السؤال
السلام عليكم
أنا فتاة في 21 من عمري، تعرضت في صغري لحوادث كثيرة، تركت أثرا نفسيا سلبيا علي، مما جعلتني أخاف من كل شيء، ومن الجميع، وأن أحاول الانتحار أكثر من مرة، فلقد شاهدت وفاة جدتي أمامي بحادث سير، ومعاقبة أحد والدي لي بجرحي بسكين كبير، وتعرضي للتحرش الجنسي من أقاربي أكثر من مرة.
أميل إلى العزلة كثيرا، ولا أحب أحدا، أكره الجميع، ولا أحب الاختلاط بأهلي، وأحاول قدر الإمكان الابتعاد عنهم، إلا أنني صرت ألجأ إلى تأليف القصص، ولكنها أصبحت نقمة علي لأنني أصبحت أعيش في عالم القصة، وأنسى الواقع الذي أعيش فيه، تحولت حياتي إلى وهم مما تسبب لي في مشاكل أكثر من قبل، وعندما أمر بحالة من العصبية والضغط ألجأ دائما إلى إيذاء نفسي، فكانت آخر نوبة عصبية لي قبل شهور، حيث قمت بتشويه وجهي، عندما أقوم بفعل شيء ما كهذا، أشعر بالراحة، ولكن عند انتهاء الشيء أشعر بالندم، وأتمنى لو أن ذلك لم يحصل، وأتمنى الموت!
أرجوكم، أنا أعاني من اكتئاب شديد، وأريد أن أجد حلا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وفاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
جرح النفس وإيذاؤها وتشويه الجسد هي من المتنفسات النفسية السيئة جدا، وهو أسلوب معروف لدى بعض الفتيات على وجه الخصوص، ومهما بلغت درجة الانفعال النفسي السلبي والغضب والتوتر وحتى الاكتئاب، مهما بلغت درجته يجب عليك أن تتوقفي عن هذا الفعل، والمسلك الخطأ والخطأ جدا، والذي أراه مشوها لنفس الفتاة ولجسدها وحتى لسمعتها أيضا.
الأمور لا تعالج بهذه الطريقة -أيتها الفاضلة الكريمة-، وأنا تدارست رسالتك تماما وبدقة شديدة، ووجدت بالفعل أنك قد مررت بظروف تربوية سلبية بعض الشيء، لكنها ليست الأسوأ في الدنيا، قطعا التحرش الجنسي نحن نهتم به كثيرا، خاصة حين يكون في السنين الأولى من الطفولة المبكرة، أو الطفولة المتأخرة، له أثار نفسية سلبية، لكن الإنسان حين يكبر ويدرك ويكون في مثل عمرك ويطور مهاراته ومعارفه، يستطيع أن يوجه نفسه التوجيه الصحيح ويتخطى العقبات التربوية السابقة.
أنت لديك بعض الأعراض الاكتئابية، لكنك في ذات الوقت مطالبة بالانضباط المسلكي، لا تجرحي نفسك، نظمي وقتك، كوني إيجابية ومتفائلة، تجنبي العزلة، الحياة طيبة وجميلة، تفاعلي مع أسرتك تفاعلي مع صديقاتك، كوني الخيرات من الفتيات، اعطي نفسك وذاتك مسميات جديدة تقوم على الإيجابية، تقوم على الأمل، تقوم على التفاؤل، ارسمي خارطة مستقبل لنفسك حتى تحققي آمالك العراض.
محاولات الانتحار هي من أسخف ما يمكن أن تلجأ له أي فتاة، والتوقف عنه هو الشيء الأساسي، والذي يعطيك شيئا من الشعور بالاعتماد على نفسك وذاتك وتقديرها بصورة أفضل، -أيتها الفاضلة الكريمة-، خلاصة الأمر مهما كانت الصعوبات التي حدثت لك فيما مضى، والحوادث التي تعرضت لها، فالتعامل مع الحياة يتم على أساس ما هو المطلوب الآن، وما هو المطلوب في المستقبل، وكيف أعيش حياتي الآن بقوة والمستقبل بقوة وأمل ورجاء، يجب أن يكون هذا هو ديدنك، ويجب أن يكون هذا هو منهج تفكيرك، والأمور -إن شاء الله تعالى- ليست بالسوء الذي تتصورينه، حاولي أن تذهبي وتقابلي الطبيب النفسي للمزيد من الإرشاد والتوجيه النفسي، وإن رأى الطبيب أن هنالك حاجة لإعطاء علاج دوائي مضاد للاكتئاب، فسوف يقوم بإعطائك العلاج المطلوب.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.