السؤال
السلام عليكم
أنا أعاني كثيرا في حياتي الاجتماعية، وخاصة من مواجهة الآخرين، أي الخوف من المواقف التي تتطلب الحديث والنقاشات، وأكثر ما أعاني منه بالتحديد، هو أنه عند ما يطلب مني البدء بحديث معين، وفتح حديث مع الشخص الذي أمامي لا أعرف ماذا أقول, ولا أعرف كيف أفتح موضوعا معينا، حتى ولو كان بسيطا وموضوعا عاما، ويصيبني حينها خوف شديد ورهبة وضيق في النفس، وبعض الأحيان تلعثم وارتباك.
بينما إذا فتح الطرف الآخر الحديث معي، أنطلق بالحديث بدون خوف وتردد، وكأنني لم أحس بخوف قبلها، أي أن المشكلة في روح المبادرة.
عند ما أكون مدعوا لمناسبة معينة، أحسب لذلك اليوم، وأظل أفكر فيه، وطول الطريق أحس بحالة من الخوف والهلع من لا شيء سوى التفكير بأنني ذاهب إلى مكان يكون عدد الحاضرين فيه كثيرا.
لم أستطع التغلب على كل هذه المشاعر؛ لأنها قوية، وملازمة لي طول فترة حياتي، مع العلم أنني من النوع الخجول جدا منذ كنت صغيرا، واستمرت معي هذه الحالة إلى الآن.
في النهاية أقول: إنني أعاني من الرهبة والخوف من المبادرة، والخوف من المسؤولية، لا أعرف من أين يأتي هذا الخوف، علما أنني لا أعاني من أية أمراض مزمنة.
كيف أعالج هذه الحالة، خاصة وأنا الآن على أبواب الزواج، ولا يمكن أن تستمر معي هذه الأمور؟ هل الأدوية نافعة لي؟ وما هي أفضلها من حيث سرعة المفعول أو على الأقل تناولها عند الحاجة في أي موقف من المواقف الاجتماعية؟
سؤالي الأخير: هل الأدوية النفسية يؤثر تناولها بشكل متكرر على المدى البعيد في الحياة الزوجية أو الانتصاب والإخصاب؟
بارك الله فيكم على موقعكم, وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أنت تعاني من خوف اجتماعي من درجة بسيطة إلى متوسطة، وتتسم شخصيتك بسمات الخجل, وأعتقد أن لديك شيئا من الحياء, والحياء أمر طيب جدا، ومن أهم الأشياء والضروريات النفسية والسلوكية: أن تثق في قدراتك, وأن سلوكك هذا سوف يتغير، فهذا مهم جدا. الأمر الثاني: إن الإنسان يتطور ويتطبع ويرتقي بنفسه، وهذا هو التغير السلوكي الذي نريده في حالتك، لا بد أن تحقر فكرة الخوف والرهبة, وأنا أقول لك: إن قدراتك أفضل مما تتصور, وإن الآخرين لا يتحسسون أبدا من مخاوفك، ولا يشعرون بها.
ما وصفته بالتلعثم والارتباك، أنا أؤكد لك -أخي الكريم خالد- أنه شعور مبالغ فيه, شعور خاص بك, وأنت أحد صعوباتك ما نسميه بالقلق التوقعي, أنت تستبق فكرك الإيجابي بالقلق والتوتر وتبعات ما سوف يحدث حين تواجه الآخرين, هذا فكر خاطئ، يجب أن تحقره، ولا تعره اهتماما, هذه النقطة الأولى.
النقطة الثانية: لا بد أن تركز على برامج تأهيلية يومية مفيدة جدا:
أولا: احرص على الصلاة مع الجماعة في المسجد، هذا أفضل أنواع التعرض والتعريض لقهر الرهاب الاجتماعي.
ثانيا: مارس رياضة جماعية، مثل: كرة القدم مثلا مع مجموعة من الأصدقاء.
ثالثا: احرص على زيارة المرضى في المستشفيات, والمشي مع الجنائز، هذا -أخي الكريم- فيه خير كبير وآليات حقيقة لعلاج الرهاب الاجتماعي.
رابعا: أكثر من الزيارات للأصدقاء والأرحام, وشارك في مناسبات الأعراس والاحتفالات، هذا -يا أخي- كله تواصل اجتماعي ينمي شخصيتك ويطورها، ويكسر عندك الرهبة تماما.
إذا، هذه البرامج التي اتفقنا عليها, تغير الأفكار كما ذكرت لك، وهو أمر ضروري جدا، كذلك التدرب على تمارين الاسترخاء، وجدناه مفيدا جدا أيضا؛ لذا أعدت إسلام ويب استشارة تحت الرقم: (2136015)، أوضحنا فيها كيفية ممارسة هذه التمارين بصورة مختصرة ومبسطة جدا، فيا أخي الكريم، راجع تلك الاستشارة، وسوف تجد فيها -إن شاء الله تعالى- ما يفيدك، وعليك بالتطبيق.
بالنسبة للعلاج الدوائي: أنا أفضل أن تتناول الأدوية المفيدة، وليس الأدوية الإسعافية فقط، مثل عقار (زيروكسات)، والذي يعرف باسم (باروكستين)، وهو معروف جدا بفاعليته، والآثار الجنسية السلبية لهذا الدواء، أثير حولها الكثير, فهنالك حقائق، وهنالك إضافات ليست صحيحة, (الزيروكسات) قد يؤخر القذف المنوي قليلا عند بعض الرجال، وهذا يعتمد على الجرعة, فالجرعات الكبيرة ربما تؤدي إلى شيء من ضعف الرغبة الجنسية عند 5 إلى 10% من الرجال, وهذا لن يحدث لك أبدا؛ لأنك لا تحتاج إلى جرعة كبيرة, ابدأ بتناول (الزيروكسات) بجرعة 10 مليجرام، أي نصف حبة يوميا لمدة 10 أيام, بعد ذلك اجعلها حبة كاملة، واستمر عليها لمدة 6 أشهر, ثم اجعلها نصف حبة يوميا لمدة شهر, ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر, ثم توقف عن تناول الدواء.
هنالك دواء إسعافي جيد جدا، يعرف باسم (إندرال), هذا الدواء يقلل كثيرا من الآثار الفسيولوجية المصاحبة للمخاوف, وهي التلعثم والارتباك والرعشة وتسارع ضربات القلب, جرعة (الإندرال) المطلوبة، هي 10 مليجرام صباحا ومساء لمدة شهر, ثم 10 مليجرام صباحا لمدة شهرين, ثم يمكنك التوقف عن تناوله. علما أن (الإندرال) ليس من الأدوية المرغوب تناولها بالنسبة للذين يعانون من الربو.
أخي الفاضل، أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد, وأن يتم الزواج على خير, الزواج فيه الرحمة والسكينة والمودة، فانظر إليه كحدث جميل، حيث إن النظرة الإيجابية التفاؤلية تجعل الإنسان في مزاج نفسي إيجابي وجيد.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.