أصبت باكتئاب وتهيؤات في سمعي وجسدي جعلاني أتمنى الموت

0 456

السؤال

السلام عليكم.

الدكتور الفاضل/ محمد عبد العليم، حفظك الله وجعل ما تقوم به رفعة لك يوم القيامة.

أنا سيدة أبلغ من العمر 45 سنة، وأعيش في حالة نفسية سيئة، بدأت هذه الحالة معي منذ سنة وثلاثة أشهر تقريبا، وهي حالة من الاكتئاب الدائم والحزن المتواصل، لم أعد أرى السعادة التي كنت أعيشها سابقا، بل دائمة الحزن والبكاء، فأنا لم أعد أرى للحياة طعما، بل أفضل الموت على الحياة وأشعر أنه الحل الوحيد لحالتي التي أتعبتني كثيرا.

ومن شدة هذه الحالة؛ فقد أصبت ببعض الأعراض والتهيؤات مثل: طنين الأذن المستمر والمزعج، وعدم التركيز وعدم فهم بعض الأشياء بسرعة، فقد أصبح فهمي بطيئا، ولم أعد أستطيع تمييز بعض الأصوات إلا بصعوبة، وحاليا أصبحت أكرر بعض الأحرف عند النطق، كما أنني (أعجز عن وصف هذا الإحساس) أشعر وكأن أذني اليمنى باردة، للعلم هذه الحالة التي أمر بها جاءتني على هيئة ضعف سمع بالرغم من أنني أحيانا أشعر وكأن سمعي لم يتغير، وأن مستوى السمع متساو لكلتا أذني، أيضا أشعر بوشوشة في الرأس مثل صوت الهواء، غالبا ما أشعر بهذا الصوت وكأنه في أذني (إحساس مزعج جدا).

ذهبت إلى أطباء واستشاريين وبروفيسور وأكاديمي في الجامعة، وأيضا ذهبت إلى رئيس قسم الأذن والحنجرة في أحد المستشفيات الكبرى، والذي قال لي: انسي الطنين وسينساك. وكانت نتيجة هذه المراجعات سليمة -ولله الحمد-، كما ذهبت إلى أخصائي عظام، وعملت أشعة مقطعية للرقبة وكانت سليمة -ولله الحمد- مع أني أشعر بألم فيها أحيانا وكأن رأسي ثقيلا ولا تستطيع رقبتي حمله، عملت 19 تحليلا للدم والغدة والفيتامينات والنتيجة -الحمد لله- سليمة، وعملت أيضا تخطيطا لضغط الطبلة عدة مرات وأشعة مغناطيسية للرأس والنتائج سليمة أيضا -والحمد لله-.

أشعر وكأن مشكلتي نفسية فقط، لم أعد أستمتع بالحياة وأصبح الإهمال واضحا علي، ومنظر البؤس تحمله عيناي وملامح وجهي الذي أشعرني بأنني كبرت عشرات السنين، لم أعد أحب الخروج من المنزل كالسابق بل أفضل الجلوس في البيت، وشرح معاناتي لم يخفف عني، حتى عملي لم أعد أجد متعة فيه، ومن شدة قلقي وحزني وهمي أفكر فعليا بالتقاعد، لم أعد مقبلة على الحياة كالسابق، علما بأنني إنسانة حساسة وكنت أحمل هموم الناس في السابق، أما في الوقت الحالي فهمي لم يجعل لي وقتا حتى أفكر في أحد، فأنا في هم وبكاء 24 ساعة، حتى نومي لم يعد كما كان، كنت أنام وأشعر بمن حولي أما الآن فلا أشعر بشيء، كما أنني أرى أحلاما مزعجة، أصبحت أنتظر الخلاص من الله حتى أرتاح، لم أعد أتحمل الحديث مع الناس، أصبحت حساسة بشكل لا أحتمله، أبسط الكلمات تؤثر في وتقلب كياني مهما كانت بسيطة وغير جارحة أبدا.

للعلم: فقد مررت بتجربة من الاكتئاب قبل ثلاث سنوات تقريبا، واستمرت ما يقارب السنة ونصفا أو سنتين، في تلك الفترة لم أكن متضايقة من أذني أبدا، ولكن كنت أشعر بوخزات شديدة في القلب، وحزن وضيقة وكآبة، ويخيل لي أنني أتنفس بصعوبة بسبب قلبي، ذهبت إلى طبيب القلب وعملت تخطيطا وأشعة الإيكو وفي النهاية صرف لي الدواء وقال (إنسي)، كما ذهبت إلى أطباء في جميع التخصصات بسبب هذه الحالة، وكل طبيب يشخص حسب تخصصه ويصرف العلاج، وجميعهم قالوا (إنسي)، ولكنني اجتزت هذه المحنة -بفضل الله- وعشت بعدها حياة سعيدة -ولله الحمد-، ولكن منذ سنة وثلاثة أشهر وأنا لم أعد أرى للحياة لونا وأفضل الموت، مع أني أعيش في أسرة متفهمة -ولله الحمد-.

ماذا أفعل يا دكتور؟ فقد مللت الحياة مع أنني -ولله الحمد- ملتزمة بأمور ديني وأعرف أن رحمة الله واسعة، ولكن ما أمر به صعب ولا يوصف، أسأل الله أن لا يجعل أي مسلم يمر به، لقد وصل الأمر بي إلى أنني أدعو الله أن يريحني ويقبض روحي، ولكن أرجو أن يجعل الله شفائي على يديك.

أرجو الرد سريعا يا دكتور فأنا في حال بائس لا يعلمه إلا الله، بارك الله فيك وجزاك كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم عبد الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أختي الكريمة، رسالتك طيبة ومؤثره في ذات الوقت، وأنا أشكرك على ثقتك في إسلام ويب وفي شخصي الضعيف، تفحصت رسالتك جيدا وأؤكد لك أن معاناتك مع هذه الأعراض أمر محسوس بالنسبة لي، وأنا أختصر عليك الطريق تماما ودون تعجل، وأقول لك أنك بالفعل تعانين من اكتئاب نفسي، وهو في أكمل صوره، أعراض التجسيد هذه، وهكذا نحب أن نسمي الأعراض الجسدية المتعددة والتي ليست ذات منشأ عضوي هي من صميم أعراض الاكتئاب النفسي، خاصة لدى بعض النساء، وأعراض الضجر والكدر وعدم الاستمتاع بالحياة، وآلمني جدا شعورك الأسود أنك أصبحت تدعين على نفسك بأن يريحك الله وأن يقبض روحك.

لم يصل الأمر إلى هذا، وحتى مهما ضاقت الأمور واسودت الدنيا يجب أن لا يلجأ المسلم إلى هذا الدعاء -أيتها الفاضلة الكريمة-، في هذه الأوقات يجب أن تسألي الله تعالى أن يفرج كربك، وأن يزيل الذي بك: (اللهم يا رب الناس، أذهب البأس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما) هذا من ناحية، من ناحية أخرى أنت في العمر الذي يهجم الاكتئاب فيه على بعض النساء، هذا مؤكد وصلب جدا من الناحية المعرفية والعلمية والبحثية، إذا هذه الرحلة الطويلة التي خضتيها مع الفحوصات الطبية والتنقل ما بين الأطباء هنا وهناك، لا أقول لك أنها ليست ذات قيمة، لا، هي تأكيد قاطع على أنه لا يوجد مرض عضوي، لكن أعتقد إذا قابلت طبيبا نفسيا من الوهلة الأولى ربما لكنت لست في حاجة إلى كل هذه الفحوصات، لأن الأطباء النفسيين من أصحاب الخبرة والمعرفة لا يشخصون الاكتئاب من خلال التأكد من عدم وجود مرض عضوي، النظرة الإكلينيكية نفسها، الفحص السريري الذي يقوم به الطبيب من خلال المناظرة والمعاينة الدقيقة، يوصله إلى طبيعة الحالة النفسية، وحالتك قطعا هي الاكتئاب النفسي.

إذا -أيتها الفاضلة الكريمة- توجهي بكل عزيمة وهمة عالية نحو الطبيب النفسي، وإن شاء الله تعالى ستجدين ضالتك، مضادات الاكتئاب سوف تناسبك جدا، اصبري عليها وسوف تجدين منها فائدة عظيمة، وهي عديدة وكثيرة وكلها مفيدة -إن شاء الله تعالى-، إن وجد 20 نوعا من الاكتئاب لدينا –الحمد لله تعالى- 30 نوعا من مضادات الاكتئاب، إذا المعادلة هي في مصلحتنا.

مع تغيير نمط حياتك، والتفكير الإيجابي وتنظيم وقتك، وممارسة رياضة المشي، والانضمام لمراكز تحفيظ القرآن، والانخراط في أي عمل تطوعي، هذه -أختي الكريمة- مفاتيح عظيمة لأن تشعرك بقيمتك الذاتية، وتهزم وتفتت هذا الاكتئاب -بإذن الله تعالى-، وسوف يزول عنك كل شيء. أرجو أن تذهبي اليوم قبل غدا وتقابلي أحد زملائنا من الأطباء النفسيين المتميزين.

وللفائدة راجعي العلاج السلوكي للاكتئاب: (237889 - 241190 - 262031 - 265121)، ومنهج السنة النبوية في العلاج السلوكي: (272641 - 265121 - 267206 - 265003).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأشكرك مرة أخرى على ثقتك في شخصي الضعيف واستشارات إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات