السؤال
السلام عليكم
مشكلتي: أنني أعاني من وسواس قهري في النظافة، بمعنى أنني أغسل يدي كثيرا، وأغسل ملابسي بنفسي، ولا أسمح لأحد أن يلمس سريري وملابسي، وأتضايق لو مر أحد ويده مبللة، (أنقرف) منه، ولا بد أن يجففها.
أنا أريد أن أغير نفسي، في البيت يوجهون لي كلاما سلبيا، فمنهم من يقول: إنني مريضة، وكلاما يتعب أعصابي، وأنا أريد أن أتغير للأحسن، وأعاني من هذا الموضوع منذ خمس سنوات.
في صغري تعرضت للاغتصاب والتحرش من أقاربي، وكنت أعتقد أنه أمر عادي، ولم أكن أفهم، لأنهم أفهموني أنه أمر عادي، وربما هذا الأمر هو سبب الوسواس، أتمنى أنكم تفيدوني، وتخبروني عن العلاج، وكيف أبدأ فيه؟ لأن نفسيتي تتعب بسبب أهلي الذين يتكلمون عند أقاربي عن مشكلتي، وكيف أنني (أنقرف) وأستخدم الصابون وغير ذلك، مما يشعرني بالضيق.
هناك من يحضر من أقاربنا لزيارتنا ويتعمد أن يلمس كوبي الخاص، ثم يقول: هذا الكوب لك؟ أمسكته بالخطأ، طبعا لن تشربي به مرة أخرى طالما مسكته، ومن هذه التصرفات الكثير؛ مما يؤثر على نفسيتي، ويشعرني بالمرض.
أنا في مجتمع لا يفهم في الطب النفسي، وكان المفروض على أهلي أن يعالجونني بدلا من أن يتكلموا عني أمام الناس -سامحهم الله-، ويقولون: لو تقدم لك خاطب سنخبره عن حالتك، وأنا خائفة أن يتراجع لو علم بأمري.
أريد حلا عمليا، ليتكم تخبروني كيف أتعامل مع الناس الذين يتكلمون عني؟ كما أن لا يوجد طبيب نفسي في البلد التي أسكنها، فأريد أن أعرف هل يمكنني الذهاب إلى طبيب مخ وأعصاب لفحص حالتي؟
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سالي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
أيتها الفاضلة الكريمة: موضوع التحرش الذي حدث لك قطعا نأسف له كثيرا، لكن هذا الموضوع قد انتهى ويجب أن تتجاوزيه، وأنت الآن عندك القدرة الكاملة لأن تحمي نفسك، وهذا الامتهان والإساءة التي حدثت لك أريد أن يكون حافزا لك لتكوني صاحبة شخصية قوية، وأخلاق رفيعة، والالتزام بالدين، ومساعدة الضعفاء، هذا -أيتها الفاضلة الكريمة- يعطيك شعورا بالرضا، لا بد أن يكون هذا منهجك، وأنا على ثقة أنك قادرة على ذلك -بإذن الله تعالى-، وسلاح العلم والدين هما الأهم، هذه نصيحة من والد يجب أن تأخذيها، والطريق واضح، والأهداف يجب أن تكون واضحة والآليات التي توصلك إلى الأهداف متاحة وموجودة، حباك الله تعالى بالطاقات العظيمة في هذا العمر الجميل، فاستفيدي منها.
بالنسبة لموضوع الوساوس القهري: أبشرك -أيتها الفاضلة الكريمة- أن هذا النوع من الوساوس يعالج، وساوس الخوف من الأوساخ معروف جدا، أريدك أن تطبقي تمارين بسيطة خذيها بجدية، اجلسي على الكرسي ضعي يدك في أسفل حذاءك ثم قومي بمسحها مع أسفل الحذاء بشدة، لا تأخذي كلامي هذا باستخفاف، كلامي هذا كلاما علميا وسوف يفيدك كثيرا إذا طبقتيه.
قطعا ملامسة اليد مع أسفل الحذاء والذي يحمل القاذورات سوف يجعلك تتقززين، نعم أنا أريد هذا التقزز؛ لأنه جوهر العلاج، بعد ذلك وبعد أن تكون يدك ملتصقة بأسفل الحذاء لمدة ثلاث دقائق، ضعي يديك الاثنتين مع بعضهما البعض وامسحي بهما حتى تنتقل الأوساخ لليد الأخرى، وبعد ذلك اجلسي لمدة خمس دقائق ثم ضعي ماء في كوب صغير، واعرفي أن هذا الماء المتاح لك للغسيل وليس هنالك ماء آخر، لا تغسلي يديك من ماء الصنبور فترة الخمس دقائق، وعلى يديك الأوساخ مهمة جدا، بعد ذلك اغسلي يديك بهذا الماء المتاح، وهو ماء بسيط لا يزيد ولا يكفي لأكثر من غسل اليدين.
هذه التمارين تطبق يوميا صباحا ومساء لمدة ثلاثة أيام، بعد ذلك ضعي يديك الاثنتين في سلة النفايات، في سلة الأوساخ، وأنت إذا عجزت عن ذلك اسألي والدتك أو أختك أن تساعدك، وأن تعاونك، وأن تقوم بمسك يديك ووضعها في سلة الأوساخ، أنا أقوم بتطبيق ذلك في مكتبي صدقيني، إن هذا علاج، وعلاج عظيم جدا -أيتها الابنة الكريمة-، أن تبقى اليدين لمدة خمس دقائق في سلة الأوساخ، بعد ذلك انظري إليهما، تمعني ثم قومي بغسلهما بكمية من الماء بسيطة وهكذا.
اكتبي وساوسك في ورقة وتعاملي معها بنفس المنهج الذي ذكرته لك بالتدريج، وسوف تذهب، حتى يسهل عليك أمر التطبيق السلوكي أريدك أن تتناولي أحد الأدوية، اذهبي للطبيبة وحتى للصيدلي بعد استئذان أهلك، والدواء الأمثل والذي سوف يفيدك هو عقار فافرين، دواء رائع جدا، ابدئي في تناوله بجرعة 50 مليجرام ليلا لمدة 10 أيام ثم اجعليها 100 مليجرام ليلا لمدة شهر ثم 200 مليجرام ليلا، وهذه الجرعة العلاجية تستمرين عليها لمدة أربعة أشهر ثم اجعليها 100 مليجرام ليلا لمدة ستة أشهر ثم 50 مليجرام ليلا لمدة شهرين ثم 50 مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء، الفافرين والذي يعرف باسم الفلوفكسمين من أجمل وأفضل مضادات الوساوس، كما أنه يحسن المزاج ويزيل الاكتئاب ويزيل -إن شاء الله تعالى- القلق والتوتر.
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.