مشاكل والداي وقسوتهما أثرت على نفسيتي جدا.

0 324

السؤال

السلام عليكم..

أنا فتاة في 17 من عمري، ومنذ أن كنت طفلة في الـ 9 من عمري وأنا أحس بالوحدة؛ لأن أمي وأبي كانت بينهما مشاكل كبيرة أدت بهما إلى قرار الطلاق، وفيهما أمراض نفسية، كانا يخرجانها فينا نحن أولادهما دائما.

كنت أتخيل لو أن لي أما تحبني وتحضنني، وأنام جنبها، وتحكي لي قصة، وتدلعني، وأب أكون صديقة مقربة منه قبل أن أكون ابنته، لكن للأسف هما لم يكونا هكذا.

صرت أحب فنانة لبنانية، وأتخيل أنني ابنتها، ولم يتوقف هذا الشيء؛ على أني أتخيل أني ابنتها، بل زاد عن حده ووصل إلى مرحلة الهوس، وصرت أقرأ الكثير عن ابنة هذه المغنية اللبنانية المشهورة، وأتمنى لو كنت أختا لها، وأتخيل المواقف بالتفصيل الممل، وليس هذا وحسب، بل صرت أرفع يدي إلى ربي وأقول له: يارب، اجعلني بقدرتك ابنة للفنانة، وأختا لابنتها الوحيدة، واجعلني جميلة مثل ابنتها.

عندما علمت أمي بكل هذا أصبحت تعاملني بوحشية وعنف، وأصبحت تهينني وتستحقرني، وأختي الكبرى -أيضا- وأبى كان يضربني في الوقت الذي كنت أحتاج فيه للحنان، ولا أحد يقول لي: أنا معك ولن أتركك، لكن للأسف لم أسمع هذه العبارة في حياتي من أهلي، كرهتهم كثيرا، تمنيت الموت وحاولت الانتحار، ومع ذلك لم يهتموا.

ما أتمناه أشياء حقا بسيطة، لكنها صعبة عليهم، وليست من وقع حياتهم، كنت أتمنى فقط أن أعيش في بيت جميل ونظيف، وأبي بقدرته أن يفعل هذا، مع العلم أن راتبه الشهري 8000، وكنت أتمنى أن تكون حياتي طبيعية مثل كل الناس الذين يضحكون ويبتسمون فجأة، وليس لديهم عقد في حياتهم.

أمي وأبي ليس لديهم أصدقاء، وهما وحيدان ويكرهان الناس، ويخلقان العداوات معهم، ولا أحد يزورنا حتى في العيد، لكن أهلي لم يكونوا طبيعيين، أمي تنتقدني دائما، ولم تقل لي كلمة جيدة في يوم من الأيام.

لكنهم الآن صاروا جيدين معي، ولكن المشكلة أنني لا أستطيع أن أنسى ما فعلوه، أحس بأنني أكرههم، وأود التهرب منهم حقا؛ لأنه لا فائدة من المجيء بعد فوات الأوان، أين كانوا وقت ما كنت أريدهم.

أخذت عقدة من مدينة الملاهي؛ لأني عندما كنت صغيرة لم ألعب فيها، أخذت عقدة من السلم الكهربائي؛ لأنني لم أصعد عليه قط عندما كنت صغيرة، يقولون لي: أنت لا زلت صغيرة لماذا لا تفرحين؟ لكني لا أستطيع فعل شيء لم أتعود عليه، وإن كنت أحبه، فقلبي يرتجف إذا فكرت في فعل شيء غريب لم أعتد عليه كاللعب في الملاهي، كزيارة صديقة لي في المنزل، كالخروج للرحلات، حتى لبس الثياب الجميلة، كل شيء أحبه صرت لا أستطيع القيام به.

مثلا صديقتي دائما تقول لي: أريد أن أراك، لكن أنا أقول لها: ليس الآن، يوم آخر، فأهرب منها، وأختلق الأعذار لا أعرف لماذا؟ مع أنني بداخلي أريد رؤيتها، لكن عقد أمي وأبي انتقلت لي حقا، وبعد كل هذا تأتي أمي لتستحقرني كل ما مرت بي مشكلة، سواء في البيت أو في المدرسة، تقول لي: أنت سيئة، وأنت المخطئة، وكل الناس يكرهونك، وسوف ينفرون ويهربون منك، وأنا حقا أتحطم، ويصبح بداخلي سواد عظيم، لا أعرف كيف أمحيه؟

فتاة في عمري من المفترض أن تحب، لكن حقا أنا أكبر وبداخلي طفلة لا تزال تريد الحب والحنان، حتى قبل أن أنام أتخيل أنني مع صديقات لي، وأنهم يعاملونني كالطفلة، وهذا الشيء يجعلني أشعر كما يشعر من ينزل منها المني أو المذي، وأحيانا يحدث لي هذا الشيء عندما أستيقظ، وإلى الآن لا أزال أرى تلك الفنانة هي الأم المثالية لي، وأحبها حقا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على التواصل معنا والكتابة إلينا بما في نفسك عن كل هذا، أعانك الله، من المؤكد أنه لم يكن أمرا سهلا.

يؤلمني عادة مثل هذا السؤال، عندما أرى الأبناء أكثر حكمة وعطفا ربما من الآباء، وعندما أرى بعض الآباء والأمهات لا يعطون أطفالهم ما يحتاجونه من الرعاية والعطف والحنان والضم والتقبيل.

وربما يبرر لك هذا الحرمان ما قمت به من تخيل أنك ابنة أم أخرى، وأنك أخت لابنة أخرى، وربما طال هذا الخيال لطول الحرمان، مع الأسف، وصحيح أنه لا يمكنك أن تنسي كل هذا الذي حصل، ومنذ طفولتك، إلا أنه يمكنك تجاوزه، رغم كل الآلام التي رافقت هذه المرحلة.

أقول: أنه يمكنك هذا ولعدة أسباب، منها: من الواضح من كتابتك أنك متفهمة، وبشكل جيد لما جرى ولما كان من المفروض أن يحدث.
وثانيا: لصغر سنك فأنت ما زلت في 17 سنة، وهذا يعني أن لديك الفرصة الكافية لتعلم الكثير، ولتجاوز سلبيات الفترة الماضية.

وكما ذكرت في رسالتك أنك لا ترتاحين للكثير من الأمور التي لم تعتادي عليها، وبالتالي تتجنبيها ولا تمارسينها، إلا أنه يفيد تذكر أن التجنب والامتناع عن العمل لا يحل المشكلة، وإنما يجعلك أكثر حساسية، وأبعد عن إمكانية القيام بهذا العمل.

هل ستكون هذه النقلة وهذه الرحلة سهلة؟ لا أظن، إلا أن الله يخفف ويساعد ويعين، وإذا استطعت هذا من نفسك فهذا جيد، وإلا فربما تحتاجين للحديث مع صاحب خبرة، سواء كانت أخصائية نفسية، أو حتى معلمة ترتاحين إليها، لتعينك على تجاوز هذه المرحلة، ولو بشيء من البطء بداية، إلا أن الأمر سيسير سريعا بعد بعض الوقت.

طبعا كل هذا لا يمنع من أن تحاولي السماح لوالديك بتصحيح سلوكهما، عسى ولعل أن يهديهما الله تعالى لجادة الصواب.

ومهما حصل فالله تعالى يأمرنا بحسن العيش معهم {وصاحبهما في الدنيا معروفا}.

وفقك الله وكتب لك الخير.

مواد ذات صلة

الاستشارات