حياتي تعيسة بسبب هدوئي وخجلي المبالغ فيهما، كيف أتخلص منهما؟

0 350

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا عمري 14 سنة، أدرس في المتوسط، أعاني من الخوف من نظرات الناس ومن الكلام معهم، أتوتر عندما يحدثني شخص غريب، أخاف أن ينتقدني الناس، خاصة في المدرسة أشعر أن الجميع يحدق بي، مثلا في الصف وفي المدرسة لا أستطيع أن أتحرك من مكاني.

كل الطالبات يقمن ويقعدن والبعض يقمن بالقفز والغناء، وبعضهن يتجمعن ويتحدثن مع بعضهن البعض، وأنا من بين كل هذا أجلس في مكاني، أشعر أنني أريد الحديث معهن، وأتسائل لماذا لا يمكنني القفز والغناء مثلهن، ولكنني لا أستطيع.

وسمعتي بين الطالبات أنني هادئة وخجولة، ولا يأتين إلي ولا يتحدثن معي إلا عندما يردن شيئا، مثلا: مساعدة في شيء، أو سؤال صعب، وهكذا، وأنا أريد أن أغير هذه السمعة عني بأي طريقة من الطرق، وأريد أن تساعدونني.

عندما أجلس مع زميلة لي، تسألني لماذا أنت هادئة هكذا؟ وأنا لا أعرف ماذا أجيبها، ولهذا السبب لا أحد يريد أن يتحدث معي، لأنهن يردن الشخص الذي يؤنسهن ويضحكهن، وأنا إنسانة هادئة لا تتحدث، فلن تنفعهن رفقتي، ساعدوني أرجوكم، لا أعرف ما الحل.

نحن في بيتنا لا نرى أقاربنا، ولا نرى أحدا من الغرباء والأصدقاء ولا غيرهم إلا نادرا، ولا نخرج كثيرا، وعندما أشعر بالملل، تقول لي أمي: اذهبي إلى الجيران، فأرفض، لماذا أذهب إليهم وأنا هادئة لا أتكلم، وأظل صامتة معهم، وليس لدي صديقات في المدرسة، وكل من أتمنى صحبتهن لا أعرف كيف أتقرب إليهن، حتى وقت الفسحة في المدرسة، حينما يفرحن الطالبات ويركضن، أحاول أن أختبىء عنهن، وعن نظراتهن.

هل أنتقل من مدرستي وأبدأ بداية جديدة؟ حيث أن الطالبات لا يعرفن خجلي ولا يعرفن عني شيئا في المدرسة الجديدة، ولكن الانتقال والذهاب إلى عالم آخر، ومدرسة أخرى شيء صعب جدا بالنسبة لي، سأكون وحيدة بين مجموعات وأصدقاء تعرف بعضها، أخاف من ذلك، ولا أريد الناس يصفونني بالهادئة والخجولة.

ماذا أفعل؟ أريد أن أكون إنسانة يحبها الناس، اجتماعية، يقبل الناس عليها، أريد أن تكون شخصيتي مختلفة، أتمنى أن تساعدونني بأي طريقة، وأتمنى أن لا يكون علاجا دوائيا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إنسانة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الكتابة إلينا بما في نفسك.

وأنا معك أريدك أن تحدثي هذا التغيير، ولكن ليس من أجل الناس، وإنما من أجلك أنت، فالحياة طيبة رحبة، إلا أن طبيعة تربيتنا وتكويننا في أسرتنا تجعلنا سجناء قفص كبير من التعقيدات والممنوعات التي ألزمنا أنفسنا بها، ومع أننا لسنا مضطرين لهذا السجن، والأعجب أن مفتاح هذا السجن ليس في أيدي غيرنا، وإنما في أيدينا نحن، الذي يحتاج للتغيير حقيقة ليست المدرسة أو الصف أو الزميلات، وإنما تغيير نظرتك أنت لنفسك أولا، ومن ثم نظرتك للحياة وللمجتمع.

ففيك أنت طاقة كامنة، ربما لا تستخدمين إلا الجزء القليل القليل منها، ففي هذا العمر وهي مرحلة لا شك أن لديك فيها مواهب وإمكانات، إلا أن عليك إطلاقها، ولو بشيء من التدرج، فالموضوع لا يحتاج أن يكون تغيير جذري، ولا أن يكون دفعة واحدة.

حاولي من الغد، نعم الغد وليس بعد الغد، أن تفعلي أمرا صغيرا، مهما كان صغيرا، كنت طوال الوقت تتمنين القيام به، إلا أن خجلك جعلك تترددين في القيام به، وستجدين من خلال التجربة كيف أنك استطعت القيام بهذا العمل بالرغم من سجن المستحيلات التي تصورتيها من قبل، فمثلا هل يمكنك غدا أن تقتربي من إحدى زميلاتك، وتبدي اهتماما بها، فمثلا أبدي ملاحظة عن شيء جميل لاحظتيها عليها، كأن يكون عملا طيبا قامت به في الصف، أو خصلة خلقية جميلة لاحظتيها فيها، أو حتى في شيء من ملبسها، أي شيء إيجابي، فالمهم أن تحسني التواصل مع هذه الطالبة.

أو يمكنك مثلا أن تقومي من مقعدك، وتتوجهين للمدرسة لتسأليها سؤالا عن أمر أشكل عليك في درسها، أو هل يمكنك الخروج إلى الفسحة بصحبة إحدى زميلاتك، ولا تخرجي بنفسك فقط كالمعتاد، أو أن تقدمي لإحدى الطالبات شيئا يدل على كرمك كأن تكون قطعة شوكولاته أو غيرها مما هو مسموح به في المدرسة.

إن الثقة بالنفس ليست شيئا يولد معنا وإنما هي شيء نكتسبه من خلال التجربة والممارسة، وستجدين وخلال فترة قصيرة أن هذه السنة الدراسية قد غيرت نمط حياتك وشخصيتك من خلال القيام ببعض هذه الأعمال البسيطة.

وأرجو أن تنتبهي إلى أننا لا نتطلع للتغييرات الكبيرة، والقفزات المرتفعة جدا، وإنما تغيير بسيط، وتتابعي بعده واحد آخر، وهكذا حتى تصلي لما تريدين من التغيير المطلوب.

ويمكنك أيضا تجربة الكثير من هذا في الأسرة مع بعض أفراد أسرتك، وستجدين أن الثقة بالنفس في البيت قد انتقلت أيضا إلى المدرسة والمجتمع، والعكس صحيح أيضا.

وفقك الله، و-إن شاء الله- نسمع أخبارك الطيبة، وأخبار نجاحاتك.

مواد ذات صلة

الاستشارات