تعلقي بمعلمتي جعلني أخاف من ابتعادها ومفارقتها

0 413

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بداية أحب أن أنوه عن مدى روعة هذا الموقع، أسأل الله العلي القدير أن يجعله في ميزان حسناتكم، وأن يجمعنا بكم في الفردوس الأعلى من الجنة في الآخرة.

أرجو منكم أن تعتبروني كابنة تطلب النصح من أولياء أمورها، فأنا فتاة سأبلغ من العمر 16عاما في نوفمبر المقبل، ومشكلتي هي: تعلقي بأستاذتي، فهي بمكانة والدتي، ولا أستطيع الابتعاد عنها، بالرغم من نصحها لي بالابتعاد عنها، حتى لا يصعب علي مفارقتها في نهاية الدراسة، لا يمكنني مفارقة معلمتي، فهي بالنسبة لي الأم، والأخت، والصديقة، والحبيبة، -أعتذر عن هذا اللفظ- ولكنني أحبها في الله، وليس بالمعنى الآخر.

أستاذتي تعتبرني بمثابة ابنتها، وأختها الصغرى، وتبادلني الحب في الله أيضا، لكنني لا أستطيع فراقها، فلماذا أفارقها؟ وقد وجدتها منصتة لي ولكلامي، وجدت من يسمعني، من يفهمني، من يعرف متاعبي، وجدت أحدا قريبا مني، وهذا أمر نادر جدا بالنسبة لي.

لدي صديقات، ولكنني لست قريبة منهم بمثل قربي من أستاذتي، وهذه المعلمة هي الأفضل خلقا في معهدي الأزهري، وذلك بشهادة كل من فيه.

وأود إعلامكم بأني لست قريبة من والدتي، على الرغم من محاولاتي التي باءت بالفشل، ولكن معلمتي تشعرني بالحنان الذي فقدته منذ صغري، فوالدتي كانت دائما ما تضربني، وأصبحت أعاني من التأتأة عند محاولتي التكلم معها عندما تصب غضبها علي، فهل أترك معلمتي هذه؟ أم استمر في علاقتي معها؟

مع العلم أنها لم تأمرني إلا بالمعروف، ودائما ما تأخذ بيدي إلى الخير، والصواب، والفلاح، فأرشدوني بما ترونه صوابا أثابكم الله، ونأسف للإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ elhyat hamss حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك، وبأستاذتك الفاضلة، ونسال الله أن يجعل محبتك لها في الله، وعلى مراد الله، وأن يلهمك السداد، والرشاد، وحب وطاعة رب العباد.

وأرجو أن تعلمي أن القلب المتعلق بالله جل في علاه، سوف يجد ما يغني عن التعلق بمن سواه، ولاما نع من أن تحبي والدتك، أو معلمتك، أو صديقتك، لكن كل ذلك ينبغي أن ينطلق من قاعدة الحب لله، والله غيور على قلوب عباده وإمائه أن يكون فيها سواه.

حب الله له علامات أولها وأهمها: إتباع الرسول، قال تعالى : {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} والمؤمنة تحب ربها أولا، ثم تحب رسولها أكثر من حبها لنفسها، ثم تحب ما يحبه الله ورسولها، وتنطلق في محابها من قواعد الشرع.

والإنسان مفطور على حب من يحسن إليه، وأول وأولى من أحسن من الناس الوالدين، فتحب والديها، وتزيد في محبتهم بمقدار زيادة قربهم من الله.... وهكذا، فهي تحب أخواتها، ومن حولها من المؤمنات، والرسول يأمر من تحب أختها، أو معلمتها في الله، أن تعلمها بذلك وتقول: أحبك في الله ، وهذا الحب لا يكون لجمال مظهر من نحب، ولا لأجل دنيا وجدناها عنده، وإنما هو حب من اجل الدين والصلاح، وكل أخوة ومحبة، لا تقوم على الدين والإيمان تنقلب إلى عداوة، قال تعالى : {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين}.

وهذه المحبة ينبغي أن تكون بمقدار، وأن تقوم على النصح والتواصي بالحق والصبر، وقد أحسنت المعلمة بنصحها لك، وهى بلا شك مربيه ولا تريد للمحبة أن تتحول إلى عشق وتعلق يعمى ويقيد، ويؤثر على مستقبلك العاطفي والنفسي.

وإذا سلمنا بأن المعلمة تقية صالحة، فهل هي الصالحة الوحيدة في الدنيا؟ ولماذا لا يكون لبقية الصالحات نصيب في قلبك، وحظ من محبتك ؟ وإذا منحت كل مخزونك العاطفي لمعلمتك، فماذا تركت لزوج المستقبل وأطفالك؟ بل ماذا تركت لوالديك؟ رغم تقصير الوالدة حسب ما ذكرت.

ولكننا نؤكد لك أن الوالدة تحبك، ولكنها تفشل كغيرها في التعبير عن حبها، فبادليها المشاعر، وبادري أنت بإظهار الحب لها والبر، والاحتفاء بها، وسوف تتفاجئي بالنتائج إذا كسرت الحاجز الوهمي بينك وبينها، وثقي إن قسوتها - وإن كنا لا نؤيدها -، كانت لمصلحتك، وان قصدها كان نبيلا فانظري إلى مقصدها، ولا تتذكري ضربها وقسوتها.

فاتقي الله في نفسك، واعتدلي في حبك لمعلمتك كما أوصتك بذلك، حتى لاتصل لك الصدمة عند فراقها، والشيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده، وفقك الله وسددك، وسوف نسعد بالاستمرار في التواصل مع موقعك، ونشرف بخدمتك، وتحياتنا لمعلمتك.

مواد ذات صلة

الاستشارات