السؤال
أشكركم على هذا الموقع الجميل، وأسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتكم يوم تلقونه.
سؤالي هو: أنا شاب أبلغ من العمر 14 عاما، أحفظ القرآن كاملا -والحمد لله- وأحب أن أكون علامة كبيرا، كابن باز وابن عثيمين، أحب التقرب إلى الله بالعبادات، لكن لدي مشكلة جعلتني أبتعد عن الله 60%، والعياذ بالله هي العادة السرية، فأريد منكم حلا لأبتعد عنها نهائيا إلى أن ألقى رب الأرباب تعالى.
علما أني لم أكن لأفعلها بعلم، وإنما بجهل، أفيدوني بطريقة أفادكم الله، وأسأل الله أن يجمعنا في جنة الفردوس، مع الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك غاية الترحيب في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع.
إنك لتذكرنا بأمجاد الصالحين الأولين من أهل تركيا الكرام، عظماء الإسلام الذين حكموا السواد الأعظم من العالم، وكأنك تذكرني –يا ولدي– بمحمد الفاتح –رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى من جنانه– أنت تعيد الآن ذكريات آبائك الكرام الأماجد، الذين قدموا خدمات جليلة للإسلام وللعالم أجمع.
أتمنى وأسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقك لتكون كهؤلاء العلماء، وأن تكون عالما عاملا ربانيا، وأن تكون وليا من أوليائه، وأن تكون ممن يحملون الراية لنشر الإسلام في ربوع الأرض، وإعادة الأمة التركية خاصة، والإسلامية عامة إلى جادة الطريق، إنه جواد كريم.
ولدي محمد وفقك الله: أنا فخور بك فعلا، لكن أرى أن الشيطان قد حسدك وحقد عليك عندما صرفك إلى هذه المعصية، والتي فعلا بدأت تحول بينك وبين القرب من الله تبارك وتعالى والأنس بالله عز وجل، واعلم أن معاصي الخفاء لا تحتاج لأكثر من قرار داخلي وصادق، لأن معاصي السر هذه لا يطلع عليها أحد سوى الله، ولذلك لا حل لها إلا بقرار منك، وأنت تحفظ القرآن الكريم، ووقفت على قول الله تعالى: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}.
فإذا لم تكن جادا –يا ولدي– في تحرير نفسك، وأخذ قرار قوي وشجاع وجريء في أسرع وقت أن تتوقف عن هذه المعصية؛ فإنك بذلك تحطم كل هذه الأحلام العظيمة، وتقضي على هذه المشاريع الكبيرة التي تفكر فيها، لأن الله تبارك وتعالى وضع قوانين في هذا الكون تحكم علاقته بخلقه، ومن هذه القوانين أن من أحبه الله أكرمه، وأن من خالف أمر الله أهانه، وكما قال الله تبارك وتعالى: {ومن يهن الله فما له من مكرم} وقال جل وعلا: {الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور} كما تعلم.
فإذا عليك –ولدي محمد– بأن تأخذ قرارا بالتوقف في أسرع وقت عن هذه المعصية، وأن تبحث عن الأسباب التي يأتيك الضعف من قبلها، وتحاول أن تغلق هذه المنافذ الشيطانية، فإذا كانت الوحدة مثلا -كأن تكون وحدك في غرفة، أو تكون وحدك في البيت– فحاول ألا تكون وحدك، وإذا كنت في أسرتك وكنت في غرفة مستقلة فحاول أن تجعل بابها مفتوحا، وإذا دخلت إلى دورة المياه –إذا كنت تضعف في دورة المياه– فحاول ألا تطيل المكث بها، خاصة وأن العلماء نصوا على أن المكث في دورة المياه بلا سبب محرم شرعا.
وإذا كنت -أحيانا- تدخل إلى بعض المواقع المثيرة، أو تنظر إلى بعض المناظر المثيرة فحاول أن تغلق هذه الأبواب، وعليك أن تنام على طهارة ملتزما سنة النبي -عليه الصلاة والسلام- محافظا على أذكار النوم، كذلك إذا خرجت من بيتك أن تكون محافظا على أذكار الخروج من المنزل، وحافظ على أذكار الصباح والمساء، وحافظ على الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- وحافظ على ورد من القرآن يوميا، وحاول أن تدرس الأسباب التي تؤدي إلى ضعفك، وأن تقوم بالقضاء عليها، وبذلك -بإذن الله تعالى- سوف تتمكن من التخلص من هذه المعصية التي تأكل الأخضر واليابس، والتي ستردك إلى الوراء بدلا من أن تدفعك إلى الأمام.
واعلم أن ما عند الله لا يناله العبد إلا بطاعة الله، فإذا أردت توفيق الله تعالى في الدنيا فعليك بطاعة الله، وإذا أردت أن يكون قبرك روضة من رياض الجنة بعد الموت فعليك بطاعة الله، وإذا أردت أن تكون من أهل الجنة فعليك بطاعة الله، وإياك والمعاصي، فإن المعاصي تمحق البركة من الأوقات والأقوات والأعمال والأعمار، وتجعل المتقدم متأخرا، وتجعل السعيد شقيا.
أسأل الله أن يغفر لي ولك، وأن يتوب علي وعليك، وأن يعينك على التخلص من هذه المعصية في القريب العاجل، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.