وساوس الموت قلبت حياتي ظهرا على عقب.. فهل من علاج؟

0 245

السؤال

السلام عليكم.

أحكي لك -عزيزي الكريم- قصتي مع الوسواس, فبعد وفاة أحد أصدقائي ذهبت للمسجد لكي أصلي فيه, ولكن داهمتني نوبة هلع, ورأيت الموت حينها, ومنذ ذلك الحين وحياتي تغيرت.

أصبحت تأتيني نوبات هلع وخوف من الموت, وكل يوم أقول: هذا هو يوم وفاتي, وأتذكر إخوتي وأهلي, وأبكي.

الوسواس جمدني, فقد كنت ذكيا, وأصبحت لا أبالي بشيء, بل وحتى فصلت من الكلية, ورسبت, وتفكيري كله منصب على التفكير والخوف, أرى إخوتي يتزوجون وأنا لا أستطيع, فتأتيني وساوس كثيرة, وخوف, فماذا لو تزوجت ومت؟ ماذا سوف يحصل لزوجتي؟

أصبح عندي نغزات في القلب, وذهبت إلى أخصائي القلب, ووضع سماعات على صدري, وقال: أنت سليم، وقد يكون السبب كثرة شرب الغازيات, أو الجلوس أمام الكمبيوتر, وقد خفت النغزات, ولكن رجعت مع الوسواس.

كنت أقول: سأموت بسكتة قلبية, أو أن أحد الشرايين عندي مسدود, وقد أخذت أوسوس, وتأتيني أفكار عند النوم أنه إذا نمت لن أصحو, أو تأتيني أفكار أنني لن أستطيع النوم طوال حياتي.

عذبتني الوساوس, أربط أي مرض بالموت, وكل يوم أفكر في الموت, وقد أخذت أقول: لماذا أجتهد وأثابر في عملي, وأني سوف أموت قريبا, الآن لا أستطيع السفر إلى أماكن بعيدة خوفا من شيء سيحصل في الطريق.

ذهبت إلى دكتور نفسي, وأعطاني (سروكسات 25) ولكن لم أستعمله, فقد خفت أن تأتيني دوخة وأموت, وكلما يأتيني صداع أربطه بالموت, وأنا أعلم أن الله كتب وفاتي قبل أن تضعني أمي.

يا دكتور: أرى الناس من حولي تفرح وتضحك, وأنا أحزنني ذلك, والله لن يشعر بالأسى والألم الذي أمر به سوى شخص لديه نفس حالتي, أنا أسألك بالله يا دكتور أن ترشدني إلى العلاج, أريد التخلص من الوساوس التي أتعبتني, فمنذ 5 سنوات وهي مستمرة, تخف مرات وتزداد مرات.

أريد أن أصبح شخصا متفائلا وسعيدا, فأنا أبحث عن السعادة التي فقدتها منذ 5 سنوات, وقد أصبح لدي عدم انتظام في نبضات القلب, فعندما أتحسس النبض أشعر بنبضتين طبيعيتين والأخرى مختلفة, وقد عملت تخطيطا وأنا خائف, وقال لي الدكتور: لديك عدم انتظام في دقات القلب, وزاد خوفي, وزادت الوساوس عندي.

أنا خائف من هذه النغزات, وخائف أن يأتيني مرض شديد, والوسواس امتد حتى إلى الذات الإلهية.

لولا أني أخاف من أكون قد أطلت عليكم؛ لكتبت 10 صفحات من المعاناة, ومن الأفكار التي تراودني, فقد أصبحت أعيش في كابوس.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي غزواني حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب، ورسالتك واضحة جدا، ولست في حاجة أبدا لأن تكتب أو توضح أكثر من ذلك. أنا سأضع لك الحقائق بوضوح شديد؛ لأن رسالتك بالفعل واضحة جدا.

أنت أصبت بنوبة هرع شديدة, وكانت متمركزة حول الموت ومفهوم الموت، ويعرف أن نوبات الفزع أو الهلع تؤدي إلى مخاوف شديدة حول الموت، بل الإنسان يأتيه الشعور بأن منيته قد قربت.

فيا أيها الفاضل الكريم: هذه النوبة كانت هي البداية –أي نوبة الفزع والهلع– بعد ذلك تطور الأمر وأصبحت تتولد لديك وساوس، ولذا نستطيع أن نقول أن التشخيص النهائي لحالتك هو (قلق المخاوف الوسواسي) وهذه حالة واحدة متداخلة في بعضها البعض.

أنت الآن تسيطر عليك مشاعر الخوف، مشاعر الوسوسة، عدم الاطمئنان، شيء من الاكتئاب نسبة لهذه الظاهرة، فكل المطلوب منك أن تفكر، وتجلس مع نفسك وتتمعن، وتسأل نفسك: ما هذا الذي يدور؟ ما هذا الذي يحدث لي؟ ستكون الإجابة المقنعة أن هذه مجرد وسوسة، هذه مجرد مخاوف، يجب ألا أعيرها اهتماما، يجب أن أحقرها، وأن أعيش حياتي بصورة طبيعية، بمعنى آخر: أن تبني فكرا جديدا، مفاهيم جديدة مضادة لقلق المخاوف الوسواسي، وما دامت الحالة أو الظاهرة هي ظاهرة مرضية هذا يعني أنها غير طبيعية.

أنا لا أقول لك أنها تحت إرادتك المطلقة، لكن قطعا تفهمك لحالتك وتدبرها والتمعن فيها بصورة ملامسة للواقع سوف يجعلك تقتنع أن هذه وساوس، والوساوس سخيفة وحقيرة، لذا يجب أن يتم تجاهلها.

النقطة الثانية والمهمة جدا: لا تعطل حياتك، أنت حقيقة ضيعت على نفسك الكثير من الفرص فيما يخص تعليمك، وكان من المفترض أن تواجه هذا الأمر بمفاهيم جديدة وبمنطق جديد.

عموما لا تضيع وقتك، ضع خطة مستقبلية واضحة لمواصلة دراستك بصورة منتظمة، وإن لم يكن ذلك ممكنا فيمكن أن تلجأ إلى أي نوع من الدراسات غير المنتظمة، وتبدأ في العمل، وهذا مهم جدا، هذا سوف يقلص الفراغ الذهني والفراغ الزمني والفراغ الوجداني، ومن ثم تبدأ هذه الأعراض في الانقشاع حتى تختفي إن شاء الله تعالى.

الآن أنت كأنك متفرغ وجالسا لتستقبل أعراضك، هذا خطأ كبير، أنت شاب، أنت لديك طاقات، يجب أن تفعلها بصورة أفضل لتتخلص من هذه الأعراض، تنظيم الوقت، ممارسة الرياضة مهمة جدا، الصحبة الطيبة الخيرية، أن تحرص في أمور عباداتك، وأن تكثر من الدعاء، وأن تسأل الله تعالى أن يرفع عنك هذا الذي أنت فيه، وأن ينزل طمأنينة على نفسك؛ هذا كله -إن شاء الله تعالى- يؤدي إلى تقدم كبير في حالتك.

العلاج الدوائي مهم، ومهم جدا، بل هو من الضروريات، والزيروكسات دواء ممتاز، الطبيب كتب لك زيروكسات CR خمسة وعشرين مليجراما، أنا أرى أن تبدأ فيه مباشرة، لكن يفضل أن تبدأ بجرعة 12.5 مليجراما، تتناولها يوميا بعد الأكل لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعل الجرعة خمسة وعشرين مليجراما يوميا لمدة أربعة أشهر، ثم اجعلها 12.5 مليجراما يوميا لمدة شهرين، ثم 12.5 مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

بهذه الطريقة المرتبة والمتأنية والمتدرجة نكون قد وضعنا لك مسار العلاج الدوائي حسب ما هو مطلوب، وأسأل الله تعالى أن ينفعك به، وكن حريصا على تنفيذ ما ذكرته لك من إرشادات سابقة، فالعلاجات السلوكية والإرشادات النفسية والتوجيهات والعلاج الدواء تكمل بعضها البعض.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.

مواد ذات صلة

الاستشارات