaled حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نريد أن نوجهك بداية – ونحن في هذا الشهر الفضيل – بأن تتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وتعرف نعم الله عليك فتؤدي شكرها لتنال بشكرك لله المزيد. حافظ على هذا التميز الذي كنت عليه، واعلم أن الشيطان همه أن يحزن أهل الإيمان، ولكن ليس بضارهم شيئا إلا بما قدر مالك الأكوان، واعلم أنك كنت تسير في طريق النجاح، وأنك بسهولة تستطيع أن تعود إلى ما كنت عليه، واعلم أن طاعتك لله وإقبالك عليه هو مفتاح للخيرات، مفتاح للطمأنينة، مفتاح لمزيد من النجاح، مفتاح للصعود إلى المعالي.

لا تقارن نفسك بالآخرين، ولكن تعرف أولا على ما وهبك الله من النعم، وإذا أديت شكرها نلت من الله تبارك وتعالى المزيد.

ولا تنظر في أمر الدنيا لمن هم فوقك، وانظر في أمر الدنيا إلى من هم أسفل منك لتؤدي شكر الله عليك، أما في أمر الدنيا فانظر إلى القدوات لتتأسى بهم وتسير على دربهم وخطاهم، وتعوذ بالله تبارك وتعالى – كما قلنا – من شياطين الإنس والجن.

واظب على أذكار المساء والصباح، واقرأ على نفسك الرقية الشرعية، واستأنف الحياة بأمل جديد وبثقة في الله المجيد.

ما قمت به من عمل دليل على أنك ناجح، فأنت أصغر مدير، وأنت حققت نجاحات، وهذه نعم أرجو أن تؤدي شكرها وتشجع نفسك بها، وتبني عليها ما بعدها، لا أن تتراجع إلى الوراء، واعلم أن ضغوط الحياة وصعاب الحياة والمواقف الفاشلة لا تزيد الناجحين إلا ثباتا ورسوخا، بل هي محطات مهمة نعرف من خلالها طعم النجاح، ونعرف من خلالها طعم المجهود الذي نقوم به، ونتعرف من خلاله على نعم الله تبارك وتعالى علينا.

لا تفكر في هذه الأمور، ولا تدور حول نفسك بطريقة سلبية، لا تقل لو أني فعلت كذا كان كذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل، فإن المؤمن إيجابي، لا يرجع إلى الوراء، ولا يفكر بطريقة سلبية، فلا تبكي على اللبن المسكوب، واحرص دائما على أن تتوجه إلى الله تبارك وتعالى، ودائما شجع نفسك، فأنت حققت نجاحات، وتستطيع بإذن الله أن تفعل الكثير.

نسأل الله لك التوفيق، ونوصيك بالذكر والتلاوة والإنابة والإقبال على الله والتوجه إليه بالدعاء، وكن في حاجة الضعفاء ليكون العظيم في حاجتك، واطلب رضا الوالدين ودعائهم، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات