الخوف الاجتماعي أثّر ولا زال يؤثر سلبًا على كل تفاصيل حياتي! ما الحل؟

0 419

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مشكلتي في هذه الحياة منذ طفولتي وحتى الآن، هي: الخوف.

سأحاول أن أختصر، وبنفس الوقت سأذكر ما أرى أنه لا بد من ذكره؛ حتى تقدم لي النصيحة، فأنا أعاني، وحياتي ستدمر بهذا الشكل.

سأقدم لك -في البداية- نبذة بسيطة عن نفسي: أنا شاب، عمري20سنة، وأصغر إخوتي، رزقني الله بوجه جميل -والحمد لله-، مع العلم أني أرى نفسي بغير ذلك، خجول جدا جدا، أعاتب نفسي على أسباب تافهة، أكثر ما أخشاه، هو أن يقوم أحد بإحراجي، منطو على نفسي، ليس لدي أصدقاء اطلاقا منذ الطفولة وحتى الآن، لست اجتماعيا بتاتا (95% من وقتي في المنزل)، أخشى نظرات الناس إلي، وأعتقد دائما أنهم يتهامسون وينظرون إلي بنظرة ازدراء، غير واثق بنفسي اطلاقا.

دراستي من الابتدائية حتى تخرجت من الثانوية، كانت انتسابا؛ وذلك لعدم تأقلمي في المدرسة مع الطلاب منذ الصغر، وهذا بسبب الخوف.

منذ صغري وأنا متحمل المسؤولية، مع أني أصغر إخوتي! ولدي إخوان ذكور، وهم أكبر مني، ولكن -سبحان الله- ما حدث منذ وفاة والدي، هو العكس، الأصغر هو من تحمل المسؤولية!

لا أدخن -ولله الحمد-.

أما لماذا أعاني من الخوف؟ فقد حصلت لي عدة مواقف كثيرة منذ الطفولة، عندما كان عمري: 5 سنوات و 8 سنوات و 13 سنة، تعرضت فيها لرعب شديد جدا.

الخوف الآن مستمر معي، أخاف من الناس، من الأشخاص، من النظرات، من السيارات، من تجمع الناس، وأهمها الخوف من العراك؛ دفاعا عن النفس، وليس للتباهي، وأيضا بنيتي الجسمانية ضعيفة، فعندما أفكر في هذا الشيء، أتخيل أن الناس تريد أذيتي، وعندما يؤذونني، لا أستطيع الدفاع عن نفسي بسبب الخوف.

عند ما أشعر بالخوف من هذه الأشياء، يحدث معي التالي:
1- يدق (يخفق) قلبي بسرعة شديدة، لدرجة أني أشعر به دقة دقة، و يتوقف تفكيري، ولا أعلم ماذا أفعل؟

2- تلعثم في الكلام، إذا كان الموقف الذي أنا به يتطلب الكلام.

3- أتصبب عرقا بشكل غير طبيعي.

إذا كان يحدث لي هذا كله؛ كيف سأتعامل مع أي موقف يحصل معي سواء كان خيرا، أم شرا؟

هناك شيء أحبه كثيرا، وهو خارج عن إطار الخوف، أحب أن أحدث نفسي بصوت عال أو أقوم بعمل اختبار للكلام مع شخص أريد التحدث معه، أطرح السؤال وأجيب نفسي.

أرجوك يادكتور، أنا أعاني، أريد حلا؛ فأنا أريد العمل، فقد وصلت لمرحلة يجب فيها الاعتماد على النفس، والعمل حتى أكون أسرة.

علما بأني لم أعمل إطلاقا من بعد إنهاء دراستي الثانوية عن طريق الانتساب، بسبب هذه المشكلة، سبحان الله! لا أعلم كيف أنهيت دراستي؟!

أريد لهذه المشكلة حــــلا دوائــــيا، فأملي كله في الله أولا ثم بك أن تجد لي حلا، فأنا الآن كقدر الضغط، ولدي إحساس بأني سأنفجر، وتمنيت أن أذهب إلى طبيب نفسي؛ لأشرح له حالتي، ولكن للأسف -حيث أعيش- من يذهب لطبيب نفسي، فهو غير عاقل.

أحببت أخيرا أن أنوه أني الوحيد -من بين إخواني الذكور وحتى الإناث- من يعاني من هذه المشكلة، فسبحان الله! إخواني عكسي تماما!

أعتذر على الإطالة.

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكرك على ثقتك في إسلام ويب.

لقد عرضت حالتك بصورة جيدة ومفصلة ودقيقة، وخلاصة الأمر: من الناحية النفسية، أستطيع أن أقول لك: إنك رجل فيك شيء من الحياء، والحياء كله خير، وهو شطر الإيمان، وفي ذات الوقت شخصيتك تحمل بعض الجوانب الاعتمادية، وأيضا لديك نوع من الخوف أو الخجل الاجتماعي.

هذه الأمور -أيها الفاضل الكريم– ليست أمراضا، هذه السمات هي ظواهر، وليس أكثر من ذلك.

علاجك يتمثل في: أن تبني مفاهيم جديدة حول ذاتك. أنت الآن في عمر العشرين، لديك الطاقات النفسية والجسدية والوجدانية والمعرفية التي متى ما سخرتها وأقدمت على أن تكون منجزا، تستطيع القيام بذلك. لا بد أن تضع برامج يومية، وبرامج مستقبلية، وتحسن إدارة وقتك، حتى تصل إلى ما تبتغيه -بإذن الله تعالى-.

التواصل الاجتماعي مهم جدا، والتواصل الاجتماعي الأنفع يكون مع الصالحين من الشباب، مع الأرحام، أن تنخرط في عمل جماعي، أن تساعد الضعفاء، أن تمارس أي رياضة جماعية، مثل: كرة القدم، وأن تكون صحبتك من الصالحين والخيرين والطيبين من الشباب. هذا –يا أخي الكريم– يجعلك -إن شاء الله تعالى- في أحسن حال.

بالنسبة للعلاج الدوائي: نعم، أنت محتاج له، وتوجد -بفضل الله تعالى- أدوية ممتازة جدا. إن ذهبت إلى الطبيب النفسي، فهذا هو الأفضل، وأرجو ألا تحس بأي نوع من العيب أو العار، هذا المفهوم الآن قد انتهى، مفهوم الوصمة الاجتماعية لمن يذهب إلى الطبيب النفسي، نحن نحاربه بشدة، -والحمد لله تعالى- الآن العيادات مكتظة بالناس وطالبي المساندة، فلا تتردد في أن تذهب إلى الطبيب النفسي، إن كان ذلك ضروريا.

أريدك أن تسعى لبر والديك، فإن فيه خيرا كثيرا لك، وكما ذكرت لك سلفا: الاجتهاد في الدراسة، حتى وإن فاتتك الدراسة المنتظمة فيمكن أن تواصل دراستك، حتى ولو بالانتساب، أو تدخل بعض الكورسات، أو تذهب لمراكز تحفيظ القرآن، هذا كله يطور من مهاراتك ويزيدها، ويقوي من إمكاناتك المعرفية، ويجعلها ذات سعة عالية وكبيرة، مما يجعلك تدير كل شيء في حياتك بإنجاز وطمأنينة -إن شاء الله تعالى-.

العلاج الدوائي: أنت محتاج له، وأنا أرى أن جرعة صغيرة من عقار (باروكستين)، والذي يعرف تجاريا باسم (زيروكسات)، ستكون مفيدة لك، علما بأن هذا الدواء سليم جدا، والجرعة التي تبدأ بها هي نصف حبة، عشرة مليجرام، تتناولها ليلا بعد الأكل، وتستمر عليها لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة –أي عشرين مليجراما– استمر عليها بكل انتظام لمدة ستة أشهر، وهذه ليست مدة طويلة، بعد ذلك اجعل الجرعة عشرة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات