السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بارك الله فيكم وفينا جميعا.
شيخي الكريم: جزاك الله بكل خير أعطيتنا إياه أضعافا مضاعفة, وضاعف في حسناتك وتجاوز عن سيئاتك, وأدخلك فسيح جنانه.
أنا فتاة أبلغ من العمر 15 سنة، عندما أشعر بالخوف ألجأ إلى الله -عز وجل-, وأشكو له ضعفي وحزني, لكنني فعلا أريد تقوية إيماني, ولكن لا أعلم كيف، كلما أردت الاقتراب من الله -عز وجل- أكثر وأكثر, أشعر بأنني لا يمكنني ذلك، مع أنني أصلي وأصوم وأؤدي كل فروضي، ساعدني فالوساوس تقتلني, بأنه يمكن أن يحدث الكثير من الأشياء السيئة, ساعدني يا شيخ، كيف أقترب من ربي أكثر وأكثر وأترك كل الوساوس التي تدور برأسي -وساوس لم أذكرها-، جزاك الله ألف ألف خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
ابنتنا الفاضلة/ ملاك حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله -جل جلاله- أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يكثر من أمثالك، وأن يجعلك من الصالحات القانتات، وأن يمن عليك برضاه ورضوانه، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك -ابنتي الكريمة الفاضلة- فنحن سعداء حقيقة بتواصلك وحرصك على الخير رغم صغر سنك، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أنك على خير، وأنك -إن شاء الله تعالى- دائما إلى خير، ونسأل الله أن يحفظك ويرعاك -ابنتي الكريمة ملاك-.
فأما عن سؤالك بأنك تريدين أن تتقربي من الله -تبارك وتعالى- أكثر وأكثر، فأقول لك: إن التقرب إلى الله -تبارك وتعالى- يكون من طريقين: طريق أداء ما افترضه الله -تعالى-، فحافظي على الطهارة، وحافظي على الصلوات في أوقاتها، وحافظي على أذكار ما بعد الصلوات، وحافظي على الأدعية، أكثري من دعاء الله -تعالى- أن يثبتك على الحق كما كان النبي يفعل -عليه الصلاة والسلام- عندما كان يقول: (اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك) كذلك أيضا: (اللهم يا مصرف القلوب والأبصار صرف قلبي لطاعتك) كذلك أيضا دعاء القرآن الكريم: {ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب}، وأيضا دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك).
هذه الأدعية تحتاجين لها مع العبادات، وحافظي على الحجاب الشرعي، وإذا كانت عندك قدرة على صيام التطوع فاجتهدي في ذلك، ولو صيام ثلاثة أيام من كل شهر، ومن الممكن أن تصوميها مجتمعة أو متفرقة، أو أن تصومي اثنين وخميس إذا كانت ظروفك تسمح وقدرتك البدنية تسمح، وحياتك المعيشية تسمح، أو تصومي ثلاثة أيام من كل شهر.
واجعلي لك وردا من القرآن – ابنتي ملاك – تقرئينه، لأن القرآن هو مستودع الإيمان، فكلما كنت على علاقة مع القرآن كلما زاد الإيمان عندك، وكلما قويت محبتك لله، لأنك بالقرآن سوف تتعرفين أكثر وأكثر على الله -تبارك وتعالى-، ولو تعرفت على الله -تبارك وتعالى- سوف تحبينه حبا عظيما جدا، كما قال -سبحانه وتعالى-: {والذين آمنوا أشد حبا لله} ولذلك لم يكن عند النبي -عليه الصلاة والسلام- من معجزة أقوى من القرآن الكريم، فكان الكافر يأتي يطلب من النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يعرض عليه الإسلام فكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقرأ عليه شيئا من القرآن، وكان هذا كافيا في دخول الناس الإسلام.
إذا تحافظين على ما فرضه الله -تعالى- عليك وبينه النبي -عليه الصلاة والسلام- في سنته، وتكثرين من ذكر الله -تبارك وتعالى-، دوام الذكر على كل حال، قدر الاستطاعة تكثرين من ذكر الله -تعالى- خاصة (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر) أو (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) أو (سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم) أو (سبحان الله وبحمده أستغفر الله) أو (سبحان الله وبحمده) فقط، أو (لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، والحمد لله) المهم أي نوع من أنواع الذكر تكثرين منه، وتكثرين من الاستغفار.
كذلك تكثرين من الصلاة على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- بنية أن الله يرزقك قوة في إيمانك، وقربا منه -سبحانه وتعالى-، تكثرين من الاستغفار، فإنه مفيد، ولأنه مطهر. إذا هذه أمور تفعلينها وتحافظين عليها.
الأمر الثاني أو الشق الثاني: ترك المعاصي التي حرمها الله -تبارك وتعالى- كالاختلاط مثلا مع الذكور، الكلام مع الشباب طبعا الذين ليسوا لك بمحارم، كذلك أيضا عدم التبرج، كذلك ترك الوقوع في المعاصي كالغيبة والنميمة والكذب والزور والبهتان والغش والخداع، هذه كلها أشياء تتركينها، كذلك أيضا ترك مشاهدة الأشياء المثيرة، مشاهدة الأشياء المحرمة، هذه أيضا من الأشياء التي ينبغي أن تتركينها.
تحافظين – بارك الله فيك – على عدم إيذاء الناس، وقولي للناس حسنا، وتحرصين على بر الوالدين، وعلى صلة الأرحام، وعلى إكرام والديك قدر الاستطاعة والإحسان إليهما، وإكرام إخوانك وأخواتك والصبر عليهم، ومساعدة الوالدة إذا كانت موجودة وفي حاجة إلى مساعدتك، تقديم يد العون والمساعدة لكل أحد، البعد عن الأشياء التي لا ترضي الله -تبارك وتعالى-.
بهاتين الطريقتين – يا بنيتي – ستكونين -بإذن الله تعالى- رائعة، وستكون علاقتك مع الله جيدة.
أيضا يلزمك أن تكوني قوية في دينك ودنياك، لأن النبي قال -عليه الصلاة والسلام-: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف) أقصد بذلك إن كنت طالبة تذاكرين وتجتهدين في دراستك حتى تكوني الأولى على مجموعتك، لأنك بذلك سوف تخدمين دينك بقوة، لأن الإنسان الضعيف يصعب عليه أن يخدم الدين، أما الإنسان القوي هو الذي يحبه الناس ويحترمونه، وكلامه يكون مسموعا.
ولذلك عليك بجوار ما ذكرته محاولة دعوة غيرك من الفتيات إلى الالتزام، واحدة غير محجبة تطلبين منها الحجاب وتتكلمين معها في أمر الحجاب، أو واحدة من صفتها الكذب تذكرينها بالله -تعالى-، وبذلك ستكونين -إن شاء الله تعالى- رائعة.
هذا وبالله التوفيق.