السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الإخوة الأفاضل القائمين على هذا الموقع الطيب الثري، -جزاكم الله خيرا وسدد خطاكم، ونفع بكم المسلمين.
سؤالي: هو أنني كنت أعاني من اكتئاب، وفقدان الثقة في المستقبل، ونظرة سلبية دائمة للحياة، ورهاب اجتماعي، وانعدام الثقة بالنفس بمعنى الكلمة وكسل وإحباط دائمين، وبعد استشارتي للأطباء النفسيين نصحوني بتناول عقار مودابكس، والذي يعرف علميا بـ"سرترالين" وأتممت كورس العلاج كما نصحني به الأطباء جزاهم الله خيرا، واستغرقت مني خطة هذا العقار وقتا يتعدى السنة، وانتهيت بالانسحاب التدريجي.
طيلة تناولي لهذا العقار زالت عني كل الأعراض التي ذكرتها، وأصبحت شخصا إيجابيا يحب العمل، ويتفاءل خيرا بالحياة والمستقبل، ولا يخشى المواجهة مع الآخرين، قويا في آرائه ومدافعا عنها، وواثقا من نفسه، شعرت بسعادة فائقة، ودعوت الله للذي دلني على هذا العقار الناجح، ولكن بعد توقفي عنه بأسبوع شعرت ببدء عودة تلك الأعراض، ولكن ليس بالنسبة التي كنت عليها قبل تناول المودابكس يعني بنسبة أقل، لكنني الآن أخشى أن تتفاقم تلك الأعراض وتحدث انتكاسة، وأعود إلى تلك الأعراض كسابقها مرة أخرى، أرجو أن تفيدوني إلى أصوب الحلول، وأنفع العلاج بعد التزام قربة الله، وبعد أن ألتزم العلاج السلوكي، أرجو اقتراح العلاج الدوائي الأمثل لي، علما أنني بعد البحث في موقعكم الخير أعجبت وأملت في عقار (فلوكستين)، فهل تنصحوني به؟ وإن كان يتراءى لكم الأكفأ فدلوني؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد، وأشكرك على ثقتك في إسلام ويب.
النموذج الأمثل للعلاج لمعظم الحالات النفسية يتكون من ثلاثة مقومات، وهي: العلاج السلوكي، العلاج الاجتماعي، العلاج الدوائي، معظم الناس يحتاجون لهذه المشتقات الثلاثة مع بعضها البعض، لكن يوجد بعض التفاوت أيضا بين الناس، هنالك من يفيده الدواء بصورة أكثر، هنالك من يحتاج للعلاج السلوكي بصورة أكثر كثافة، وهكذا، ونحن نقول أن الأنماط الثلاثة يمكن أن تسير مع بعضها البعض.
بعض الناس لديهم قابلية واستعداد لأن تحدث لهم هفوات انتكاسية بسيطة من وقت لآخر، هذا يجب ألا يكون أمرا محبطا ومثبطا؛ لأن تجربة الأعراض ورجوعها في بعض الأحيان تحفز الإنسان للتخلص منها، وأن يدبر حياته ويكون أكثر إصرارا؛ لأن يبدل مشاعره وأفكاره السلبية ويجعلها إيجابية.
فيا أخي الكريم: الذي أريده منك هو أن تلجأ لهذه الأساليب السلوكية، أساليب تغيير نمط الحياة، والإصرار على ما هو إيجابي، وحسن إدارة الوقت، ووضع برامج آنية ومستقبلية من أجل تحقيق الآمال والغايات والأهداف، هذا مهم جدا، والتواصل الاجتماعي، الاهتمام بأمر الأسرة، والمشاركة في أنشطتها، والعمل على تطويرها واستقرارها... هذا كله نوع من العلاج الأصيل والضروري والمهم، والرياضة أيضا يجب أن تأخذ حيزا في حياتنا.
فيا أيها الفاضل الكريم: هو أسلوب علاجي منهجي سلوكي مشهود بكفاءته وأهميته.
هذا بالنسبة لك أراه ضروريا، وبهذه الطريقة -إن شاء الله تعالى- لن تتعرض لأي نوع من الانتكاسات بعد أن تتوقف عن تناول الدواء.
بالنسبة للعلاج الدوائي: أقول لك نعم، الفلوكستين يتميز بأن لديه إفرازات ثانوية، تبقى في الدم لبعض الوقت، لذا حين يتوقف عنه الإنسان لا تحدث انتكاسات أو ارتدادات سلبية، كما أنه دواء مرن جدا من حيث كيفية تناوله، فالذي أقترحه عليك هو أن تتناول الفلوكستين بجرعة كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر أخرى، وهذه ليست مدة طويلة، ثم بعد ذلك تناوله بجرعة كبسولة يوما بعد يوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها كبسولة واحدة مرتين في الأسبوع فقط لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم توقف عن تناول الدواء.
لكن لا بد أن تواصل المنهجية السلوكية الإيجابية بصورة متصلة ومضطردة، وأن تجعل فكرك ومشاعرك دائما في الجانب الإيجابي.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.