السؤال
سلام عليكم
أنا في عام ٢٠٠٨ ذهبت بالتهريب وتهت في الصحراء حتى أحسست بالموت بكل جوارحي، ولكن -ولله الحمد- تم إنقاذنا.
كنت في بعض الليالي أحلم بهذه الحادثة وأقوم مفزوعا، وبعد ذلك هدأت ولم أعد أتذكرها، ثم أتت أحداث ٢٠١١ في اليمن، في صنعاء، ولم يهمني الأمر في البداية، ولكن أبي أخبرني أننا إذا لم نغادر صنعاء ستكون حرب أهلية، وسيتم حصار صنعاء، ولن نجد الماء، وذكرني هذا بالصحراء وبدأ الخوف لدي، وكنت أخاف من الحرب، ثم سافرنا من صنعاء؛ فهدأت نفسي بعد خروجي من صنعاء، ثم عدنا بعد أن هدأت الأمور.
قبل فترة قصيرة تم حصار صنعاء من قبل من يسمون أنفسهم (أنصار الله) ولكن في هذه المرة قررت ألا أغادر صنعاء، وذهبت لطبيب نفسي وكان هناك وسواس قهري من الموت، ولكن بشكل بسيط، فأعطاني هذه العلاجات وهي: (سيترال) و(نوفيبام) و(انافرانيل) واستعملتها ١٤يوما وأحسست ببعض الراحة، ولكن الوسواس القهري بدأ يأتي بشدة؛ فتركت كل العلاجات، ولم أعد أتناول إلا (سترال) ولكن تأتيني أفكار غريبة وأسئلة غريبة مع الخوف من الموت، ألا وهي: ماذا بعد الموت؟ وماذا يعني الانتقال إلى الآخرة؟ وهل سيغفر الله لي؟ ولماذا الصالحون يخافون من الآخرة؟ وهل سنمر على النار؟ وهل سنأمن الفزع الأكبر؟ وأحيانا يصل إلى الخوف الشديد.
وهناك بعض التساؤلات في العقيدة -وهذه أخطر- أرجو التركيز عليها: هل الإسلام دين الحق؟ كل دين يدعي أنه على حق، فهل سأتفاجأ أني لم أكن على الدين الحق؟
وهناك أفكار غريبة، أنظر إلى بنت أخي البالغة من العمر ٥ أشهر وأستغرب أنها موجودة معنا، وهي قبل خمسة أشهر غير موجودة. وغيرها من الأسئلة والأفكار التي أزعجتني، وأحيانا يضيق صدري، ولا أعرف السبب، وأحيانا أشعر بسعادة كبيرة جدا.
بعد أن تناولت العقارات المذكورة أحسست بدوخة دائمة ونعاس، ولكن الآن أحسن من قبل، وإن كنت ما زالت أعاني بشكل بسيط، وأريد التخلص منها جميعا، ولكن من غير علاج؛ لأني لاحظت زيادة الأفكار بعد العلاج. فهل لديكم حل؟ وإذا كان عقارا، فهل سينهي هذه الوساوس والخوف نهائيا وأرجع إلى طبيعتي؟ وإن كان عقارا فأرجو ألا يكون من آثاره الدوخة، ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مخاوفك بدأت بعد حادثة التوهان في الصحراء، وهذه التجربة قطعا حفرت في ذاكرتك، ثم أتى موضوع أحداث صنعاء؛ ليعزز الخوف والوساوس لديك، وفي الغالب أنه يوجد عامل آخر ضروري جدا لتكوين هذه الأعراض، وهو أنك من الناحية النفسية لديك الاستعداد البنائي الجزئي في التكوين النفسي، جعل لك استعدادا لنوبات الخوف والوساوس، وهو الشيء الذي تعاني منه.
الوساوس التي تأتيك تعامل معها بشيء من المنطق، نحن ننصح الناس أن تتجاهل وساوسها، لكن وساوسك بشيء من المنطق يمكن أن تقاومها، فكر فيما هو ضد هذه الأفكار، وحاول أن تعززه وتثبته، لكن لا تسرف في الشرح والتحليل.
مثلا سؤال: هل الإسلام هو الدين الحق؟ نعم الإسلام هو الدين الحق ولا شك في ذلك {قل يا أيها الناس إن كنتم في شك من ديني فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم وأمرت أن أكون من المؤمنين}، {إن الدين عند الله الإسلام}، {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين}، {ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين}، وقل: (لن أخوض في فكر غير ذلك) هذه إجابة.
أيضا هذه البنت قبل خمسة أشهر لم تكن موجودة معنا، نعم، لكنها ولدت، ولذا الآن هي معنا، وهكذا.
بتلك الإجابات، وبهذه الطريقة الحاسمة جدا، ودون الخوض في نقاش الوساوس وحوارها حوارات سلبية، تنتهي إن شاء الله تعالى، وتكون عندك قناعات وعقيدة راسخة بإذن الله تعالى، خاصة إذا دعمت ذلك بالنصوص والآيات، والسنن والبراهين القاطعة.
حاول -أيضا- أن تطبق تمارين الاسترخاء، فهي تزيل الجانب القلقي المصاحب للوسواس، وإسلام ويب لديه استشارة تحت رقم (2136015) أوضحنا فيها كيفية ممارسة هذه التمارين.
اسع لأن تصرف تفكيرك ووجدانك عن الوساوس، وذلك باستغلال وقتك فيما هو أحسن، والاستغلال للوقت فيما هو أحسن يكون من خلال حسن إدارته، وتنويع الأنشطة اليومية.
بالنسبة للعلاج الدوائي: أعتقد أن الدواء ضروري في حالتك، والسيرترالين أو ما يسمى (لسترال) دواء رائع ورائع جدا، ولا يسبب نعاسا كثيرا أو خمولا، وأنا أعتقد أنك إذا تناولته بجرعة مائة مليجرام –أي حبتين– ليلا لمدة ستة أشهر؛ فسوف تجد منه فائدة عظيمة جدا، وبعد ذلك –أي بعد انقضاء الستة أشهر– خفض الجرعة إلى حبة واحدة ليلا، لمدة ستة أشهر أخرى، وهذه هي المرحلة الوقائية، ثم اجعلها نصف حبة ليلا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.
أما بقية الأدوية الأخرى فلا داعي لها.
إذا عليك بالتعزيز السلوكي الإيجابي، وتناول الدواء حسب ما شرحناه لك، وإن شاء الله تعالى تشفى من هذه المخاوف والوساوس.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.