الوسواس القهري أشغل تفكري، ماذا أفعل؟

0 230

السؤال

أنا طالبة في الثالثة والعشرين من العمر، صنفت مرضي قبل الآن على أنه قلق المخاوف الوسواسية, تسوء الحالة عند الضغوطات، أو إذا جلست مع نفسي أفكر فيها وأتخوف منها لدرجة ظهور الأعراض الجسدية علي.

ذهبت إلى دكتورة نفسية، وأعطتني 3 أنواع من الأدوية منها: سبرالكس، وأعطتني نصائح سلوكية، مكثت فترة وأنا بخير، وكانت هناك مشاغل في حياتي أعتقد أنها خففت الأعراض.

لكن الآن هناك حالة تأتيني وهي الأصعب إلى الآن، وهي: أني عند قراءة أي مرض نفسي تصبح حالتي جحيما، وأن هذا المرض سيأتيني، وأسوء الأمراض هي الوسواس القهري.

عندما قرأت عنه أصبحت أتخيل أن هناك فكرة ستسيطر علي ولن أستطيع مواجهتها، وستقلب حياتي جحيما, وهذه الفكرة أصبحت تراودني ليلا ونهارا، وحرمتني من الأكل، ومن لذة الحياة، وكنت أعاني كثيرا.

أيضا كنت أضع فكرة سخيفة في رأسي وأريدها أن تسيطر علي بقوة، ولا أعرف ماذا سيحل بي؟

هناك أصعبها وهي: أني كلما أندمج قليلا في الحياة يأتيني وسواس يقول لي: أنت لست بخير، ويجب ألا تكوني سعيدة، ولا تنسي مرضك وهكذا، فيتقلص جسمي ويبدأ الضيق يحل بي، ويذهب اندماجي مع الناس والحياة، يعني أني أكون أضحك معهم هكذا فقط وأنا فكري مع الوسواس، وهذا شيء بشع ومتعب، وهكذا طوال اليوم.

هل هذا فعلا وسواس قهري، أم من المخاوف الوسواسية؟ علما بأنه كان لدي وسواس الخوف من الموت، أتناول حاليا اسيتالوبرام 10مجم لمدة شهر لكنه لم يأتي بنتيجة.

أرجو نصيحتك بشأن العلاج الدوائي والمدة، وأيضا العلاج السلوكي، هل وضعي خطير؟ وهل يمكن أن يزداد خطورة؛ لأني أصبحت متأكدة أني لن أعيش طبيعية بعد الآن، وسأظل في المعاناة هكذا، رغم أني أجاهد لتذهب عني الوساوس.

أيضا كما ذكرت هذه الأعراض قد تذهب فجأة عني، لذا أخاف أن أخذ العلاج مثلا لمدة سنة وتذهب عني في هذه السنة، ثم تأتيني بعد انتهائي من العلاج، لقد عرفت أن هذه النوبات تأتيني عندما أتذكرها، أو عند الضغوطات الشديدة، ماذا أفعل إذا جاءتني أحد هذه النوبات؟

وجزاك الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

قلق المخاوف الوسواسي حالة معروفة جدا، والإنسان من خلال الصلابة السلوكية والقناعة بأن هذه الحالة يمكن السيطرة عليها، وتحقير الفكرة، وعدم الاستجابة لها، أو الخوض في نقاشها، يستطيع أن يعيش حياة طيبة جدا دون وجل، أو خوف، أو إصابة بهذه الحالة.

أيتها الفاضلة الكريمة: تحليلاتك الوسواسية هي مشكلتك الكبرى، فلا تحللي الوسواس، حين تطرأ الفكرة في رأسك وتستحوذ عليك، وتلح من أجل أن تحلليها هنا قولي للفكرة: (أنت فكرة وسواسية حقيرة، أنت تحت قدمي، لن ألجأ لتفصيلك أو تفسيرك أو مجرد التفكير فيك) هذا الرفض، والذي يجب أن يكون بقوة وشدة وقناعة وجدية؛ هو أحد السبل التي تبني دفاعات نفسية مستديمة تحميك -إن شاء الله تعالى- من الوسواس، هذا أساس العلاج.

صرف الانتباه من خلال الانخراط في أنشطة أخرى، أنشطة مخالفة تماما لما يدور حوله الوسواس، هذا وجد أنه يساعد كثيرا، وتمارين الاسترخاء، والتمارين الرياضية، وحسن إدارة الوقت.

إذا الأمر يتطلب منهجية ونمط حياة يبنى على أسس جديدة، هذا قطعا يحميك -إن شاء الله تعالى- من الوسواس ومن الخوف، أو حتى القلق التوقعي الذي تحدثت عنه وأنت متخوفة حوله.

قولك: إن النوبات تأتي حين يتذكرها الإنسان، أو حين يكون تحت ضغوط شديدة، أنا أقول لك: إن كل الناس عرضة لبعض الانتكاسات، مهما كانت أحوالهم النفسية إذا كانوا تحت ضغوط شديدة وحدثت لهم هشاشة نفسية، لكن الإنسان لديه دفاعات إذا بناها بصورة صحيحة حتى وإن حدثت انتكاسة سوف تكون بسيطة وخفيفة، وتكون لديه الآليات التي يطرد من خلالها هذه الحالة ويعيش حياة سعيدة.

بالنسبة للعلاج الدوائي حتى تكون القاعدة العلاجية صحيحة: ارفعي جرعة السبرالكس إلى عشرين مليجراما يوميا، هذه هي الجرعة العلاجية، حتى إن بعض الأبحاث تشير الآن أن الجرعة الأفضل ثلاثين مليجراما، لكن أنا أعتقد أن عشرين مليجراما كافية تماما، وهذه يجب أن تستمري عليها لمدة ستة أشهر على الأقل.

بعد ذلك ارجعي إلى الجرعة الوقائية وهي عشرة مليجرام، وهذه يمكن أن تستمري عليها لمدة عام مثلا، ثم اخفضيها إلى خمسة مليجرام يوميا لمدة شهرين أو ثلاثة، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.

مواد ذات صلة

الاستشارات