أعاني من الوساوس وكثرة اللغو والغيبة والكسل، فكيف أتخلص من كل ذلك؟

0 532

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا امرأة متزوجة، ولدي أطفال -والحمد لله-، كثيرة اللغو والكلام والإلحاح في الكلام ليلا ونهارا، وأتكلم مع نفسي كأنني أكلم أحدا، وشاردة الذهن دائما، وعندما أتحدث مع أحد أتحدث بعصبية، ودائمة الخمول والكسل في أشغال البيت، ولا أهتم بأطفالي وبيتي، وكثيرة الغيبة، والثرثرة مع الناس -أهلي وأقربائي-.

وفي بعض الأحيان تأتيني وساوس في عقلي، بحيث أتعبتني هذه الحالة، وأريد أن أكون امرأة مهتمة بزوجي وأطفالي وبيتي، وأتوجه لذكر الله والعبادات، لكن لا أقدر بسبب حالتي هذه التي تمنعني من الذكر إلا قليلا.

حتى صلاتي أصليها مستعجلة وشاردة الذهن، وأتثاءب عند قراءة القرآن ويأتيني النعاس، علما أنني من قبل كنت كثيرة الذكر لله، وأؤدي النوافل والطاعات لله بعكس الآن، ما هو العلاج لحالتي؟ بحيث يجعلني هادئة وأعصابي مسترخية، وأبتعد عن الكلام الفارغ، ويذهب عني الكسل والخمول وكثرة الثرثرة والغيبة والوسواس، وأتوجه لله بالذكر والعبادة والاهتمام ببيتي وأطفالي، وبارك الله فيكم، وزادكم إيمانا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكر تواصلك مع إسلام ويب، وأشكر لك -أيتها الفاضلة الكريمة- ملاحظاتك الدقيقة حول ذاتك، لأن معظم الذين يثرثرون قد لا يكونون على وعي وبصيرة بعلتهم.

أنا أقول أن الذي يحدث لك هذا هو نوع من الطبائع أو السمات المرتبطة بشخصيتك، والذي يظهر لي أنك قلقة بطبعك وأصبحت الثرثرة، وكثرة الكلام متنفسا أساسيا بالنسبة لك، وقطعا الإنسان حين يثرثر يصاب بنوع من الإجهاد، والإجهاد يؤدي إلى التكاسل بمعنى أن معظم طاقتك النفسية الإيجابية تفرغ في الثرثرة وكثرة الكلام والإلحاح في الكلام، وهذا قطعا له تبعات سلبية تؤدي إلى تكاسلك من العبادة ومن عمل ما هو جيد، وينمو عندك الفكر الوسواسي كما تفضلت، فكرة من هنا وفكرة من هناك، إلحاح هنا وإلحاح هناك، هذا كله -أيتها الفاضلة الكريمة- ناتج من القلق النفسي.

الذي أراه أنك مدركة لعلتك، وأول ما أنصحك به هو حسن إدارة الوقت، حسن إدارة الوقت سوف تجعلك إنسانة منضبطة جدا لإدارة بيتك، الالتزام بعباداتك، تواصلك الاجتماعي، واحرصي دائما على النوم الليلي المبكر، هذه الخطوة الأولى، الخطوة الثانية لغو الكلام قطعا ليس أمرا محببا، تذكر الضوابط الشرعية في هذا السياق حول اللغو حول الغيبة حول البهتان وأن يجعل الإنسان نبراسا له في حياته، أي هذا التذكر هذا في حد ذاته يحجم النفس ويكبحها ويجعل الإنسان يتجنب فعل هذه الأخطاء وارتكاب هذه الذنوب.

نقطة ثانية أنصحك بتمارين الاسترخاء، هذه التمارين ممتازة وفيها متنفس عظيم للنفس، فارجعي لاستشارة إسلام ويب والتي هي تحت الرقم(2136015) وسوف تجدين فيها -إن شاء الله تعالى- ما يفيدك تماما.

أريدك -أيتها الفاضلة الكريمة- أن تنضمي لأحد مراكز تحفيظ القرآن، أو كوني مجموعة من النساء في حيك، ويمكن أن تكون هذه التلاوة في البيوت، تلاوة القرآن سوف تعلمك الإنصات ولو تكلمت سوف تتكلمين فيما هو مفيد، فاحرصي على ذلك -أيتها الفاضلة الكريمة-، مارسي أي تمارين رياضية تناسب المرأة المسلمة، هذا سوف يجدد طاقتك، وأنا نصحتك بالنوم المبكر، هذا يزيل عنك الكسل، وعليك بالدعاء -أيتها الفاضلة الكريمة-.

هنالك دواء بسيط جدا يعرف باسم فلونكسول -إن شاء الله تعالى- يزيل عنك القلق، يساعدك في الانضباط الكلامي، وأن تكوني مستمعة جيدة، جرعة الفلونكسول هي حبة في الصباح وحبة في المساء، قوة الحبة هي نصف مليجرام تناوليها لمدة شهرين ثم اجعليها حبة واحدة في الصباح لمدة شهرين أيضا ثم توقفي عن تناول الدواء.

نقطة أخير أيتها الفاضلة الكريمة: أرجو أن تقومي بإجراء الفحوصات الطبية العامة، تأكدي من نسبة الدم لديك وكذلك وظائف الغدة الدرقية؛ لأن عجز الغدة الدرقية يضعف الهيموجلوبين كثيرا مما يؤدي إلى الإجهاد النفسي والجسدي والكسل، سوف أحول استشارتك هذه إلى أحد الإخوة المشايخ الأكارم ليحدثك عن الغيبة.

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.
----------------------------------------------------------------
انتهت إجابة: د. محمد عبدالعليم -استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان-
تليهل إجابة: الشيخ أحمد الفودعي -مستشار الشؤون الأسرية والتربوية-.
----------------------------------------------------------------
مرحبا بك -أختنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله بأسمائه وصفاته أن يعافينا وإياك من كل مكروه، ونشكر لك (أولا) – أيتها الكريمة – إنصافك من نفسك، وانتقادك لنفسك لهذه الدرجة من الوضوح، وقد قدم لك أخونا الفاضل الدكتور محمد – جزاه الله خيرا – جملة من النصائح المهمة الرائعة، نأمل -إن شاء الله تعالى- أن تأخذيها مأخذ الجد وتعملي بها.

ونحن نزيدك هنا من الجانب الشرعي أمورا:
أولها: ما يعينك على التخلص من الكلام الذي يسخط الله تعالى عليك كالغيبة ونحوها من الكلام، وسبيل ذلك وطريق التخلص منه أن تعرفي وتعلمي علم اليقين أن الإنسان مؤاخذ بكل كلام يقوله، كما قال الله تعالى: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد}.

وقد حذرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- في أحاديث كثيرة من حركة اللسان وإلقاء الكلام على عواهنه من غير حساب، فقال -عليه الصلاة والسلام-: (إن أحدكم ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وإن أحدكم ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله له بها سخطه إلى يوم القيامة)[رواه ابن حبان في صحيحه].

كما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبر بأن الناس إنما يسحبون على وجوههم ويلقون في النار يوم القيامة بسبب ألسنتهم، فقال -عليه الصلاة والسلام-: (وهل يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم).

فهذه الأحاديث ونحوها تبين لنا عاقبة الكلام، وإن كان يستصغره الإنسان ويظن أنه سهلا يسيرا، لكن عواقبه وخيمة، وكما قال الله عز وجل: {وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم}، فتذكرك لهذا المعنى سيحجزك ويمنعك من كثير من الكلام الذي تقولينه.

الأمر الثاني: الصحبة والرفقة، فإن الإنسان يتأثر بمن يجالسونه، وكما يقول الحكماء: (الصاحب ساحب)، فاحرصي على صحبة الخيرات من النساء.

الأمر الثالث: تجنب الفراغ، فحاولي أن تشغلي نفسك بما يعود عليك بالنفع في أمر دينك أو أمر دنياك، لا تدعي نفسك فارغة بلا عمل، والأعمال كثيرة.

لا شك ولا ريب – أيتها الأخت الكريمة – أنك تحتاجين إلى قدر كبير من الصبر على مجاهدة النفس لإحداث هذا التغير في أخلاقك وسلوكك، ولكن الله تعالى سيتولى عونك، فإذا علم منك الصدق والرغبة في التغير والتحويل، فإنه سيمدك بالعون، كما قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين}.

نوصيك – أيتها الفاضلة – بأن تكثري من الأذكار، لا سيما الأذكار الموظفة في الصباح والمساء وعند النوم والاستيقاظ ودخول الخلاء والخروج منه، كما نوصيك باستعمال الرقية الشرعية، فإن الرقية تنفع مما نزل ومما لم ينزل، فأكثري من قراءة الفاتحة وآية الكرسي، وخواتيم البقرة، الآيتين الأخيرتين منها، والمعوذات، وقل هو الله أحد، أكثري من قراءة ذلك في كفيك، وامسحي بها جسدك، واقرئيه في ماء واشربي الماء، فإن ذلك ينفعك -بإذن الله تعالى-، وتحصنين به نفسك من المكروه.

نسأل الله أن يتولى عونك.

مواد ذات صلة

الاستشارات