السؤال
السلام عليكم.
أنا أثق بكم وبمعرفتك الواسعة، وأثق بالدكتور، لذلك أرسل لكم هذه الرسالة طلبا للعلاج.
مشكلتي: تتمثل في الأفكار السيئة الدينية والجنسية المنافية لعقلي ومبادئي، والتي تلح علي، وتتسبب لي الصداع والألم.
أشعر بالخوف والرهاب من الناس، وقلبي يخفق، وأشعر أني مراقب بأعين الناس عندما أسير في الشارع، مما يزيد رهبتي.
أنا أشعر برهبة من الرجال والنساء، لكن من النساء أكثر، فعند التحدث إلى فتاة أرتبك، وقلبي يخفق وأبتسم ابتسامة بلهاء، وأنا أتحدث أحاول التستر وأقطب وجهي حتى عندما أصور صورة تظهر ملامح الخجل الشديد على وجهي.
أشعر أني بلا قيمة ولا هدف في الحياة، وأن جميع الناس أفضل مني، فكيف سأعمل وأنا بهذه الحالة، ولا أملك أصدقاء، ولا أستطيع التعامل مع الناس؟ كيف سأتزوج وأكون أسرة وأنا أشعر أني ضائع، وبلا معني ولا هدف؟!
أشعر بالغيرة والحقد من الناس الذين هم أفضل مني، وهذا الشعور يشعرني بالذنب، وعندما أرى اثنين يتحدثان ويضحكان أشعر بأنهما يضحكان علي، كما أن أهلي يسخرون مني ويقولون: بأني لست رجلا، ولا أعرف التعامل مع الناس، فأنا لا أخرج من البيت إلا قليلا.
بسبب كل هذا وبسبب قراءتي عن الأمراض النفسية بدأت أفكر هل هذا فصام، أم أنه اضطراب وجداني، أم ماذا؟ فأنا أخاف من الجنون ومن الفصام، ومن خوف دائم أكون مصابا به.
جاءتني رعشة في الرأس، فبحثت عنها في استشارات سابقة فعلمت أنها غير حقيقية، فهل من سبيل للتخلص منها؟
ما هي حالتي؟ وهل لها من علاج؟ وما هي الجرعة المناسبة؟ علما بأني لا أستطيع الذهاب للطبيب، ولا أملك مالا كافيا لأشتري دواء غاليا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ samir حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أشكرك كثيرا على كلماتك الطيبة، وعلى ثقتك هذه، ونسأل الله تعالى أن ينفع بنا جميعا.
أيها الفاضل الكريم: اطلعت على رسالتك بكل تفاصيلها، وأقول: إنك لست مصابا بمرض الفصام، بالرغم من الشكوك التي تأتيك حول مقاصد الناس، هذه الشكوك – أيها الفاضل الكريم – هي جزء من المخاوف الاجتماعية التي تعاني منها، وهي أيضا جزء من الفكر الوسواسي الذي يسيطر عليك.
إذا تشخيص حالتك من خلال المعلومات المفيدة التي ذكرتها لنا هي أنك تعاني من مخاوف وسواسية، مع شعور بعسر المزاج، وهذا جعلك تفقد الثقة في نفسك وفيمن حولك.
أيها الفاضل الكريم: لم تذكر كم عمرك؟ والعمر مهم جدا؛ لأن سلامة الأدوية مرتبطة بعمر الإنسان.
عموما إذا كنت بعمر أكثر من عشرين عاما فعلاجك الرئيسي هو العلاج الدوائي - لا بد أن نركز على هذه النقطة - وأفضل دواء بالنسبة لك هو عقار يعرف تجاريا باسم (زولفت) ويسمى علميا باسم (سيرترالين) ويسمى تجاريا أيضا (لسترال) يضاف إليه جرعة بسيطة من عقار رزبريادون.
جرعة السيرترالين هي حبة واحدة ليلا، وقوة الحبة خمسون مليجراما، تتناولها بانتظام لمدة شهر، ثم تجعلها حبتين ليلا، تستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم تجعلها حبة واحدة ليلا لمدة خمسة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة ليلا لمدة شهر، ثم حبة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.
أما جرعة الرزبريادون فهي واحد مليجرام ليلا لمدة أربعة أشهر.
إذا الزولفت هو العلاج الرئيسي، والرزبريادون هو العلاج المساعد، وهذه الأدوية – أيها الفاضل الكريم – أدوية سليمة جدا وفاعلة جدا، ولا تسبب الإدمان أو التعود، ربما تزيد شهيتك للطعام قليلا، فاحذر إن كانت لديك مشكلة في الوزن.
بجانب العلاج الدوائي: هذه الأفكار السلبية التي تسيطر عليك لماذا لا تحقرها؟ لماذا لا تستخف بها؟ لماذا لا تصرف انتباهك عنها؟
اجلس مع نفسك وضع هذه التساؤلات حولك، وسوف تقتنع -إن شاء الله تعالى- بأنك لست بأقل من الناس أبدا.
الأمر الثاني: الخوف والوسواس يعالج ويعامل بما هو ضد له. إذا أكسر كل هذه الحواجز، تواصل مع الناس، قم بزيارة الأهل، الأصدقاء، صلة الرحم، زر المرضى في المستشفيات، شارك الناس في الأعراس وفي الأتراح، صل مع الجماعة في الصف الأول.
هذا يمثل اختراقا حقيقيا للخوف والرهبة الاجتماعية، وأنا متأكد أنك بعد تناولك للدواء بانتظام لمدة شهرين سوف تجد نفسك في حالة استرخائية تامة، مما يجعلك تطبق ما ذكرته لك من إرشاد فيما يخص المواجهات الاجتماعية.
هذا هو الذي أود أن أنصحك به، وأنا أؤكد لك أن الأفكار الجنسية والدينية هي من صميم الوساوس القهرية، ونصيحتي الغالية لك هي: ألا تناقشها، ألا تحاورها، ألا تحاول أن تصل معها لأي نوع من المنطق، هي ليست منطقية، هي متسلطة ومستحوذة، وحين تناقشها أو تحاول أن تفسرها أو تقنع نفسك بما هو ضدها، هذا ربما يجرك نحو ما نسميه بالحوار الوسواسي، وهو حالة تدعم الوساوس ولا تعالجها، لكن التحقير للوسواس هو أفضل علاج له، مع العلاج الدوائي.
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.