حائرة بين دراسة الطب أم العلم الشرعي

0 410

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا طالبة في كلية الطب المستوى الثالث الذي سيبدأ الأسبوع القادم -بإذن الله- كان الطب أمنية الصغر والوالدين كما هو حال المجتمع، وبعد أن التحقت بكلية الطب بدأت المشكلة من نهاية العام الأول، تفتح عقلي وتمنيت دراسة العلوم الشرعية، وحفظ القرآن، حينها فهمت للتو أن هناك ما يجب علي تعلمه من ديني، وفي فترة العطلة بين المرحلة الثانية والأولى قررت الحفظ والدراسة الشرعية، لكن لم يتيسر لي الأمر -والحمد لله- ولا أخفي عليكم أني سألت قبل ذلك عن هذا الأمر في نفس التوقيت، وعملت بالنصح في محاولة التوفيق بين العلمين إرضاء لرغبة والدي، لكن الأمر كان صعبا؛ فدراسة الطب ليست بالأمر الهين.

وكانت السنة الثانية شيئا آخر، ازداد تعلقي بدراسة العلوم الشرعية، وأصبحت لا أجتهد في دراستي الأكاديمية، وأحيانا نترك محاضرات الجامعة لحضور المحاضرات الدينية، وانتهت السنة الثانية وجاءت العطلة -والحمد لله- تيسرت لي بعض الدورات الشرعية وكانت هي الدافع لي أكثر لمحاولة تغيير مجالي، ليس هذا فحسب ما يدفعني لترك الطب, بل هناك أمر آخر وهو أني -والحمد لله- أدرس بجامعة غير مختلطة، لكن بالطبع المدرسين رجال وتجاوزنا عن هذه النقطة, لكن الدراسة فيها الكثير من المخالفات الشرعية، فبعد السنة الثالثة تكون الدراسة في المستشفى، ويأتي الاختلاط هنا في بعض المحاضرات، وأيضا قد تؤمر بالكشف على عورة الرجل، ولا تعلم ما الذي ينتظرك إن رفضت، ناهيك عن
المشرحة، وسألنا كثيرا عن هذا الأمر، وليس هناك غير (اتقوا الله ما استطعتم) ونحن نقدر لمشايخنا ذلك، لكن لا نستطيع التفصيل بالسؤال -حياء- عندما نستفتي لذلك لا أحد ينصحنا بعدم الاستمرار.

ما أشد حيرتي أسئلة كثيرة تجول في خاطري، فإن ترك كل من أراد أن يتمسك بدينه الطب فمن أين لنا بأطباء أمناء، وطبيبات نثق فيهن؟ ثم إني لا أريد أن أضحي بديني لأجل أحد، وأرى في المستشفيات تنازلات كثيرة من الملتزمين إلا من رحم ربي، وبصراحة لم يقدر لي الله أن أرى من هذا الصنف، وأرى أيضا حاجة كل أسرة أن يكون بينها طبيب، فقد تزامن مع قراري لتركه مرض والدتي ورأيت بصراحة الفائدة من ذلك، فاتحت أبي قريبا بالأمر لكنه رفض رغم أنه ذو استقامة -أحسبه والله حسيبه- فكما ذكرت نحن لا نستطيع التحدث بالتفاصيل وقال لي: تخصصي في مجال النساء والتوليد، أو بالأطفال، لكن هذا التخصص يأتي بعد كم عام، وبعد كم تنازلات أقدمها.

استخرت أيضا وقررت المواصلة، لكن مازلت في حيرة من أمري، هناك أيضا سؤال وهو كيف العمل إن كتب الله لك بيتا، وأسرة، وخصوصا التربية أمر لا يحتمل الإهمال؟ كما أرى عند الكثير مما يعملون بهذا المجال؟

وسؤال آخر بالنسبة للدراسة ما هو الأفضل السهر أم عدمه؟
فأخشى أن كل ما عندي هو همة دون عمل، فكلما أردت أن أدرس تحدثني نفسي بالنوم المبكر، ولا أظنها أبدا ناصحة بل تريد الراحة، تأتيني أضرار السهر، وفوائد النوم المبكر، لكن كيف السبيل إلى التميز؟ فما أذكر أن أحدا من العلماء الأفاضل ولا حتى المبرزين في أي مجال كان يؤثر عليهم النوم المبكر، فما نصحكم لي هنا.

أعتذر عن الإطالة، لكن جزاكم الله خيرا تحملون عنا، فرج الله همومكم، وجزاكم بما تقومون به في هذا الموقع خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بدرية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا -بابنتنا الفاضلة- في موقعك، نشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يصلح الأحوال، وأن يحقق في طاعته الآمال، لقد أسعدنا هذا الحرص على تعلم العلوم الشرعية، ونتمنى أن لا تتركي دراستك الطبية رغم العوائق والصعاب التي ربما قصد بعض الأشرار إبعاد الأخيار والفاضلات، وليس هناك حل لهذا الأشكال إلا بأن يتأهل غيورون وغيورات ويتقدموا ليأخذوا مواقعهم في اتخاذ القرار، وتعديل أوضاع المتعلمين والمتعلمات.

ولا أظنك بحاجة إلى كثير من الكلام؛ لأن الرؤية بالنسبة لك واضحة، وأذكرك بأن فتاوى العلماء تطابقت مع رغبة الوالدين، فأكملي المشوار، وتفوقي، وحققي النجاح مستعينة بالكريم الفتاح.

ولا مانع بعد ذلك من التبحر في العلوم الشرعية لإفادة الزميلات، ونصح المريضات، ونحن نعرف عددا من الأطباء، والطبيبات، والصيادلة، عملوا في حقل الدعوة، ومنهم الدكتور خالد الجبير، والدكتور محمد إسماعيل، المقدم، والشيخ الزنداني، وفي قطر الدكتورة آمنة الباكر، والدكتورة أمل الجاسم، والقائمة طويلة.

ولكننا ننصحك الآن بالتركيز على مجالك الطبي، خاصة بعد أن تعلمت الأشياء الأساسية التي لا يسع المسلم جهلها، ورغم أن السهر بعد العشاء مكروه؛ لأنه قد يتسبب في ضياع صلاة الفجر، ألا إن السهر في طلب العلم لا باس به، وهذا ما كان عليه عدد من علماء السلف، ولكن الأفضل والأحسن هو التبكير بالنوم إذا كان الاستيقاظ آخر الليل ممكنا حتى تفوزين بحظك من السحر، وتنالين نصيبك من البكور الذي يكون فيه الذهن صافيا.

هذه وصيتنا لك بالتقوى، ثم بكثرة اللجوء إلى الله والصبر، والاحتساب، وبذل الأسباب.

نسعد بالاستمرار في تواصلكم مع موقعكم، ونسأل الله أن يوفقكم.

مواد ذات صلة

الاستشارات