السؤال
السلام عليكم
أنا عمري 22 سنة، أعاني من الهواجس، والأفكار التسلطية التي تفسد حياتي، بدأت عند تناولي المخدرات، مع العلم أني قد تناولت المخدرات لمدة عام كامل، المخدرات التي تناولتها هي الحشيش و(الترامدول) وغيرها، الهواجس على الشكل الآتي: أني أجلس مع الأصدقاء، وأتخيل أحدهم يسيء لي بلفظ سيء بصوت منخفض، ولكن أنا أعلم أن هذه كلها هواجس، كما تأتيني أيضا وأنا في العمل، كأن زميلي يسيء إلي بلفظ، وأنا أضع أصبعي في أذني، وأسمع الأغاني.
أنا أعلم أن هذه هواجس لا تمت للواقع بشيء، وأيضا تأتيني أفكار، مثل أن أمي تقول لي: افعل شيئا معينا، وهي ليست معي في المكان، وليست أمي فقط، ممكن أشخاص آخرون، مثل: الأصدقاء، ورد فعلي يكون سيئا معظم الوقت؛ بسبب ذلك، وعندي رهبة أيضا، حتى عند الجلوس مع أصدقائي، وعندي سرعة في ضربات القلب، ورعشة في الأطراف، وأخاف أن ينتقدني أحد على أفعالي أو يسيء إلي بدون سبب.
مع العلم أني لم أكن كذلك، وكنت محبوبا جدا واجتماعيا جدا، ولكن بعد تناول المخدرات بدأ سلوكي يتغير تماما، والأفكار التسلطية تفسد حياتي تماما، مع العلم أيضا أني أوقفت تناول المخدرات منذ سنة تقريبا، أتمنى أن أكون وصفت حالتي جيدا.
أرجو الإفادة من فضيلتكم، أنا لا أريد الذهاب إلى طبيب نفسي بسبب أن المجتمع لا يتقبل ذلك، شكرا جزيلا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ شادي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أولا: أريد أن أزف لك تهنئة عظيمة، وهي أن إقلاعك عن تناول المخدرات هو أكبر مكافأة ومردود إيجابي تقدمه لنفسك، هذه نعمة عظيمة -أيها الفاضل الكريم-، أنت حررت نفسك من عبودية ودمار حقيقي، فقف على هذا الموقف العظيم، وسل الله -تعالى- أن يتقبل توبتك ويغسل حوبتك ويتجاوز عن سيئاتك.
وأبشرك -أيها الفاضل الكريم- أن ما بك سوف يزول، الذي تعاني منه هو نوع من الهلاوس الظنانية، وهذا ناتج من تعاطي المخدر فيما سبق؛ لأن هذه المخدرات تؤثر على مواد كيميائية في الدماغ تعرف بالموصلات العصبية، وهي مواد حساسة جدا، أي نوع من التدخل، أو التداخل الخارجي الذي يؤثر عليها يؤدي إلى اضطراب كامل في منظومة كيمياء الدماغ، وهناك مادة تعرف باسم (دوبامين)، هي أكثر المواد تأثرا بتناول المخدرات.
الذي أراه أنك محتاج لعلاج دوائي، وسوف تستفيد كثيرا جدا من العلاج الدوائي، فيا أيها الفاضل الكريم: اذهب إلى طبيب نفسي، تحتاج أن تقابله مرتين أو ثلاث وليس أكثر من ذلك، سوف يصف لك أحد الأدوية الفعالة لعلاج هذه الحالات، ويمكن أن أذكر لك بعض أسماء هذه الأدوية، هنالك (الأولانزبين)، هنالك (الرزبريادون)، هنالك (الكواتبين)، وهنالك (السوليان)، كلها أدوية فاعلة وممتازة جدا، بشرط أن تلتزم بجرعة الدواء الذي يصفه لك الطبيب وكذلك المدة العلاجية.
حالتك سوف تستجيب استجابة رائعة جدا للدواء، فأرجو أن تذهب للطبيب، واجعل الطبيب يختار لك أحد الأدوية المناسبة حسب ما هو متوفر، وحسب إمكانياتك ومقدرتك المادية.
الأمر الثاني: أن تؤهل نفسك، والتأهيل النفسي يتطلب الحرص على تطوير الذات من خلال الالتزام بأمور الدين، خاصة الصلاة في وقتها؛ لأنها تشعرك بالرضا.
ثالثا: تنظيم الوقت، وأن تنام مبكرا، وأن تمارس الرياضة، وأن تكثر من التواصل الاجتماعي، وأن تشارك الناس في أمور حياتهم ومناسباتهم –أفراحهم وأتراحهم–، وأن تكون عضوا فعالا في أسرتك.
هذه –أيها الفاضل الكريم– هي الأمور المهمة، وقطعا لا بد أن تضع خطة آنية وخطة مستقبلية فيما يخص العمل، الدراسة، الزواج، هذه كلها متطلبات حياتية مهمة جدا، فأرجو أن تتبع ما ذكرته لك، وأرى أن العلاج الدوائي سيكون هو جوهر التغير الإيجابي والحقيقي في حياتك، ومن ثم -إن شاء الله تعالى– تنطلق انطلاقة إيجابية بعد أن يتحسن مزاجك، وتذهب عنك هذه الأفكار والهلاوس الظنانية.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.