السؤال
السلام عليكم
أنا شاب, عمري 24 سنة, أعاني من الوسواس القهري, ومشكلة الوسواس تتجسد في الوساوس أثناء الصلاة، أوسوس أني نسيت ركعة, أو نسيت التشهد, أو نسيت السلام, أو أني أخرجت ريحا؛ فتأتيني وساوس إني أشعر بهذا, فأضطر إلى الخروج من الصلاة, لأتوضأ مرة أخرى, فأصلي, وتعود تلك الوساوس.
كما أعاني من وساوس خاصة بوجود شيء في مكانه, كشيء مهم؛ فيدفعني للتأكد مرات عديدة, رغم تيقني بوجوده, وساوس خاصة بتأكدي أن الباب مغلق, أو أني أكون قد بصمت أم لا في عملي كحضور أو انصراف.
ذهبت لطبيب, فقال لي: عندما تفعل شيئا ما, عد من (1-10) لتتأكد, وقد فعلت هذا, وما زالت المشكلة لدي, وأعطاني دواء الفافرين, واستخدمته مدة شهر أو يزيد قليلا, وتوقفت لعدم جدواه, فما الحل؟
أريد نصائحكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ هيثم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
ببساطة شديدة أنت بالفعل تعاني من وساوس قهرية، هذه النقطة الأولى، والنقطة الثانية –وهي المهمة– أنك ذهبت وقابلت الطبيب النفسي، وهذه خطوة إيجابية جدا.
الوسواس القهري يعالج من خلال منهجية خاصة، المنهجية الأولى هي الالتزام بتناول الدواء المضاد للوساوس، والفافرين من أفضل الأدوية، ويعرف عنه أنه فعال جدا، لكن البناء الكيميائي لهذه الأدوية لا يتم أبدا قبل ستة أسابيع، ولا بد أن تصل جرعة الفافرين من مائتي إلى ثلاثمائة مليجرام في اليوم.
فأخي الفاضل هيثم: أعتقد أنك استعجلت بعض الشيء، ويجب أن ترجع وتتناول الدواء مباشرة. الوساوس لا تستجيب إلا للجرعات الكبرى أو الجرعات المتوسطة، فأرجو ألا يستدرجك الوسواس ويقنعك أن الدواء لا جدوى له، لا، أنا أؤكد لك أنه ذو جدوى وجدوى كبيرة جدا.
بعد أن دخلت الأدوية المستحدثة في علاج الوساوس القهرية أصبحت نسبة نجاح العلاج ثمانين إلى تسعين بالمائة، قبل ذلك كانت نسبة النجاح مع العلاجات السلوكية فقط لا تتعدى عشرين بالمائة، فالدواء مهم وضروري جدا، والدواء يسهل لك الآليات السلوكية.
فيا أيها الفاضل الكريم: هذه النقطة يجب أن نحتم عليها، وعليك أن تلتزم بالجرعات، كما يكون قد أرشدك الأخ الطبيب الكريم الذي قابلته، هنالك جرعة تمهيدية، هنالك جرعة علاجية، ثم بعد ذلك تأتي الجرعة الوقائية، ويجب أن تلتزم بكل هذه المراحل التزاما قاطعا، وأود أن ألفت نظرك لحقيقة علمية مهمة، وهي: أن التدخل المبكر فيما يخص العلاج دائما يعطي نتائج ممتازة، بمعنى ألا تؤخر علاجك، أن تبدأ مباشرة الآن، التأخير يعني الانتكاسات وتكررها، وأن يأخذ المرض المنحى المزمن، وهذا ما لا نريده لك أبدا، وإذا لم يوافقك الفافرين توجد أدوية كثيرة أخرى، وتوجد عدة بروتوكولات لتنظيم هذه الأدوية معروفة للأطباء.
النقطة الثانية وهي العلاج السلوكي، هنالك عدة وسائل، ما ذكره لك الطبيب من أن تعد من واحد إلى عشرة، هذه وسيلة جيدة لا بأس بها، لكن الوسيلة الأفضل والأنفع والأنجع هي تحقير الوسواس، والاستخفاف به، وعدم مناقشته، وصرف الانتباه عنه.
عدم مناقشة الوسواس يعني أن الفكرة حين تأتيك تصورها مجسدة أمامك، كأنك تستفيد مما نسميه بالذاكرة البصرية. خاطب هذه الفكرة مباشرة، قل لها: (أنت وسواس حقير، لن أناقشك، أنت تحت قدمي) أغلق الباب تماما، لكن إذا استدرجك الوسواس وبدأت في تفسيره وتحليله ومحاولة وجود بعض المبررات له والتعمق فيه، هذا يزيد من الوسواس، فحقره تحقيرا تاما؛ هذا أيها الفاضل الكريم هو العلاج الجيد، وسوف تجد أن هذه الآلية العلاجية أصبحت أكثر سهولة ومرونة بالنسبة لك حين تستمر في العلاج الدوائي.
أريدك أيضا أن تتعلم تمارين الاسترخاء، يمكن أن يدربك عليها طبيبك حين تقابله لمرة ثانية، أو يمكنك أن تتحصل على الإرشاد الخاص بكيفية ممارسة هذه التمارين من خلال الاطلاع على استشارة إسلام ويب تحت رقم (2136015).
أيها الفاضل الكريم: لا تجعل الوساوس عذرا لتعطيل حياتك، لا، اصرف انتباهك عنها، استمتع بحياتك، إذا كنت في مجال العمل لا بد أنت تجتهد في عملك، أكثر من التواصل الاجتماعي، رفه على نفسك بما هو طيب وجميل، تواصل مع أصدقائك، كن بارا بوالديك، كن فعالا داخل أسرتك، احرص على عباداتك خاصة الصلاة مع الجماعة في المسجد، ومن خلال هذه الآليات الطيبة والفاعلة والجميلة تستطيع بالفعل أن تقهر هذه الوساوس.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.