أخاف وأرتبك عند الحديث مع الناس وأخجل حتى من أهلي وأغار من إخوتي

0 404

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة في 17 من عمري، أحس بالخوف والارتباك عندما أريد أن أتحدث مع أشخاص لا أعرفهم عند الذهاب للمدرسة، وكنت أريد التحدث إلى فتاة تجلس بقربي لكن لم أستطع أن أكون عفوية مثلها، أحس بالخوف وبأنني أريد الهرب من الصف والابتعاد، أحس أن الكلام مع الناس شيء للترفيه ولقضاء الوقت، وأنا عندما أفعله بخوف وتوتر هكذا لن يكون له طعم، لأنه ليس امتحانا، وأنا حقا أخاف لأن حياتي إطار مغلق، وكل هذه الأمور لست معتادة عليها فأحسها غريبة ومخيفة، وأنا أكره أن يراني الناس بهذا الوضع المرتبك، لأني أخاف أن يقولوا: ما هذه التي لا تعرف المزح ولا تتكلم؟ لأن الناس يريدون من يكون مرحا، وأنا بداخلي مرحة لكن ارتباكي يظهر عكس ذلك، لذا أهرب وأحب أن أذهب وأجلس في مكان فارغ وأنعزل، أحس براحة عميقة عندها.

أحيانا زميلاتي عندما يجلسن جميعا للتحدث أكون أريد أن أجلس معهن لكن أخاف حقا، أحاول أن أكسر هذه العقدة فأجلس، لكن الكلام الذي أريد قوله يتردد في ذهني لكني لا أستطيع قوله، أخاف من الانتقاد وأن لا يعجبهم كلامي، أو أخاف أن لا يستمع أحد لي وأتعرض لموقف محرج أمام الناس، فبسبب كل هذا لا أستطيع التحدث وأحس بضيق وأهرب، وأختلق الأعذار كي أذهب، أحس بارتباك شديد وتوتر من مخالطة مجتمعات جديدة، وحتى أنني أكون حافظة للدرس جيدا، وعندما أراجعه مع زميلاتي أكون حقا جيدة، لكن عندما تسألني المعلمة أبدأ بالتلعثم وأخطئ وأقلق، فتقول لي: أنت مستواك سيء. وأنا لست كذلك، حينها أتحطم حقا من كلامها وأبدأ في التفكير السلبي عن نفسي، أخجل حتى من أهلي، ولا أستطيع أن أثق بأحد وأغار عندما أمي تهتم بغيري وأغار من إخوتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على التواصل معنا والكتابة إلينا.

من الواضح تماما من خلال سؤالك أن عندك حالة من الخجل أو الرهاب الاجتماعي، ولا شك أن لهذا علاقة وثيقة مع الطريقة التي عوملت بها في طفولتك من قبل أسرتك، وطبيعة الحياة الأسرية، ومع تجارب الحياة التي مررت بها، وليس مجرد ضعف في الشخصية أو ما شابه ذلك، فتجارب الحياة هي التي أوصلتك لهذه الحال حيث تشعرين بالخجل أو الانطوائية وقلة كلامك مع الناس، وتذكري أن الخجل الاجتماعي منتشر جدا، بل هو من أكثر أنواع المخاوف أو الرهاب انتشارا.

ولكن، هل يستطيع الإنسان تجاوز تجارب الطفولة؟ الجواب: نعم، ليس بالسهل أحيانا، إلا أنه ممكن.

ومن أهم علاجات الخجل الاجتماعي ولذي قد يصل لحد الرهاب والخوف، والعلاج الأكثر فاعلية هو العلاج السلوكي، والذي يقوم على عكس ما كنت تفعلينه حتى الآن من الانزواء والتجنب والهروب من لقاء الناس، ويقوم العلاج على إعادة تعليم الشخص بعض السلوكيات والتصرفات الصحية كبديل عن السلوكيات السلبية، فبدل تجنب الأماكن والمواقف المخيفة أو المزعجة، فإنه يقوم بالتعرض والإقدام على هذه المواقف والأماكن، حتى "تتعلمي" من جديد كيف أن هذه المواقف والأماكن ليست بالمخيفة أو الخطيرة كما أنت تتصورين الآن.

وفي بعض الحالات يشرف عادة على هذه المعالجة الطبيب النفسي أو الأخصائي النفسي، والذي يحتاج أن يكرر جلسات العلاج عدة مرات، ولكن ليس بالضرورة على كل من يعاني من الخجل الاجتماعي أن يذهب للأخصائي النفسي، فكثير منهم يعالج نفسه بنفسه، والمطلوب منك الآن العمل على اقتحام مواقف الاختلاط بزميلاتك والتعامل معهن، وعدم التجنب، فالتجنب لا يزيد المشكلة إلا تعقيدا، وسترين وخلال فترة قصيرة كيف أن ما كنت تخشينه من بعض المواقف في مواجهة الناس والزميلات ليست مخيفة كما كنت تعتقدين، طبعا قد تختلطين بهن ولكن تجدين صعوبة في الحديث، فاحرصي أن يدفعك هذا مجددا للتجنب، وإنما استمري في مخالطتهن، وما هو إلا وقت قصير أو طويل حتى يرون روحك المرحة، وشخصيتك المحببة، والتي واضح أنك تمتلكيها، إلا أنك لم تعطها فرصة للظهور للناس.

وأنصحك أيضا بقراءة كتاب عن حالات الخجل والرهاب، فمعرفتك بهذا يزيد من احتمال تعافيك.

وأدعو الله تعالى لك بالتوفيق والنجاح في أقرب فرصة.

مواد ذات صلة

الاستشارات