السؤال
السلام عليكم
يؤسفني أن أقول لكم أني أصبحت كرجل شايب في السبعين من عمره، عمري 25 سنة، متزوج، وقد تزوجت قبل هذا وانفصلت، وتزوجت مرة أخرى، وحياتي شبه سعيدة، -ولله الحمد-، ولكن عقلي وما أدارك ماذا به، أصبحت لا أتذكر شيئا، وأنسى كل شيء، حتى تاريخ ميلاد ابني، وحتى مناسباتي وحتى أسماء أصدقائي، أقول كلاما ثم أنساه، ويجب أن يذكرني فيه أحد.
أصبحت عديم التركيز، غبي الفهم، وللمعلومية أني قبل زواجي الأول، وليس الثاني كنت أمتاز بالذكاء، وحل الأمور والنباهة والفراسة، والكل يشهد لي بهذا، والآن الكل يشهد بعكس هذا، لا أعلم ما السبب، ولكن من حين طلاقي من زوجتي الأولى، كانت لي صدمة قوية جدا، كنت مصدوما فترة طويلة جدا، لا أستحمل أحدا، وعصبيا، ولا أطيق نفسي وللأسف أعاني من الأعراض إلى اليوم.
أنا اليوم بعد مرور سنتين لم أرتح، عصبي، بطيء الفهم، أنسى كل شيء، حتى تاريخ اليوم يملأ على ثلاث إلى أربع مرات، ثم أسأل من جديد، ما تاريخ اليوم، وحتى في الكتابة أكتب حرفا قبل حرف، وفي الأرقام دائما أعكس الأرقام والأحرف، وهذا كله بدأ بعد الانفصال بفترة، هل السبب من الصدمة أم ماذا؟
وللمعلومية أن الشيب قد كسى شعري، ما يحزنني أني شاب ولم أكن في يوم من الأيام هكذا، بل كنت أتذكر وأنا أمر في الشارع لمرة واحدة أتذكر كم شخصا كان واقفا فيه، أما الآن فحتى اسم ابن أخي يوما أتذكره ويوما أنساه، ودائما أعكس الحروف والأرقام، وأخطائي في العمل أصبحت لا تطاق، وعندما أتحدث مع أحد ربما أنسى في ماذا أتحدث؟ أو أنظر إلى الساعة، وأنسى وأرجع أنظر فيها مرة أخرى، مزاجي البال ساعة حزين، وساعة سعيد، وأصبحت أميل للعزلة بعض الشيء، وبعض الأحيان أقول قصة حصلت لي وأنا صادق، ولكني اكتشف أنها لغيري، أو موقفا حصل لغيري وأنسبه لنفسي، وأنا متأكد أنه لي.
أهلي يذكروني بكلامي أني أقول لهم شيئا، وبعد فترة أنفي أني قلته، والمشكلة أنها تتكرر في كذا موقف؟ ما الحل؟
أقرب الناس إلي أصبحوا يسموني بالشايب، لتصرفاتي، ولبطيء في الفهم، وعندما أركز وأفكر في شيء أحس بصداع، أو ألم خلف العينين يجعلني أفقد التركيز، لماذا لا أعلم، وهذا كله فجأة في السنتين هذه أحيانا عندما أتابع التلفاز، وأرى مشهدا مفرحا تدمع عيناي عند الفرح، وأحيانا أبكي نادرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت، وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، وأن يرد إليك ذاكرتك بصورة أفضل مما كانت عليه، وأن يذهب عنك هذا النسيان وهذه الغفلة، وأن يجعلك من سعداء الدنيا والآخرة إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك فإنه لأمر محير فعلا أن تصل حالتك إلى هذه الدرجة حتى إن أقرب الناس إليك أصبحوا يصفونك بالشايب، فلقد أبيض شعرك، وضعف بدنك، وتأثرت ذاكرتك، وعظم نسيانك، وقل تذكرك إلى غير ذلك من الأمور التي أشرت إليها في رسالتك، والتي تؤلم النفس حقا، فكان الله في عونك، ولكن الذي أحب أن أبشرك به أولا: أن هذا الابتلاء أنت مأجور عليه من قبل المولى جله جلاله سبحانه فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أحب الله عبدا ابتلاه فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فعليه السخط)، وأسأله جل وعلا أن يرزقك الرضا بما قضاه لك وقدره عليك.
ثانيا: اعلم رحمك الله أن الله ما خلق داء إلا خلق له دواء، وأن هذه الحالة رغم صعوباتها إلا أن لها علاجا علمه من علمه وجهله من جهله.
ثالثا: هذا العلاج يدور حول محورين، المحور الأول: لا مانع من الرقية الشرعية لاحتمال أن يكون هناك علاقة بين هذا الأمر، وبين عالم الجن والشياطين، والرقية كما تعلم هي إذا لم تنفع، فهي قطعا لن تضر؛ لأنها كلام الله تعالى وكلام نبيه صلى الله عليه وسلم، وهذا ما أنصحك به وبشدة.
رابعا: أتمنى أن تعرضك نفسك على أخصائي؛ لأن هذه الحالة ليست حالة عادية، وقد تكون فعلا من الحالات النفسية التي تحتاج إلى علاج، فأنت تعلم أن عالم المخ والعقل والروح والجسد عالم غريب وعجيب، ولكن الله تبارك وتعالى شاء أن يعطي بعض المفاتيح لبعض عباده، والنبي صلى الله عليه وسلم أوصانا بالتداوي فقال: (تداووا عباد الله فإن الله ما خلق داء إلا خلق له دواء)، فحالتك ليست من الحالات الميئوس منها وإنما لها علاج بإذن الله تعالى، وأسأل الله تعالى أن يكون سهلا ميسورا.
خامسا: أتمنى أن تتوجه إلى بلد الله الحرام، وأن تقوم بعمل عمرة، وأن تدعو الله تعالى وأنت في طوافك، وسعيك، وأن تكثر من شرب ماء زمزم بنية أن يشفيك الله تعالى، فإن ماء زمزم شفاء سقم، وطعام طعم كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، وماء زمزم لما شرب له، فاشرب من ماء زمزم وتضلع بنية أن يشفيك الله تبارك وتعالى، واعلم أنه على قدر إخلاصك وصدقك سيجعل الله لك آية من آياته.
سادسا: عليك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى فإن الله جعل الدعاء كالرزق فإنه ضمن لعباده الرزق حتى وإن كانوا مشركين، وضمن الإجابة لعباده حتى وإن كانوا كذلك مشركين، فعليك بالدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى؛ لأنه يجيب المضطر إذا دعاه، وإن كان غير مسلم، وأنت رجل من أمة الحبيب محمد عليه الصلاة والسلام فلقد أمرك الله بالدعاء ووعدك بالإجابة، وكان جدك عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه يقول: إني لا أحمل هم الإجابة، ولكني أحمل هم الدعاء، فادع الله وألح عليه بكل قوة، وإذا كانت الوالدة أو الوالد على قيد الحياة أسأل الله أن يطيل في أعمارهم على طاعته، فاطلب منهم الدعاء لك وبشدة، وإن علمت عبدا من عباد الله الصالحين، فاسأله أن يدعو لك؛ لأن دعاء المسلم لأخيه بظاهر الغيب مستجاب، وأكثر من الصلاة على النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم بنية أن يشفيك الله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للصحابي: (إذا تكفى همك)، فهذا الأمر قد يدفعه الله بالصلاة على الحبيب محمد عليه الصلاة والسلام، أكثر من الاستغفار؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق فرجا، ومن كل هما مخرجا).
وأنصحك بالاستماع إلى الرقية الشرعية للشيخ محمد جبريل هذا المقرئ المصري وهي على الانترنت، وهناك رقية طويلة تسع ساعات ونصف وهناك نصف ساعة فاستمع إليها، وأبشر بفرج الله قريب.