لدي حساسية مفرطة في التعامل مع الآخرين كي أتخلص منها؟

0 238

السؤال

السلام عليكم

أعاني من الآتي: الحساسية المفرطة من الآخرين، ولأي نقد، بحيث أصبح ملازما لي في تعاملاتي وعلاقتي بالآخرين، ولم أكن أعاني منذ سن المراهقة بهذا الشكل الذي ظهر الآن، وأنا بعمر 29 عاما، وبدأت أعاني من ثماني سنين، فإذا جلست في مجلس أشعر أن الجميع أو البعض يركز على حركاتي ونظراتي وتصرفاتي، فأصاب بالارتباك، وأخاف أن يفهم من أي نظرة أو حركة معنى معينا على ما يأتي في ظني كأنني أحسده أو أستحقره، أو أنني أريد له الشر وهكذا! فأبدأ بناء على ذلك في تغيير نظراتي وحركاتي، وأيضا كلامي توهما مني أن هذا التغيير سيغير المعنى الذي فهمه!

هذا يصيبني بالتكلف والارتباك، وقد يلاحظ من أتعامل معه هذا الارتباك، أو عدم الاستقرار، فبعضهم يكون الأمر عاديا، وبعضهم قد يفسرها بسوء ظن فيجرحني بتعوذ أمامي أو ما شابهه على أنه حسد أو غير ذلك، وهذا يضايقني، وأمكث ربما أياما أفكر في نظرة أو تصرف ضايقني من بعض الأشخاص.

تكون هذه الحساسية زائدة مع بعض الأشخاص دون بعض، على حسب ارتياحي للشخص، وأشعر أنني بدلا من أن أراعي الله أراعي الناس!

هذا كله يجعلني أحيانا لا أستطيع التعبير عما أريده بالشكل المطلوب، لأنني غير مستقر داخليا، وقد يحسب علي كلام ووجهات نظر تسرعت في إخراجها تحت تأثير هذه الحساسية.

كذلك في عملي يؤثر علي سلبا، (فأنا مهندس صيانة، أدير مجموعة أفراد) فمع قدرتي على إصلاح الأعطال أجد هذه الشكوك والأوهام والحساسية الزائدة عائقا شديدا أمامي وأمام إدارتي للأشخاص والأعمال، وأيضا أحرص بشدة ألا يعرف أحد بعض الأشياء في حياتي، وربما لا ترتقي لكونها أسرارا، حتى لا يستخدمها ضدي فيما بعد.

أيضا أنا لا أتحمل الضغوط الخارجية، فإذا تعرضت لأي مؤثر خارجي أو موقف في عملي إذا كان هذا الموقف شديدا يؤثر في ربما لأيام، وعند الضغوط الزائدة أجد أشياء في نفسي جديدة كالخوف من الموت أو عدم الاستقرار النفسي، ويؤثر ذلك في حياتي الاجتماعية، وتبدأ هذه الأشياء بشدة عند تعرضي لمشكلة كبيرة، ثم تقل تدريجيا، والقلق عندي أساسا يكاد يكون موجودا باستمرار.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنت لست بمريض، أؤكد لك ذلك، وقد استنتجت ذلك من خلال اطلاعي على رسالتك، لديك بعض السمات والصفات المتعلقة بشخصيتك، كموضوع الحساسية وموضوع القلق الذي قد يعتري الإنسان في بعض الأحيان وتضخيم بعض الصغائر، وشخصنة بعض الأمور، وتعميم بعض الأمور الشخصية، هذا من السمات الإنسانية، ربما تزيد وتنقص من إنسان إلى آخر، والإنسان يمكن أن يروض نفسه ويمكن أن يؤهلها لتصبح أكثر تواؤما وانسجاما، وذلك حين يعرف هذه السمات السلبية.

أيها الفاضل الكريم: أريدك ألا تحكم على نفسك من خلال مشاعرك أو أفكارك فقط، خاصة حين تكون سلبية، احكم على نفسك من خلال أفعالك.

نحن دائما ندعو الناس لتنشيط ضلع الأفعال، إذا نظرنا للتكوين السلوكي الإنساني كمثلث: ضلعه الأول هو الأفكار، وضلعه الثاني هو المشاعر، وضلعه الثالث هو الأفعال.

المشاعر والأفكار قد تكون سلبية، وهذا يؤدي إلى ضعف في الإنجازات والأفعال، لذا فالإنسان الذي يركز على هذا الضلع (ضلع الأفعال) يصر أن يكون منجزا، يصر أن يكون مفلحا، يصر أن يكون مفيدا لنفسه ولغيره، قطعا هذا سوف يشعره بالرضا وتعزيز السلوك الإيجابي مما ينعكس أيضا إيجابيا على أفكاره ومشاعره.

كن يا أخي الكريم على هذا النمط وعلى هذا السياق، وأنت بخير إن شاء الله تعالى، عبر عن ذاتك، هذا يقلل عندك الحساسية المفرطة، لا تحتقن، فكما تحتقن الأنف تحتقن النفس، فكن معبرا عن ذاتك، تواصل اجتماعيا، تذكر دائما إيجابياتك، أحسن إدارة وقتك، مارس الرياضة.

أخي الكريم: دراسات كثيرة أشارت إلى أن الأشخاص الحساسيين والذين لديهم نوع من رهافة المشاعر والوجدان يستفيدون كثيرا من الانخراط في الأعمال الخيرية والاجتماعية، فابحث لنفسك عن شيء من هذا، وسوف تجد فيه إن شاء الله تعالى ضالتك.

لا تدرج نفسك أبدا تحت مسمى المرض، أنت لست مريضا، وأنت إن شاء الله تعالى أنجزت الكثير، وسوف تنجز ما هو أكثر، قلقك هذا يمكن أن يوجه إيجابيا، وذلك بناء على الأسس التي ذكرتها لك.

أسأل الله تعالى أن يوفقك، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات