السؤال
دكتور محمد عبد العليم المحترم
عمري 42عاما ومتزوج، ولدي 3 أطفال، قبل حوالي عشرين عاما حدث لي عند نومي قلق شديد، وخوف واسترجاع، فذهبت إلى دكتور نفسي، وتم تشخيص حالتي بوسواس قهري، وتم صرف دواء اسمه بروزاك، وأخذته لمدة أسبوع واحد فقط، وعالجت نفسي بتجاهل الأفكار والحمد لله تعافيت.
الآن في شهر أغسطس 2012 حدث لي نفس الشيء، قبل الدخول في النوم حدث لي نوع من القلق الشديد والخوف، وهرعت إلى الشارع، وذهبت إلى الصيدلية لقياس الضغط، وأبلغني الدكتور بأن ضغطي جيد، ورجعت للنوم وحدث لي تسارع في الأفكار بشكل كبير، وبعده بفترة أصبحت لا أنام، ولا أتناول الطعام كما كنت في السابق، وحدث لي توهم مرضي بالأمراض النفسية، وصرت أفكر بها كثيرا؛ مما زاد من قلقي وتوتري.
أنا الآن أعمل تمارين الاسترخاء، لكن بشكل قليل، وأحاول التفكير الإيجابي ولكن أحيانا أستطيع وأحيانا لا أستطيع.
يا دكتور: أنا متخوف من أشياء كثيرة، أفكر في أشياء غير معقولة، وأخاف منها، وفي بعض الأحيان أفكر فيها بشكل دقيق جدا جدا، وأوسوس في كل شيء، ولاحظت أخيرا أن تفكيري داخل نفسي، أفكر في جسمي وما يحدث داخله وهكذا.
يرجى التكرم من سعادتكم بإفادتي عن حالتي، ولا أرغب في تناول الأدوية النفسية.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أخي: وصفك لحالتك وصف ممتاز، وهو بالفعل أنك تعاني من قلق الوساوس المصحوب بشيء من المخاوف، ومشكلة الوساوس هي حين تأتي للإنسان يصبح مدققا، ويحب أن يستقصي في أمور لا تستحق أن يشغل الإنسان نفسه بها، ويكون هنالك نوع من التدقيق، والأفكار تكون ملحة جدا ومستحوذة، لذا نقول: إن العلاج الأساسي للوسواس القهري يأتي من خلال التجاهل وعدم الاهتمام به، مقاومة القلق، وأن يصرف الإنسان انتباهه من خلال القيام بنشاطات أخرى كالتأمل، والتفكر في شيء مختلف تماما، أن يحسن الإنسان إدارة وقته، وألا يميل لمناقشة الفكرة الوسواسية، الميل لمناقشة الفكرة الوسواسية أو تفصيلها، أو إجراء حوار معها؛ محاولة لإخضاعها للمنطق هذا يشعب الوساوس ويقويها، ويجعلها تكون أكثر تأصلا وشدة.
فيا أخي: مبدأ التحقير هو مبدأ مطلوب، مبدأ جيد، مبدأ ممتاز، قد لا يكون سهلا، لكن ما دام الإنسان لديه إرادة التحسن وإرادة التغير، يمكن أن يقوم بذلك، أمر آخر هو استبدال الفكرة، أي فكرة ذات طابع قلقي يمكن للإنسان أن يستبدلها بفكرة أخرى، إما أن تكون فكرة محايدة، أو فكرة مضادة للفكرة الوساوسية القلقية المتسلطة.
أخي الكريم: دائما حسن إدارة الوقت، وأن يشغل الإنسان نفسه بما هو جيد ومفيد، يرفه عن نفسه، ويتواصل اجتماعيا، ولا يترك مجالا للفراغ الذهني، أو الفراغ الزمني، أو الفراغ المعرفي، أو الفراغ الوجداني، هذا قطعا يقضي على الوساوس والخوف، والقلق والتوتر، بصورة جيدة جدا، فيا أخي: هذه هي المبادئ الرئيسية للعلاج السلوكي، وقطعا تمارين الاسترخاء مفيدة جدا، الممارسات الرياضية مفيدة جدا، فكن حريصا على ذلك أخي الكريم.
بالنسبة للعلاج الدوائي، أنا أقدر حقيقة وجهة نظرك، وأنك لا تريد أن تتناول الأدوية النفسية، لكن -أخي الكريم- أحب أن أطمئنك أن الأدوية النفسية ليس كلها خطيرة وإدمانية، والدراسات كلها تشير أن هناك حاجة لها في مثل حالتك، والرزمة العلاجية الصحيحة تتكون من الدواء والعلاج النفسي، والعلاج الإرشادي، والعلاج الاجتماعي، فإذا أدعوك لهذه البوطقة ولهذه الرزمة، أو هذه المكونات، أو هذه المدخلات العلاجية، لا بد أن تكون مكتملة، وتتناسق مع بعضها البعض؛ ليصل الإنسان إلى التعافي.
وجهة نظرك مقدرة جدا، لكن رأيت من الواجب أن أذكر لك أن دواء مثل (زوالفت) والذي يعرف باسم (سيرترالين) سيكون جيدا ومفيدا لك، وليس هنالك ما يدعو أن تتناوله لمدة طويلة، ثلاثة إلى ستة أشهر سوف تكون كافية جدا، إن شئت -أخي- ابدأ بجرعة نصف حبة يوميا أي 25 مليجراما، تناولها بعد الأكل لمدة 10 أيام، ثم اجعلها حبة كاملة ليلا، وهذه تعتبر جرعة صغيرة؛ لأن الزوالفت يمكن تناولها حتى 4 حبات يوميا، تناول الحبة ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة ليلا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.
بارك الله فيك أخي، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.