كرهت نفسي بسبب تعاملي السيء مع أمي وإخوتي

0 471

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة في سن المراهقة، حباني الله بمواهب كثيرة ولي صداقات متينة -ولله الحمد-، في السنوات الأخيرة بدأت أكره نفسي؛ لأنني أشعر بأنني أضعف من أن أقاوم رغبات ذاتي، أنا عصبية وسريعة الغضب، يرتفع صوتي كثيرا، وأنفعل من أشياء تافهة.

لست بارة بوالدي، دائما ما يؤنبانني على تصرفاتي الحمقاء، لكنهما لا يضربانني، أبي كلما رفعت صوتي ينهرني، وأحيانا ينصحني بهدوء، أمي لا أحب سماع صوتها، وهي تناديني، أكره أعمال المنزل التي لا تنتهي، لا أحبها ولا أطيقها، أمي حليمة جدا علي، كثيرا ما بكيت بعيدا عن الأنظار ندما على ما أقترفه في حقها، لن يوفقني الله وعلاقتي سيئة مع أقرب الناس لي.

تمنيت كثيرا لو أن أمي صديقتي، لكن أجد أننا مختلفتان في الطباع، بعيدتان عن بعضنا كل البعد، فهي كبيرة نوعا ما (48 عاما) وطريقة تفكيرها على عهد قديم نوعا ما، لذلك أصبحت أكره نفسي، أنا أحاول أن أغير عاداتي السيئة، لكنني فشلت
دعوت الله، ولا زلت، أضيع وقتي على أشياء تافهة.

لم أراجع القرآن منذ زمن، وهذا يشعرني بالذنب والكره أكثر لذاتي؛ لأنني لم أعظم كتاب الله، فكيف لحياتي أن تستقيم؟ صلاتي أؤخرها عن وقتها، وأصبحت شخصيتي ضعيفة مع الحياة الاجتماعية، فأنا دائما أكون خجولة من السلام على الغرباء (وحتى المعارف)، إن أحببت أن أصاحب فتاة أحبها أخشى من مواجهتها، أشعر في أحيان كثيرة أني ضعيفة، وكسولة، وأحبط بسرعة مع أنني أطمح كثيرا للتغيير، بالنسبة لي أصبح حلما يصعب تحقيقه، مع أنني أضحك كثيرا، إلا أنني أيضا أشعر بغصة في داخلي، مع الغرباء أتعامل بلطف، ومع أخواتي العكس تماما!

عائلتي دائما ما يحسبون أنني بلا مشاعر، أصبحت أكره العيش معهم، كل واحد منا في واد، لا أحد يعلم ما في نفسي من أشياء، تمنيت كثيرا أن أبتعد عن هذا المنزل، فهو أجوف ليس فيه مكان للعاطفة، أنا حقا أشعر بفراغ عاطفي كبير.

كما أنني مقبلة على الثانوية العامة .. وليس لدي همة عالية تجعلني أركز في دراستي -مع أنني متفوقة دراسيا- مع أنني عزمت أن أحافظ على الصلاة كخطوة أولى لأغير نفسي الشنيعة، لكن أحيانا يأخذني الكسل والتسويف، حقا أكره ما في نفسي من الصفات، أكره ذلك، لماذا لا تنتهي هذه الدوامة! لماذا دائما الشيطان يتغلب علي! لماذا أنا ضعيفة!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ع م حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يجعلك من المتميزات المتفوقات.

وبخصوص ما ورد برسالتك – ابنتي الكريمة الفاضلة – فأنا بداية معجب بك رغم صغر سنك، إذ استطعت أن تشخصي حالتك بكل وضوح وقوة، كأنك طبيبة ماهرة تشخصين حالة لمريض بدقة متناهية، فهذا إن دل على شيء – ابنتي – فإنما يدل على أن الله قد منحك ذكاء ومنحك نبوغا وتفوقا، وهذه نعم تستحق منك أن تشكري الله تبارك وتعالى عليها.

أما بخصوص المشاكل والأعراض التي وردت في رسالتك فلابد – يا بنيتي – من تجزئة هذه المشاكل، بمعنى أننا إذا أردنا أن نحل هذه المشكلات مجتمعة فقد يتعذر عليك ذلك، ولكن دعينا نبدأ خطوة خطوة.

عليك بارك الله فيك أن تنظري في أبسط هذه المشاكل وأهونها وتبدئي في التخلص منها؛ لأنه لن يستطيع أن يغيرك إلا أنت، والله تبارك وتعالى قال: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} وأنت لديك الاستعداد، يعني خاصة فيما يتعلق بوالديك من الممكن أن تبدئي عملية التغيير فيما يتعلق بالعلاقة مع الوالدين بالنسبة للعصبية، ورفع الصوت، فحاولي قدر الاستطاعة قبل أن تتكلمي قبل أن تنطقي بأي عبارة أن تفكري فيها، لا تنطقي كلاما جزافا بلا ترتيب، وإنما عندما تريدين الحديث مع أحد – خاصة إذا كان في مقام الوالد أو الوالدة – فينبغي عليك أن تفكري في التفكير ألف مرة ومرة، حتى لا تجرحي مشاعرهم وأحاسيسهم.

فإذا ابدئي كما ذكرت لك – يا بنيتي – خطوة خطوة، الآن ابدئي في الصلاة والمحافظة على الصلاة في أوقاها؛ لأنها لن تكلفك كثيرا، ابدئي بمشروع الصلاة، وحافظي على الصلوات في أوقاتها، وكذلك أذكار الصباح والمساء؛ لأنها مهمة جدا في رد كيد الشيطان عنك، ثم بعد ذلك انظري في المشاكل الأخرى واحدة واحدة، وابدئي كما ذكرت لك بالشيء الصغير؛ لأن الصغير إذا نجحت فيه سوف يعطيك حافزا لتنجحي في الكبير، لا تبدئي بحل المشكلات كلها مرة واحدة؛ لأنك – يا بنيتي – لن تتمكني من ذلك مطلقا، واعلمي أنك قادرة على حل هذه المشكلات كلها، تحتاجين فقط إلى نوع من ترتيب الأولويات، أنت لديك عزيمة قوية، رغم أنك تقولين بأنك ضعيفة، أنا لا أعتبر أنك ضعيفة بقدر ما أعتبرك أنك في حاجة فقط إلى ترتيب الأولويات، فعليك أن ترتبي الأولويات وسوف تنجحين بإذن الله تعالى وتحققين إنجازا رائعا بإذن الله رب العالمين.

قبل أن تتكلمي مع الوالدين تذكري أن هذا هو أبوك، وأن هذه أمك، وأنهما ليسا كأشخاص عاديين، كذلك في المذاكرة حاولي أن ترتبي برنامجك من الآن، العام الدراسي قد بدأ وأنت الآن في الثانوية العامة، المطلوب منك – يا بنيتي – أن تضعي برنامجا للمراجعة، وأن تنتبهي لشرح المعلمات في داخل الصف، ولا تشغلي نفسك بأي شيء آخر، ركزي على شرح المعلمة، ثم إذا عدت إلى البيت فبعد أن تستريحي قليلا وتتناولي طعام الغداء حاولي أن تبدئي في مذاكرة ما تم شرحه أولا بأول.

كما أتمنى أن تأخذي بفكرة - إن استطعت – المذاكرة بعد صلاة الفجر، بعد أن تصلي صلاة الفجر حاولي أن تذاكري المواد التي سوف يتم شرحها قبل ذهابك إلى المدرسة، فأنت بذلك ستشعرين بأن معنوياتك تغيرت، وأن قدرتك على التركيز صارت أفضل، وأن قدرتك على الاستيعاب صارت أفضل، وهذه كلها حوافز سوف تشجعك على التغيير في بقية أنماط السلوك.

تحتاجين إلى الدعاء والإلحاح على الله أن يحسن خلقك؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يدعو الله تبارك وتعالى أن يحسن خلقه، وأن يمن عليه بمكارم الأخلاق، فأنت عليك أيضا بالدعاء (اللهم أصلح ما بيني وبين والدي، اللهم أعني على إكرامهما وبرهما والإحسان إليهما، اللهم أصلح ما بيني وبين صديقاتي وما بيني وبين الناس، اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)، فعليك بالدعاء.

أكرر – يا بنيتي – جزئ هذه المشكلات جزء جزء وابدئي بالشيء السهل الذي تستطيعين التغلب عليه بسهولة، وأنا واثق أنك سوف تقضين على هذه المشكلات في خلال شهر واحد سوف تتغيرين تماما ما دامت لك رغبة.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات