أصبت بوسواس النجاسة... فأفيدوني وساعدوني

0 385

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعاني من وسوسة شديدة في الطهارة، وأنا أطبق نصائحكم، وكلما انتصرت على وسواس ظهر وسواس جديد.

أكون في حالة عادية، وبمجرد أن أنوي الذهاب للتبول أشعر برغبة شديدة في التبول، وأصبح أدافع خروج البول، وفي بعض المرات تنزل قطرة أو أكثر، وأنا في الطريق لدورة المياه أو بمجرد نزعي لملابسي الداخلية، ولمنع انتشار قطرات البول أضع حفاظة من نوع منديل الأنف، بمعنى ليست سميكة جدا لتمنع تسرب قطرات البول لجهتها الخارجية، وهذا يحدث معي مرة في اليوم وأحيانا لا يحدث.

في غالب الأحيان تنزل القطرات بعد نزع الحفاظة، وبالتالي ملابسي الداخلية لا يصيبها شيء، ولكن صادف عدة مرات أن نزلت القطرات قبل نزع ملابسي الداخلية، وأصبحت الحفاظة مبتلة قليلا بقطرة البول، أو القطرات القليلة في مستوى مخرج البول، وفي مساحة صغيرة.

الحالة الأولى:
حين يحدث هذا أفتش في ملابسي الداخلية العديد من المرات بسبب الوساوس، فحين أجد فيها بللا أو رطوبة، ولو كانت يسيرة وحتى لو لم تصل للجهة الخارجية للملابس الداخلية أغيرها وأرتدي ملابس نظيفة.

سؤالي: هنا هل يجب تغيير ملابسي الخارجية أيضا إذا وصل البلل من الحفاظة لخارج الملابس الداخلية، وفتشت في ملابسي الخارجية ولم أجد أثرا للنجاسة رغم يقيني أنها تلامس الملابس الداخلية، وأكيد لامست موضع النجاسة.

الحالة الثانية: حين لا أجد لا بللا ولا رطوبة في الملابس الداخلية لا أغير ملابسي، ولا أفعل شيئا، فهل يجب علي تغيير هذه الملابس في هذه الحالة؟ لأنها لامست الحفاظة التي أصابتها قطرات البول القليلة باعتبار أن النجاسة الرطبة التي أصابت الحفاظة تنتقل لليابس، وهي ملابسي الداخلية بمجرد الملامسة، رغم أني لم أجد للنجاسة أثرا، ولا بللا، ولا رطوبة في الملابس الداخلية!

وختاما: هل يمكن اعتبار الحالتين من قبيل يسير النجاسة، ولا أفعل شيئا؟ وكيف أتخلص من هذا الأمر؟

وبارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سفيان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

من مكافآت الوسواس القهري ومن مثيراته ومن مثبتاته ومساعدته على الإطباق هو أن ينفذ الإنسان الاجترار الوسواسي أو الدفع الوسواسي أو الإلحاح الوسواسي.

أنت وبكل وضوح أقول لك – وبصراحة علمية مطلقة – تكافئ الوساوس، نعم أنا أجد لك العذر؛ لأني أعرف درجة إلحاحها وإصرارها واستحواذها، بل استبدادها، وهذه نقطة أود أن أنبهك إليها، وهي: ألا تقوم بالتحوطات التي تقوم بها، وأنا أصل مرحلة عالية جدا من الجرأة عليك، وأتحمل مسؤوليتك تماما، حتى مسؤوليتك الشرعية، وما قصدت بذلك إلا الإصلاح، وهو ألا تبدل ملابسك – لا الداخلية ولا الخارجية -.

قم بذلك - أيها الفاضل الكريم – ست مرات متتالية، وسوف تجد أن جماح الوسواس قد ضعف تماما، أيها الفاضل الكريم: أنت قطعا من أصحاب الأعذار، وسوف يفيدك -إن شاء الله تعالى- شيخنا أحمد الفودعي – جزاه الله خيرا – من الناحية الشرعية، وأنا على ثقة تامة أن كلامه سوف يكون متناسقا مع ما ذكرته لك.

ويا أيها الفاضل الكريم: أمرنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- حين تطبق علينا هذه الوساوس أن ننتهي، نقول: (آمنت بالله) ثم ننتهي، فلا تحفز الوساوس، ولا تشجعها، ولا تستجيب لها، حقرها، اجعلها تحت قدمك في أسفل سافلين، هكذا يعامل الوسواس، وأنا على ثقة تامة أنك إذا وجدت المعالج النفسي الراشد والملتزم والثقة، سوف يطبق معك أربع إلى خمس جلسات عملية، وسوف تشفى من وسواسك تماما.

أيها الفاضل الكريم: دراسات كثيرة جدا أشارت أن العلاج الدوائي مطلوب في حالة الوسواس، حتى وإن كان سببه الوسواس الخناس، الذي يوسوس في صدور الناس، فالشيطان يخنس حين نذكر الله؛ وذلك لأنه يجري من ابن آدم مجرى الدم، لكن ربما يكون قد قذف قذفته الكيميائية التي أدت إلى تأثير على شبكة من الكيميائيات تعرف بالموصلات العصبية، وتأتي على رأسها مادة تعرف بالسيروتونين؛ لذا نرى أن تناول الأدوية المضادة والتي تؤدي إلى تنظيم إفراز السيروتونين والمواد اللازمة مهمة جدا للعلاج النفسي البيولوجي الدوائي فيما يخص الوساوس القهرية.

فيا أيها الفاضل الكريم: اذهب إلى الطبيب النفسي أو إن شئت أن تحصل على عقار يعرف تجاريا باسم (بروزاك)، ويسمى علميا باسم (فلوكستين) من الأدوية السليمة الممتازة، له خاصية أنه من أفضل مضادات الوساوس، ولا يسبب الإدمان، وهو محسن للمزاج أيضا، لكن حتى تتحصل على فائدة الدواء لا بد أن تلتزم بجرعته، ولا بد أن تتناوله للمدة المطلوبة.

الجرعة هي أن تبدأ بعشرين مليجراما – أي كبسولة واحدة – تتناولها بعد الأكل لمدة أسبوعين، يمكنك أن تتناولها ليلا أو نهارا، هو دواء ممتاز، سليم، بعد قضاء أسبوعين اجعلها كبسولتين في اليوم، تناولهما مع بعضهما البعض، استمر عليها لمدة شهر، ثم بعد ذلك اجعلها ثلاث كبسولات في اليوم – أي ستين مليجراما – وهذه هي الجرعة العلاجية، تناول كبسولة في الصباح وكبسولتين ليلا، استمر على هذه الجرعة لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها كبسولتين يوميا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم كبسولة واحدة يوميا لمدة ستة أشهر، ثم كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

إذا الأمر واضح جدا من جوانبه الشرعية والنفسية والسلوكية والاجتماعية، وعليك بأن تتبع ما ذكرناه لك، ونسأل الله تعالى أن ينفعك به، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وكل عام وأنتم بخير.
+++++++++++++++++
انتهت إجابة د. محمد عبد العليم استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان، وتليها إجابة الشيخ أحمد الفودعي مستشار الشؤون الأسرية والتربوية فأجاب:
مرحبا بك -أخي الكريم- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية من هذه الوساوس، فهي داء عظيم وشره كبير، يفسد على الإنسان حياته، ويوقعه في حرج في أمر دينه، وكل ذلك من أمنيات الشيطان التي يتمنى إيقاع الإنسان المسلم فيها، وشرع الله تعالى بخلاف ذلك، لا حرج فيه ولا مشقة، كما قال الله جل شأنه في كتابه الكريم: {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم}، وقال سبحانه وتعالى: {وما جعل عليكم في الدين من حرج}.

فينبغي أن تستصحب هذا الأصل العظيم، وهو يسر الدين الإسلامي، وتخفيف الله تعالى فيه على عباده، ورحمته بهم، وأنه لا يحب الاحتياط الذي يمليه الشيطان ويزينه ليوقع الإنسان فيما أوقعك أنت فيه من المشقة والضيق والحرج.

وكل ما ذكرته نكاد نجزم – أيها الحبيب – بأنه من آثار الوسوسة التي تعانيها، فوجود القطرة أو القطرتين على المناديل الورقية لا يمكن أن يصيرها مبتلة على فرض وجود تلك القطرات، فكيف إذا كان مجرد وهم؟!

ونقول لك قولا نأمل أن تأخذه مأخذ الجد فتعمل به، وتصبر نفسك على ملازمته، وهو: ألا تحكم على شيء بأنه تنجس إلا إذا تيقنت وصول النجاسة إليه يقينا جازما كيقينك بوجود الشمس في النهار، يقينا تستطيع أن تحلف عليه، أو طلب منك الحلف عليه، وما عدا ذلك فإن الأصل في الأشياء الطهارة، فملابسك التي تشك وصول النجاسة إليها - سواء كانت داخلية أو خارجية – طاهرة؛ لأن الأصل فيها الطهارة.

ونوصيك بألا تلتفت إلى غير هذا الأصل، وأن كل احتياط وحرص على خلاف هذا إنما مصدره الشيطان ليوقعك فيما يريد أن يوقعك فيه من المشقة والحرج، والله لا يحب ذلك منك ولا يرضاه.

وأما إذا تيقنت وصول النجاسة إلى شيء من ملابسك، وكان هذا الخروج للبول بغير اختيار منك فقد رخص بعض الفقهاء – كما هو مذهب المالكية – لمن أصيب بهذا بأن يصلي دون أن يطهر تلك النجاسة لملازمته له، ولوجود المشقة والحرج في إيجاب التطهير عليه، ويسعك الأخذ بهذا القول، حتى يمن الله عز وجل عليك بالشفاء من هذه الوساوس، وقد أفتينا في موقعنا في أكثر من فتوى بأن الموسوس يجوز له أن يأخذ بأيسر الأقوال وأسهلها حتى يمن الله عز وجل عليه بالشفاء.

نسأل الله لك العافية.

مواد ذات صلة

الاستشارات