السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشكلتي أنني أعاني من نتف شعري منذ أن كان عمري 16 عاما، وما زالت ملازمة على ذلك إلى الآن، وقد حاولت ترك هذه العادة، لكن سرعان ما أرجع لها، وكذلك قمت بمنع نفسي منها بوضع لاصق في أصابعي، وزيت على شعري، أو ألبس غطاء الرأس، وأحيانا أجعله مبلولا، هذه الأمور أنجح بها لفترة قصيرة، ثم أرجع للحالة مرة أخرى، وقدد مللت هذا الأمر، فأنا لا أستطيع أن أستمتع بحياتي ولا بشعري.
أنا لا أقوم بنتف شعري في فترة معينة، بل في أي وقت، وفي السنوات الأخيرة صرت ألاحظ أنني أشعر بالنسيان، وعدم التركيز، ولما بدأت بنتف شعري أصبت بكتمة في صدري، مع العلم أني لا أعاني من مرض في صدري، ولا أعاني من فقر الدم.
أفكر كثيرا، وأخطط لأمور مستقبلية، وهذا الشيء يعجبني، ولكني أحيانا أتعب، خاصة إذا أطلت الفكرة ولم أنفذها، وبعد عدة محاولات مع الأهل اقتنعوا وذهبوا بي إلى الطبيب النفسي، وهذا قريبا حصل، ووصف لي الطبيب (انتابرو) استخدمته لمدة 6 أشهر، وشعرت في الأسبوع الأول بأن التفكير قل عندي، ثم رجعت لما كنت عليه.
انتهت مدة العلاج الآن، ولم أحصل على نتيجة من العلاج، وأهلي يرفضون ذهابي مرة أخرى للطبيب، وأخبروني بأنني موسوسة، وأن العلاج لا يجدي معي نفعا، وطلبوا مني حلق شعري، وهذا صعب جدا علي، وقد حاولت بشتى الطرق ولكن دون فائدة.
قرأت في موقعكم عن أناس يعانون من نفس مشكلتي، ووصفتم لهم العلاج؛ فأتمنى أن يكون هنالك علاج دوائي، أما العلاج السلوكي فقد حاولت جاهدة فيه ولم أنجح.
نسيت أن أخبركم أمرا هو: أشعر بالخوف من الموت، ليس لانقطاعي عن الحياة بل من أجل الكتمة، رغم أني أعلم أن الميت لا يشعر بشيء، وأنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، وكذلك أخاف من ركوب الطائرة، حيث إنني لا أستوعب أنني داخل (كبسولة) رغم أنني كنت أركبها في السابق، أخاف أن تسقط بي، حرمت نفسي متعة الحياه بهذا الخوف، كذلك لا أستطيع أن أنام في البيت لوحدي حتى أقفل باب الغرفة علي، سواء كان الوقت ليلا أو نهارا.
أعتذر بشدة من طول الرسالة، لكني لم أجد من يسمع شكواي ويحسها، ولا يستهزئ بي، فأسأل الله أن يكتب الشفاء على أيديكم.
جزاكم الله خيرا على هذا الموقع.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مجمل شكواك تدل على أنك تعانين من قلق المخاوف في المقام الأول، يضاف إلى ذلك موضوع نتف الشعر، وهو مرتبط كثيرا بالقلق النفسي، لكنه قلق من نوع خاص، شخصه العلماء واعتبروه نوعا من الوساوس القهرية، إذا أنت تعانين من قلق المخاوف القهري، أي يوجد لديك جانب الوساوس، وهو نتف الشعر، ولديك مخاوف كثيرة تحدثت عنها، وهنالك قطعا قلق، الشعور بالكتمة في الصدر، التوترات قلق المخاوف؛ كلها مجتمعة لديك، وكلها -إن شاء الله تعالى- مرتبطة ببعضها البعض، أي أنت لا تعانين من أمراض متعددة، تعانين من حالة واحدة.
بالنسبة لتناول العلاج الدوائي أراه مهما جدا وضروريا جدا، والمواصلة مع الطبيب أيضا سوف تكون نافعة، ولا شك في ذلك، الدواء الأفضل عقار يعرف باسم (فافرين) ويسمى علميا (فلوفكسمين) وأنت تحتاجين أن تتناولي جرعة عالية نسبيا، البداية تكون بـ 50 مليجراما، يتم تناولها ليلا بعد الأكل لمدة 10 أيام، ثم بعد ذلك اجعليها 100 مليجراما ليلا لمدة شهر، ثم ترفعي الجرعة إلى 200 مليجراما.
هذه الجرعة ربما تفيدك كجرعة علاجية، فاستمري عليها لمدة شهرين أو ثلاثة، فإن استفدت منها أصبح هذا أمرا جيدا، وإن لم تستفيدي فارفعي الجرعة إلى 300 مليجراما يوميا، تناولي 100 في الصباح، و 200 ليلا، وهذه الجرعة القصوى والتي سوف تفيدك حتما بإذن الله تعالى، مع ضرورة الالتزام بتناول الدواء في موعده، وبالجرعة المطلوبة.
إن حدث التحسن على جرعة الـ 200 مليجراما يوميا استمري عليها لمدة عام، وهذه ليست مدة طويلة، بعد ذلك خفضيها إلى 100 مليجراما يوميا لمدة ستة أشهر، ثم 50 مليجراما يوميا لمدة ستة أشهر أخرى، ثم توقفي عن تناول الدواء.
أما إذا كانت الجرعة هي 300 مليجراما يوميا فاستمري عليها لمدة ستة أشهر، ثم اجعليها 200 مليجراما يوميا لمدة ستة أشهر أخرى، ثم 100 مليجراما يوميا لمدة ستة أشهر، ثم 50 مليجراما يوميا لمدة ستة أشهر، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء، هذا الدواء سليم وغير إدماني، وغير تعودي، لكن قطعا الإنسان قبل أن يتناول أي دواء لا بد أن يجري الفحوصات الطبية العامة؛ ليتأكد من وظائف الكلى، والكبد، ومستوى الدم، ومستوى السكر، ووظائف الغدة الدرقية، هذه تحوطات عامة أرجو أن تتبعيها.
النقطة الأخرى المهمة جدا وهي الخوف: يتم التعامل معه من خلال تحقيره، لا تقبلي الخوف كأمر مسلم به، لماذا تخافين؟ لا بد أن تطرحي هذه الأسئلة على نفسك، وتبدئي بعد ذلك في اقتحام الخوف، اقتحامه في الخيال من خلال تحقيره، واقتحامه في الواقع بفعل ما هو مضاد له، هذا سوف يسبب لك شيئا من القلق، لكن تدريجيا وبالاستمرار في التعرض والتعريض؛ سوف يبدأ بالانخفاض.
هنالك علاجات سلوكية لنتف الشعر سوف تساعدك، وانتهاج منهج وضع الزيت على الشعر، ووضع اللاصق، أو لبس غطاء الرأس، أو أن يكون الشعر مبلولا؛ هذه كلها محاولات لا بأس بها، لكنها محاولات تجنبية أكثر مما هي سلوكية معرفية، الوضع السلوكي المعرفي يتطلب أن تتأملي في هذا الفعل وتستنكريه مع نفسك، ثم بعد ذلك قومي بوضع يدك اليمين على شعرك، امسكي بين أصبعيك كتلة من الشعر، كأنك تودين نزعها أو نتفها، لا تقومي بذلك، بل اسحبي يدك فجأة، وقومي بضربها على سطح الطاولة بقوة وشدة حتى تحسين بالألم.
الهدف هو أن تربطي بين الرغبة في نزع الشعر ونتفه وإيقاع الألم على نفسك، تكرار الألم وبالصورة التي ذكرناها يضعف تماما الرغبة في النتف، وهذا التمرين يطبق خمس مرات متتالية بمعدل مرتين أو ثلاثة في اليوم، ويمكن أن تدخلي أشكالا جديدة من إيقاع الألم على نفسك، مثلا يمكن أن تضعي على يدك الرباط المطاطي الذي تربط به الأوراق المالية، وقومي بسحبه بقوة وشدة، وأنت تحاولين نتف شعرك، هذا أيضا نوع من الربط الشرطي ما بين الألم والنزعة نحو نتف الشعر كفعل وسواسي.
بعض الناس أيضا ننصحهم بأن يشم رائحة قبيحة مثلا، وفي ذات الوقت يحاول نتف الشعر دون أن يقوم بذلك، إذا الربط أيضا هنا يكون مع أحد المقززات أو المنفرات، وهي الرائحة القبيحة.
على ضوء ذلك -أيتها الفاضلة الكريمة- أرى أنك يمكن أن تقدمي لنفسك مساعدة كبيرة جدا، وتتخلصي من صعوباتك النفسية التي أوردتها، الالتزام التام بالتطبيق وتناول الدواء، وأن يكون لديك التوجه الإيجابي أو ما نسميه بإرادة الشفاء والتعافي؛ هذا كله ممتاز وجيد، ويساعدك كثيرا إن شاء الله تعالى.
أشكرك على التواصل مع إسلام ويب.