السؤال
السلام عليكم
ابنتي عمرها 13 عاما، وهي تحب المشاهير الكوريين، تعشق ملبسهم وطريقة حياتهم، تحب سماع أغانيهم، تتعلم لغتهم وتشاهد مسلسلاتهم دون علمي، هي تعلم رفضي لهذا، وتحدثت معها مرارا حول الاختلافات الدينية والعقائدية والعادات والتقاليد بيننا، فأصبحت تكره عروبتها وتتمنى لو كانت منهم، حاولت معها بالشدة والعصبية وباللين والتفاهم والحوار وعجزت، ماذا أفعل؟ أصبحت تعتقد أني لا أحبها، لأني لا أحبهم، أمرناها بالحجاب عند سن البلوغ، وهي الآن تلومنا كل يوم أننا اخطأنا في حقها، مع أني أوضحت لها المغزى من الحجاب.
أنا حائرة كيف أرجعها إلى حضني، وكيف أزرع في قلبها الدين وحبه وتطبيقه؟ آمرها بالصلاة وأجدها تصلي أحيانا وكثيرا ما تترك الصلاة، أخاف عليها، وأشعر بالعجز التام عن معالجة هذا الموضوع ونزع حب الكوريين من قلبها، حاولت أن ألفت انتباهها لأن تعجب بالتقدم التكنولوجي، وبالبعد عن هذا الوسط الفني لكن دون جدوى، أود أن أخبركم أننا لسنا من متابعي هذه المسلسلات أبدا، وأحس أنها باتت تنفر مني بسبب نصائحي الدائمة.
أرجو النصح، وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ rema حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على التواصل معنا، وعلى اهتمامك بابنتك -حفظها الله-.
سأقول كلاما قد تستغربينه، ولكن أرجو أن تستمعي إليه إذا أردت حلا لهذه المشكلة، هل تعلمين أنه يمكنك الدخول لحياة وقلب ابنتك عن طريق الثقافة الكورية؟! نعم لا تستغربي، عندما يهتم أحد أولادنا بموضوع ما، وكنا لا نحبه أو لا نحبذه أو حتى نرفضه، فلا يكفي أن نمنعهم منه، أو ننهاهم عنه، فكما تعلمين من تجربتك أن هذه الطريقة لا تأتي بنتيجة، بل قد تأتي بنتيجة عكسية، فالممنوع مرغوب كما يقال، يمكنك أن تحولي موضوع الثقافة الكورية إلى نقطة التقاء وتعارف بينك وبين ابنتك، ولاحظي أني أقول ثقافة، وليس فن ومسلسلات.
لا بد أولا من نقطة الالتقاء، فمثلا يمكن أن تكون عن طريق أن تبدي اهتماما شخصيا بما له علاقة بكوريا، وتوقفي عن نهي ابنتك عن متابعة مثل هذا الأمور التي هي تتابعها، ليس من باب الموافقة، وإنما من باب تطمينها أولا أنك لست بالضرورة كارهة لما له علاقة بكوريا، فمثلا اشتري كتابا عن تاريخ كوريا أو غيره من المواضيع المتعلقة بكوريا، ومن ثم وبعد أن تطمئن وتقترب منك، حاولي مثلا أن تشاهدي معها مسلسلا كوريا، وتجنبي أن تبدي تعليقات انتقادية كثيرة، وإنما فقط اشتركي معها في المشاهدة، ومن نتائج هذا العمل المشترك أنك ربما لأول مرة ستلاحظين أنك بدأت تتعرفين على ابنتك بشكل عميق، وعن أفكارها وتوجهاتها، فأنا لا أعتقد بالضرورة أن أفكارها وتوجهاتها سيئة جدا، وإنما ربما هي تبحث عن شخصيتها ومكانها في هذا العالم الذي زالت فيه الحدود.
ويمكنك أن تجعلي من مادة المسلسل مادة للحوار والحديث مع ابنتك، ولكن تجنبي مجرد إلقاء المحاضرات الوعظية عليها، فنحن الآباء والأمهات نتقن هذا كثيرا، وكما ذكرت أن ابنتك تنفر منك بسبب نصائحك الدائمة، إلا أنه يمكنك استعمال بعض المواضيع المعروضة من أجل الحوار بينك وبين ابنتك في كل مواضيع الحياة، ابدئي من حيث هي، ومن ثم يمكنك أخذها معك حيث تريدين، ولكن لا بد أولا من كسب قلبها، وكما يقال "كسب القلوب مقدم على كسب المواقف" نعم إنه طريق غير مألوف، إلا أنه يؤتي نتائج عجيبة، لو أحسنا اتباعه.
وفقك الله، وإن شاء الله نسمع منك أخبار نتائج التواصل مع ابنتك.