السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعاني من الإدمان على معصية، ألا وهي ترددي الدائم والمستمر على الشات والدردشة الكتابية، والله ما زادتني هذه المواقع إلا بؤسا، واكتئابا، وتركا للصلاة؛ لأني في بداية ترددي على الشات حاولت تركه ولم أستطع، فلجأت إلى الصلاة، ومع هذا لم أصل إلى نتيجة، خسرت رضا ربي، خنت ثقة أهلي، تراكمت علي دراستي؛ لأني طالبة جامعية، ومستوى تحصيلي كان جيدا في السنة الأولى، ولكنه تردى مع بداية هذه السنة.
أريد معرفة الوسائل لترك هذه المعصية العظيمة، ولأتوب وأرجع إلى الله؛ لأني أعلم أنه من ترك شيئا لله عوضه الله بأحسن منه، فأهلي يثقون بي ثقة عمياء، بحيث إنهم يتركونني على راحتي من غير مراقبة، وأغلب وقتي أقضيه بالشات، والآن أفضل الموت على حياتي الحالية، والتي ليس فيها أي نفع، فما الحل؟
اذكروا لي خطوات مفصلة، وبإذن الله سأطبقها.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ صمت حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله أن يصرف عنك كيد شياطين الإنس والجن، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يرزقك القدرة على التخلص من هذه المعاصي، وأن يجعلك من الصالحات القانتات الموفقات.
وبخصوص ما ورد برسالتك -ابنتي الكريمة الفاضلة- فأنا أولا أحمد الله أن الله تبارك وتعالى وفقك لمعرفة هذه المعصية وآثارها المترتبة عليها، وشرح صدرك أيضا للبحث عن حل مناسب لها في موقع إسلامي، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن فيك خيرا، وأنك تحبين الله ورسوله، رغم هذه المعصية التي تمارسينها، وتتألمين منها.
وبالنسبة لخطوات العلاج:
أول شيء: إذا كانت لك غرفة خاصة فأتمنى ألا تدخلي إلى الإنترنت إلا وباب الغرفة مفتوحا، هذا أول شيء.
الأمر الثاني: ألا تدخلي وألا تتصفحي الإنترنت في الأوقات المتأخرة، وإنما احرصي على أن تدخلي دائما في أوقات أهل البيت مستيقظون فيها، حتى يكون هناك نوع من الرادع لنفسك الأمارة بالسوء وللشيطان الذي يزين لك هذا الأمر.
الأمر الثالث: حاولي –إذا كانت الغرفة خاصة ولا يدخل إليك أحد باعتبار أنهم يثقون فيك كما ذكرت ثقة عمياء– فحاولي أن تخرجي الجهاز إلى مكان واضح، حتى يكون بمقدور أي أحد أن ينظر فيه، لأن هذه كلها عوامل معينة ومساعدة لك على عدم تضييع وقتك في هذه الأشياء.
هناك أمر أهم من ذلك كله وهو قرارك أنت، حتى ولو لم تخرجي الجهاز من الغرفة الخاصة فيبقى أنت صاحبة القرار، لأنك أولا أنت التي تعانين من آثار هذه المعصية، وهذا الكلام الذي ذكرته في رسالتك يدل دلالة قاطعة على أنك فعلا بدأت تعانين وتشعرين بالآثار المترتبة على ذلك، حيث إن علاقتك مع الله تبارك وتعالى أصبحت ليست كما ينبغي، مستواك التعليمي ومستوى التحصيل العلمي أصبح ضعيفا للغاية، نفسيتك وصدرك أصبح ضيقا، لا تتحملين شيئا، لا تشعرين بطعم الحياة الجميلة، أصبحت تتمنين الموت وتعتقدين أفضل مما أنت فيه.
كل هذه هي عبارة عن آثار للمعاصي وهذا شؤم المعصية كما ذكر أهل العلم، لذا أقول: لا بد من أخذ قرار قوي وشجاع بالتوقف نهائيا، أتمنى عندما تقرئين هذه الرسالة أن تقولي (اللهم أعني على ترك هذا الذنب من أجلك) وقولي (أنا قادرة على التوقف) قولي لنفسك هذا الكلام عشر مرات (أنا قادرة على التوقف عن هذه المعصية، أنا قادرة على التوقف عن هذه المعصية) حتى تعطي نفسك رسالة إيجابية بأنك -إن شاء الله تعالى- قادرة.
ثقي وتأكدي بأنك فعلا قادرة، لأنك أنت التي تدخلين لهذه المواقع بإرادتك، وأنت الوحيدة القادرة على ترك الدخول إلى هذه المواقع، لأن القرار –قرار الدخول– قرارك، فينبغي التوقف أو مقاطعة هذه المواقع؛ لأن الله تبارك وتعالى قال: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}، وهذا في وسعك أنت لأن الله تعالى يقول: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} والله سبحانه يقول: {فاتقوا الله ما استطعتم} وهذا في استطاعتك، لأنه قال: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون}، وهذا يدل على أن ما كلف الله به عباده هو مقدور عليه، في استطاعتهم وفي وسعهم.
فثقي وتأكدي أنك إذا لم تكوني جادة وراغبة بصدق فلن تتمكني أبدا من ترك هذه المعصية.
أنا ألاحظ فعلا من خلال رسالتك أن لديك قدرا كبيرا من الحرص على ترك هذه المعصية، وأتمنى أن يترجم هذا إلى واقع، فخذي قرارا –ابنتي الكريمة صمت– في أقرب وقت بمجرد قراءة الرسالة، وأوقفي ذلك، وقولي (اللهم أعني على ترك هذه المعصية، اللهم أعني على ترك هذه المعصية، وعلى ترك كل ما يغضبك وكل ما لا ترضى عنه) ثم قولي (أنا قادرة على ترك هذه المعصية حياء من الله، أنا قادرة على ترك هذه المعصية حياء من الله)، ثم قولي (اللهم أعني على ذلك ووفقني) وعليك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يعافيك، ثم أيضا متابعة النقط التي أشرت عليك بها، وبإذن الله تعالى سوف تتمكنين من ترك هذه المعصية، وتكونين في وضع أفضل مما كنت عليه بإذن الله تعالى.
أسأل الله لك التوفيق والسداد، هذا وبالله التوفيق.