السؤال
السلام عليكم.
جزاكم الله عنا خير الجزاء، وبارك الله فيكم.
أود أن أعرض مشكلة أختي الصغيرة وعمرها 14 سنة، في البداية أدخلناها مدرسة حكومية بدون روضة أو سنة تمهيدية، ولم تحب الدراسة، ولا كانت تود أن تذهب للمدرسة، بسبب شدة التعليم الحكومي من قبل المعلمات، وسوء تعامل بعضهن، فتم نقلها إلى مدرسة أهلية من السنة الأولى إلى أن أتمت السنة الخامسة، ولم يحدث أي تحسن، مستواها ضعيف، غيابها كثير، لا تدرس ولا تهتم ولا تريد الدراسة، مع أننا من عائلة متعلمة ومحبة للتعليم.
هي تعاني من السمنة البسيطة، وسببت لها مضايقات من زميلاتها الطالبات، والآن متوقفة دراسيا، وفي البيت بدون أي تعلم منذ سنتين، ولم تكمل السادس ابتدائي، وتعاني من التبول اللاإرادي في النوم، وغير النوم بشكل يومي، حاولت نصحها وجعلها تترك هذه العادة.
عنيدة جدا، ولا تفعل أي شيء إلا بمقابل، في بعض الأحيان تغضب ووجهها يحمر، وتضرب الكبير والصغير بدون أي احترام، وتهدد بالقتل أيضا، سبق أن أتت بالسكين تحاول قتلي، مع العلم أنها سبق أن أغمى على والدتها معها وهي في عمر الخامسة، وكانت تظن أنها ماتت، ورأتها وهي تحتضر، وكان عمرها 11 سنة، وشخصيتها ضعيفة خارج المنزل، ولكنها ذكية في أمور الحياة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ زينة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على الكتابة إلينا بهذا السؤال عن أختك، وبالسؤال التالي عنك أنت، في موضوع أختك هناك عدة أمور يفيد الحديث فيها:
لأبدأ بأسهلها، وهي التبول اللاإرادي: فلا بد من التوضيح بأن هذا التبول، وكما يوحي اسمه، تبول لاإرادي، وربما هذه الفتاة هي أول إنسان في هذا الكون تريد التخلص من هذه المشلكة، وهي ليست بالعادة، وإنما هكذا هو أمر التبول اللاإرادي أنه يحدث عند الإنسان بالرغم منه، ويصعب عليه التوقف عنه وإن عزم على هذا، ومن الأهمية جدا إشعارها -أو حتى إخبارها مباشرة- بأنكم تتفهمون بأن هذا أمر لا إرادي، وأنه لا بد من التحلي بالصبر في التعامل معه، وأن هذه المشكلة ستخف وتختفي، ولكن بعد تهدئة الأمر، وبعض الوقت.
ولا شك أن هناك علاقة وثيقة بين القلق وهذا التبول، ومن أمثلة هذا القلق ما تعرضت له هذه الفتاة عندما أغمي على والدتها أمامها واعتقدت بأنها تموت، ومما يسرع التعافي من التبول اللاإرادي هو رفع ثقة الفتاة بنفسها في الأمور الأخرى في حياتها.
إن من قواعد التربية وعلم النفس: أن السلوك الذي نعززه ونوجه انتباهنا إليه يتكرر مع الوقت، بينما السلوك الذي نتجاهله ونتصرف وكأنه لم يحصل يخف ويختفي مع الزمن، إلا أن معظم الآباء، بدل أن يعززوا السلوك الإيجابي نجدهم يعززون -ومن حيث لا يدركون- السلوك السلبي، كبعض الأعمال السلبية التي تقوم بها الفتاة، ورفضها لتلبية الطلبات، وهذا أمر متوقع، لأن من طبع الإنسان الالتفات إلى السلوك السلبي، فيتكرر هذا السلوك وهذا العناد لأنه يأتي للفتاة بالكثير الكثير من الانتباه ولو صراخ الوالدين، بينما يتجاهلون السلوك الحسن، كأن تتعاون الفتاة ولو لمرة واحدة، ولذلك يقل هذا السلوك مع مرور الأيام مع أنه هو السلوك الذي نريد أن نراه.
حاولوا خلال الأسابيع القادمة تعزيز سلوك الفتاة الحسن، مهما كان قليلا، وحاولوا بدل تصحيح السلوك السلبي أن تتجاهلوه نوعا ما، إلا إذا كان هذا السلوك يعرض الفتاة أو غيرها للأذى، فهنا لا بد من التدخل مباشرة.
وبهذا الشرح أظن أنه قد أصبح واضحا ما هو المطلوب منكم من أجل تعديل سلوك الفتاة، وأنا متأكد من أنه يمكن أن تحدثوا التغيير المطلوب، ولكن لا بد من بعض الصبر، فالإنسان، كل إنسان، يريد أن يكون أفضل مما هو عليه، وأحيانا نحن لا نساعد هذا الشخص على إحداث هذا التغيير.
ولا بد من العمل والتركيز على عودة الفتاة إلى المدرسة في أسرع وقت، ويفيد أن تبدؤوا تحضيرها لهذه العودة من اليوم وقبل افتتاح أبواب المدرسة لهذا العام، فكل يوم تأخير يمكن أن ينعكس سلبيا على حياة هذه الفتاة.
وفقكم الله، ويسر لأسرتكم الخير وراحة البال.