السؤال
أبلغ من العمر 32 عاما، وأعيش مع أبي وأمي، كنت أعيش حياة عادية منذ سنة، ولكن مرضت والدتي منذ سنة ومن حينها أصبت بالخوف من موتها، وفقدان أبي وأمي وأصبحت أخاف من السفر، ومن مواجهة الناس، ومن المستقبل.
علما أنني إنسان أحب المنزل كثيرا، ولا أحب الخروج، وأصبحت أخاف أن أذهب لأي مكان بمفردي، وأصبحت أخاف من قيادة السيارة، وفقدت الثقة بنفسي.
تقدمت لخطبة فتاة ووافقت، لكني متردد كثيرا حتى أنها قالت لي: إني أتسم بالخوف مثل والدها المتوفي، أخاف من مسئوليات الزواج، ومن تربية الأطفال، وعندما أتخيل أن عندي طفلا أظل أفكر كيف سأتعامل معه؟ وهل سأستطيع ان أربيه وأن أكون قدوة له؟ وكيف سأسكن بمفردي أنا وزوجتي بعيدا عن أهلي؟ وكيف سأتعامل مع الجيران حيث إنني خواف؟ وأيضا أخاف من الاندماج لعائلة جديدة حيث إنني أشعر أني أثق فقط في أبي وأمي وإخوتي.
كذلك لا أستطيع نفسيا أن أخرج من الحي الذي أسكن فيه، وأذهب لحي جديد للسكن فيه، وكذلك لا أستطيع أن أترك المسجد الذي أصلي فيه والناس الذين أعرفهم وأتعرف على أناس جدد.
أرجوكم أفيدوني، هل أستمر في خطبة الفتاة أم أتركها؟ حيث إن هذه المخاوف تقلقني كثيرا، وأشعر أني لا أستطيع تحمل مسئولية قرار الزواج، وأن تطلب زوجتي الانفصال بعد ذلك، علما أنني غير متحمس للزواج، لكن أهلي يقولون لي إن الزواج سيساعدني في الخروج من هذه الحالة النفسية.
كنت تقدمت لخطبة أكثر من فتاة قبل ذلك، ولكنني كنت أعتذر بعد فترة وعندها أشعر براحة نفسية، أنا تعبت نفسيا كثيرا، ولا أدري ماذا أفعل وأدعو الله كثيرا في صلاتي أن يزيل عني هذه المخاوف، والقلق والوساوس حتى أنني أفكر في عدم الزواج لكي أستريح من هذه الضغوط.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نعم ونحن ندعو الله تعالى أن يزيل عنك هذه المخاوف، والقلق، والوساوس، وهي بسيطة جدا -إن شاء الله تعالى-.
الذي يظهر لي أنك بفضل من الله تعالى إنسان تتمتع بمنظومة قيمية عالية، وتخوفاتك في الحقيقة هي تخوفات وسواسية ذات طابع افتراضي، يعني أنك دائما تضع العربة أمام الحصان فيما يخص الخطط المستقبلية وبناء مستقبلك، واتخاذ القرارات التي تدير من خلالها حياتك.
أخي الكريم: الفكر الافتراضي السلبي يجب ألا نهتم به، هذا مهم جدا، فأنت رجل -الحمد لله تعالى- بخير، ولديك الكثير من الميزات الإيجابية، يظهر عليك الطيبة، وحسن الخلق، وأنك محب لأسرتك، وأنت لا تريد أن تؤذي أحدا، وهذه كلها سمات طيبة وإيجابية، وما يأتيك من مشاعر حول تخوفك مما هو جيد، حتى أنك لا تريد أن تذهب لمسجد آخر، هذا النوع من الخوف الاجتماعي والسلوك النمطي يعالج من خلال التحقير واستبداله بما هو مخالف.
أخي الكريم: لا تتردد أبدا في موضوع الزواج، أقدم عليه، -وإن شاء الله تعالى- يتبدل حالك ويصبح إيجابيا، وحتى نطمئن عليك (أخي) بصورة أفضل إن سمحت ظروفك اذهب وقابل طبيبا نفسيا؛ لأنني أريدك حقا أن تتناول دواء بسيطا مضادا لقلق المخاوف الوسواسي، هذا سوف يساعدك كثيرا، وأنا متأكد أن الدواء سيعطيك دفعا إيجابيا، وبناء على ذلك ومن خلال تكوين هذه القاعدة الإيجابية أعتقد أن التطبيقات السلوكية، وتغيير نمط الحياة ليكون أكثر إيجابية دون خوف أو وجل من المستقبل، ودون افتراضات وسواسية، هذا سوف يكون ممكنا وسهلا جدا.
إن لم تتمكن من الذهاب إلى الطبيب، عقار يعرف تجاريا باسم (مودابكس)، ويسمى علميا باسم (سيرترالين)، ويسمى تجاريا أيضا (لسترال)، وأيضا (زولفت) سيكون دواء مفيدا، وأنت تحتاج له بجرعة صغيرة ولمدة قصيرة، الجرعة هي أن تبدأ بنصف حبة (خمسة وعشرين مليجراما) تناولها ليلا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة واحدة ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة ليلا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.
الدواء سليم، غير إدماني، وكما ذكرت لك الجرعة التي وصفناها لك صغيرة جدا، وقطعا هذا الدواء سوف يساعدك للخروج -إن شاء الله تعالى- من المزاج الوسواسي الذي تسيطر عليك من خلال المخاوف حول المستقبل.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.