السؤال
السلام عليكم
أمي لا تخرج لزيارة الناس منذ تسع سنوات، منهم الأقرباء، والجيران، كان ذلك بعد وفاة والدي، أي منذ 16 سنة، بدأت حالتها النفسية تزداد أكثر في هذه الفترة، وهي الآن تعاني من الوسواس القهري، والرهاب الاجتماعي، ومشاكل أخرى.
أمي لا تعترف بالمرض، لذلك لم تذهب للطبيب النفسي، الآن وبعد وفاة أخي منذ شهرين بدأت أمي تفكر في صلة الأرحام، علما أن لا أحد يزورنا من الأقرباء إلا نادرا، وفي زيارتهم كانت أحيانا تدخل في غرفتها، وتغلق الباب، وتدعني أنا ابنتها أقوم بمهمة استقبال الضيوف، والجلوس معهم.
كيف أساعد أمي على صلة أرحامنا بالتدريج، علما أننا نعاني من مشكلات اقتصادية كانت سببا في انطوائها، وأنا أبلغ من العمر 25 عاما، وغير متزوجة، وحالتي النفسية سيئة.
أفيدوني جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
جزاك الله خيرا باهتمامك بأمر والدتك، وهذا من وجهة نظري يجب أن يكون دافعا إيجابيا لأن تتحسن حالتك النفسية، يعني خدمة والدتك هي فرصة عظيمة لك بأن تبريها على أفضل وجه، وأن تكرميها، فإن إكرامها سوف يعود عليك إكراما من الله تعالى لك، وهذا سوف يعود عليك بنفع كبير، لأنك سوف تحسين بالرضا، وتحسين أنك قدمت عملا جيدا حتى وإن كان واجبا عليك.
أيتها الفاضلة الكريمة، كوني متفائلة، واسألي الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح، وأن يفتح عليكم الله تعالى أبواب الرزق لتتحسن أحوالكم الاقتصادية.
بالنسبة لوالدتك - حفظها الله -، هنالك احتمالات تشخيصية كثيرة، فربما تكون تعاني من اكتئاب نفسي مطبق، لذا انقطعت عن التفاعل الاجتماعي، ووفاة زوجها - عليه رحمة الله تعالى -، قد تكون أثرت عليها كثيرا، في ذات الوقت ربما يكون لديها نوع من الخوف الاجتماعي - كما تفضلت وذكرت -، وكذلك الوساوس.
لكن هل الانقطاع والانعزال الاجتماعي، افتقاد الفعالية، وافتقاد الدافعية لا بد أن يكون للاكتئاب دورا كبيرا فيه.
أيتها الفاضلة الكريمة، ساعدي والدتك، أنت الحمد لله الآن تسعين بكل جدية من أجل أن يتحسن تواصلها الاجتماعي، هذا سوف يفيدها كثيرا، وسوف يغير من نمط حياتها، وحتى الذين لا يزورنكم من الأهل والأرحام اذهبوا أنتم لزيارتهم، هذا فيه أجر عظيم بالنسبة لكم، وفي ذات الوقت سوف يعود على والدتك بنفع هائل، لأنها بالفعل سوف تكون كسرت حاجز الانعزال وانعتقت منه.
أنا أرى أن تحاولوا أن تعرضوها على طبيبة، طبيبة نفسية أفضل، لكن إن لم يكن ذلك ممكنا اذهبي بها إلى طبيبة المركز الصحي لتقوم بفحصها، الفحص الطبي مهم جدا، التأكد من نسبة الدم لديها، نسبة الدهنيات، السكر، وظائف الكبد، الكلى، مستوى فيتامين (ب)، مستوى فيتامين (د)، وظائف الغدة الدرقية... هذا كله مهم جدا، وأعتقد أن والدتك سوف تقتنع بأن تذهب وتقابل الطبيبة.
بعد ذلك يمكن أن يكتب لها أحد الأدوية المضادة للاكتئاب والمحسنة للمزاج، إذا اقتنعت الطبيبة أنها بالفعل تعاني من هذا الشيء، وبالمناسبة: معظم مضادات الاكتئاب هي نفسها مضادة للرهاب الاجتماعي وكذلك مضادة للوساوس القهرية، يعني دواء واحد مثل (بروزاك) مثلا، أو (لسترال) أو (زيروكسات) سيكون -بإذن الله تعالى- عاملا كبيرا في تحسنها.
حين تبدأ تناول الدواء لا بد أن يكون هناك التزاما قاطعا بتناول الجرعات في وقتها، وبالكيفية التي وصفت لها، وللمدة المطلوبة. هذا هو الأمر المهم ومفتاح النجاح بالنسبة للعلاج الدوائي حتى يؤدي فعاليته بصفة كاملة ويعود -إن شاء الله تعالى- عليها بالنفع.
مرة أخرى: بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.